الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعراض القلق النفسي منعتني حتى من الحج والعمرة، أفيدوني.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا سيدة متزوجة وعندي أبناء -ولله الحمد- أعاني منذ سنوات عديدة من ضيق تنفس، مع أني فحصت نفسي وعملت تخطيطا وأشعة للقلب، وهذا منذ ثمان سنوات، وقالت لي الطبيبة أني سليمة مع وجود دقات قلب سريعة، وأمرتني بنسيانها وأن أراجع طبيبا نفسيا.

بدأت رحلة العلاج الطويلة والتي لم تنتهي إلى اليوم، حيث أن الطبيب النفسي شخص مرضي على أنه قلق واكتئاب، وكتب لي سيروكسات وأخذته بالتدريج المطلوب، وكان التحسن بسيطا، ثم دعمته بدواء آخر وهو الفولنكسو.

استمريت على حبتين من السيروكسات وحبتين فلونكسول لمدة ثلاث أشهر، وكان التحسن جيد جدا، بعد ذلك أمرني طبيبي أن استمر فقط على حبتين سيروكسات، وتدرج معي حتى وصلت لحبة سيروكسات، واستمريت عليها لمدة سنتين، لم يكن التحسن فيها كما كان في السابق، وحدث في تلك الفترة حمل؛ فأمرني طبيبي بترك السيروكسات.

مرت علي الأربع شهور الأولى من الحمل وكأني أحتضر من ضيق التنفس، وبعد ذلك رجعت لتناول حبة من السيروكسات، واستمريت عليها إلى أن أنجبت طفلي، وبسبب تناولها لم أرضع طفلي طبيعا، واكتشفت بعد ذلك خمولا في الغدة، فقال لي طبيبي أنني بعد أخذ علاج الغدة لن أحتاج للسيروكسات، وسأتحسن كثيرا.

والآن -يا دكتور- لي قرابة الأربع سنوات لم أراجع طبيبي النفسي, ولكني مستمرة على علاجي، وهو حبة من السيروكسات مع علاج الغدة أيضا، وحالتي الصحية كالآتي:

أغلب الأيام أعاني من ضيق التنفس مع تفاوت شدتة من يوم لآخر، خمول وكسل، آلام في الرقبة وأعلى الكتف الأيسر، لم أستطع بسبب هذه الكتمة السفر حتى لمكة المكرمة، مع أنها تبعد عن مدينتي قرابة 400 كيلو متر، أهملت نفسي وزوجي وأولادي، لا أشعر بالكآبة إلا من ضيق التنفس، فأنا حزينة لأني لا أستطيع العمرة والحج ولا التنزه؛ من أجل أبنائي.

أرجوك يا دكتور ما هي حالتي، ولماذا لا أتحسن؟ مع أني أتناول الأدوية النفسية منذ ثمان سنين.

أعذرني يا دكتور على طول رسالتي، وأرجو من الكل الدعاء لي بالشفاء من هذا البلاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم أمجد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فكل المؤشرات تشير أن سبب ضيق التنفس -هذا الذي تعانين منه- ناتج من قلق نفسي، والعلاقة معروفة جدًّا بين الشعور بضيق التنفس والقلق النفسي، والسبب في ذلك أن التوتر النفسي الداخلي حتى وإن كان بسيطًا يؤدي إلى انقباضات في بعض أعضاء الجسم، وعضلات الصدر هي من أكثر العضلات تأثرًا بحدوث هذا الانقباض الذي ينشأ من القلق.

أنت قمتِ بالإجراء الصحيح، وهو التأكد من سلامتك الجسدية، واستجابتك للزيروكسات كانت جيدة، واكتشاف عجز الغدة الدرقية أعتقد أنها إضافة إيجابية جدًّا، لأن تناول عقار (السيروكسن) لتنشيط الغدة الدرقية يعتبر أمرًا أساسيًا.

الآن أنت تعانين من الكسل -كما ذكرت- وافتقاد الدافعية وآلام جسدية. أعتقد أنه من الأفضل أن تعيدي الفحوصات مرة أخرى، وفي هذه المرة اطلبي فحصا للتأكد من مستوى فيتامين دال، لأن نقص هذا الفيتامين قد يؤدي أيضًا إلى الخمول والكسل والآلام الجسدية، وهو شائع جدًّا في منطقة الخليج. وإن اكتُشف أنه يوجد نقص في فيتامين دال فالعلاج سهل جدًّا، وهو أن يتم إعطاءك الدواء المطلوب، وهو تناول خمسين ألف وحدة -أي كبسولة واحدة- من فيتامين دي أسبوعيًا لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر.

من شروط التحسن النفسي هو التفكير الإيجابي: أنت ذكرت أنك لم تتحسني مع تناولك للأدوية النفسية. أنا أرى أنه توجد درجة تحسن، لكن لم تصلي إلى مبتغاك، ربما يكون من التفكير السلبي الذي يسيطر عليك. فتفكري وتأملي في الأشياء الطيبة في الحياة، الأمور الإيجابية -وهي -إن شاءَ الله تعالى- لديك كثيرة- من المهم جدًّا أن تطبقي أيضًا تمارين الاسترخاء، هذه التمارين -خاصة تمارين التنفس المتدرج- لها فعالية خاصة في علاج ضيق التنفس ذو المنشأ النفسي، فاحرصي على تطبيق هذه التمارين، وإليك بعض الاستشارات التي تبين لك كيفية تطبيق هذه التمارين، وهي برقم (2136015).

عدم تمكنك من السفر إلى مكة: هذا خطأ، لماذا تحكمي على نفسك بشعورك السلبي، يجب أن تكوني متشوقة وتوّاقة لزيارة البيت الحرام، واشرعي مباشرة في إجراءات السفر وسافري مع زوجك، ليس هنالك ما يمنعك أبدًا، هذا قرار بسيط جدًّا واتخاذه ليس بالصعب وكذلك تنفيذه. لا أعتقد أن علتك للدرجة التي تعطلك أبدًا من أخذ هذه المبادرة. الإنسان حين يلبس نفسه ثوب عدم الاستطاعة لن يستطيع، لكن إذا رفض الفكر السلبي التلقائي ودفع نفسه -ويمكن أن يكون هذا تدرجًا- سوف يجد أن الأمور طيبة وممتازة جدًّا.

عقار زيروكسات دواء مفيد وجيد، ويفضل أيضًا أن تراجعي الطبيب النفسي مرة أخرى، لمناقشة أمر الدواء معه، فربما يفضل الطبيب أن ينقلك إلى دواء آخر بالرغم من فعالية الزيروكسات، لكن يظهر أن الأمور قد وصلت لمرحلة قد يكون فيها الدواء افتقد فعاليته -هذا نادرًا ما يحدث- لكن هنالك بعض الحالات التي تتطلب تغيير العلاج، وأن يُنقل الإنسان إلى دواء آخر مثل السيمبالتا أو الإفكسر مثلاً.

لا تُقدمي على هذه الخطوة، هي مجرد مقترح، ولا أعني أبدًا أن أعيب الزيروكسات، فأنا كثيرًا ما أصفه للناس، لكن إن رأيت أن الأمور غير متقدمة معك فهنا أعتقد أن تغيير الدواء يعتبر أمرًا حتميًا، وذلك بجانب ضرورة التطبيقات السلوكية التي ذكرناها، وأهم ما فيها هي التفكير الإيجابي، والتخلص من الفكر التلقائي السلبي، وأخذ المبادرات الإيجابية، وتغيير نمط الحياة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية راجية المولى

    شفاك الله نفس الحاله

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً