الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اختلفنا أنا وزوجي في تسمية المولود، فمن أحق به؟

السؤال

السلام عليكم.
إنني في مشكلة من أمري، وهي إصرار زوجي على تسمية ابننا القادم على اسم أبيه، وأنا معارضة على الاسم؛ لأنه اسم غريب جداً، ولا يصلح لاسم أبدا! وهو اسم خشان، فهل جائز أو مقبول التسمية بهذا الاسم؟

مع أن الرسول الكريم وصانا على أن اختيار الاسم الحسن حق على الوالد لابنه. أرجو إيجاد الحل لي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rehab حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على رسولنا المصطفى، ورضي الله عن أصحابه الذين ارتضى.

فإننا بداية نهنأ ابنتنا على هذا المولود، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك لهم فيه، أو أن يكمل لها هذا الحمل على خير، وأن يقر عينها بصلاح هذا الولد، وصلاح أبيه وبصلاح الذرية، فإن صلاح الذرية أمنية غالية لعباد الله المرسلين، قال الله على لسان خليله إبراهيم: {رب هب لي من الصالحين} وقال على لسان عبده ونبيه زكريا: {رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء} وقال على لسان عباده الصالحين والأخيار: {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا} فنسأل الله أن يصلح لكم هذا الولد، وأن يصلحكم جميعًا. هذا هو الأمر الهام الذي ينبغي أن تهتموا به.

أما بالنسبة لتسمية المولود القادم، فنحن نتمنى أن لا تكون مادة خلاف، وأن لا تكون مكانًا للصراع بينك وبين الزوج، وأرجو أن تعلمي أن تسمية المولود الأحق بها هو هذا الأب، وهذا الاسم المذكور اسم متداول وهو اسم لبعض العلماء أيضًا، وبعض الفضلاء الذين عرفناهم، وإذا كان هو اسم لوالده فلا أظن أن هناك حرجا في تسمية هذا الاسم، ولا تظهر لنا نوع من المخالفة في هذا الاسم الذي يريد أن يسميه لولده، فهو ليس في معناه محظور شرعي، وليس فيه تسمية لحيوان، أو ليس فيه ما يدل على مدح أو ثناء، وليس فيه ما يدل على خلل في الناحية العقدية، فأعتقد أن الأمور أيسر مما يحصل عندك، ولا أظن أن في المسألة إشكال.

ومع ذلك فنحن ندعوك أن تتعاملي مع الوضع بالحكمة، أن تلاطفيه، تحاولي أن تقنعيه، تحاولي أن تطرحي له بدائل، ينتقل من اسم الأب إلى اسم الجد أو اسم بعض إخوانه، يعني يحاول، لكن إذا أصر على أن يسمي باسم الوالد فأرجو أن لا تقفي في طريقه، أرجو أن لا تجعلي هذه المسألة سببا للنفور بينك وبين زوجك، بل قد تتسع الدائرة، فقد يصل النفور إلى أهل الزوج، خاصة إذا شعروا أنك رافضة لهذا الاسم، فهذا لا يخلو من الإساءة، هكذا سيفهم الناس، يفهم الناس أنك رافضة لهم وليست رافضة لمجرد هذا الاسم الغريب الذي ربما لا يناسب أجيالنا وأطفالنا في هذا الزمان، من وجهة نظرهم، فالأمور لن تُفهم بهذه الطريقة، فأرجو أن يكون التنازل منك، أن تحتكمي إلى العقل، وأن تحاولي أن تضعي الأمور بمنتهى الحكمة، ولا شك أن النبي - صلى الله عليه وسلم – أوصانا باختيار الاسم الحسن والاسم المقبول، والبيئة عندكم والبيئة في البلاد العربية تقبل مثل هذه الأسماء، وهي موجودة، بل هناك أسماء شبيهة لأسماء علماء وفضلاء لهم وضع في مجتمعاتهم، لم يتأثروا بتلك الأسماء رغم أن هناك ما هو أحسن منها من الأسماء.

لذلك ينبغي أن تأخذ المسألة حجمها الحقيقي، ولا تعطي الموضوع أكبر من حجمه، ولا تجعلي هذا سببًا لتوتر بينكم في مولود أنتم تنتظرونه، ونحن نتمنى أن لا يستقبل هذا المولود بالخصام وأن لا يستقبل بهذه الطريقة، فتعاونوا في هذا الأمر، وتشاوري مع زوجك، واجتهدي في النصح له، ولا مانع من أن تطلبي من الفضلاء أن يحاوره وأن يناقشوه في هذه المسألة، لكن في النهاية كما قلنا إذا أصر وثبت على هذا الاسم ورفض أن يسمي ابنه إلا باسم الوالد فينبغي أن يترك له، لأنه أيضًا هناك ضغوط اجتماعية والمجتمع له رأي في هذه المسألة، وجود الناس، البيئة التي فيها، ليس من مصلحة الزوج أن يخالف ما يكون عليه الناس، إذا كان الناس اعتادوا أن يتسمى أول المولود باسم الوالد والثاني باسم الأخ الأكبر والثالث باسم الأم والرابع باسم الأخ الثاني، وهكذا يشمون في هذا التدرج، فأرجو أن لا تقفي في طريقه، لأنه يصعب عليك وعليه مصادمة هذه الأشياء التي اعتاد الناس السير عليها، ونحن لا نمانع لأنه ليس هناك مصادمة واضحة في المعاني الشرعية في هذه المسألة.

ولو فرضنا أن هذا الولد كبر بعد ذلك ووجد حرجًا في هذا الاسم فهناك وسائل شرعية لتغيير الأسماء في المحاكم، وهذا قد يكون في وقت تنتهي فيه المقاصد المطلوبة، وهذا أيضًا يوجد، وهناك من يغير اسمه، ولا مانع في ذلك من الناحية الشرعية، فالنبي - صلى الله عليه وسلم – كان يغير الأسماء القبيحة، لكن تغيير النبي - صلى الله عليه وسلم – للأسماء كان مبنيًا على وجود تزكية أو مخالفة شرعية أو تعبيد لغير الله تبارك وتعالى أو لأنه على اسم حيوان، أو شيء من هذه الأشياء التي لا تليق بهذا الإنسان الذي كرمه الله تبارك وتعالى.

إذن الوضع ينبغي أن تتعاملي معه بمنتهى الهدوء، وننصحك وأنت في الأيام الأخيرة من الحمل أن لا تتوتري، لأن هذه أغلى الشهور وأهم الشهور في حياة هذا المولود، فأخطر شهور هي الثلاث أشهر الأخيرة التي تكتمل فيها قوى المناعة بالنسبة للطفل وتكتمل فيها معظم القوى العقلية، وهو يتضرر جدًّا بتوتر الأم وانزعاجها وخصامها مع زوجها، ونسأل الله أن يجمع بينك وبين زوجك على خير، وأن يُخرج هذا المولود سليمًا معافىً، وأن يقر أعينكم بصلاحه وصلاته وفلاحه، هذه هي الأمور المهمة، ونسأل الله تعالى أن يصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يلهمنا جميعًا السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

أكرر شكري لك لتواصلك مع الموقع، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يسمعك خيرًا، وأن يجعل الوفاق والحب والود هو الذي يسود بينك وبين زوجك، أسعدكم الله بطاعته وجمعكم الله جميعًا مع رسولنا في جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين، وجزاك الله خيرًا على الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يسهل الأمور.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً