الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من مخاوف كثيرة، فكيف أتخلص منها وأعيش حياة طبيعية؟

السؤال

السلام عليكم

سئمت من تكرارهم لنفس الكلمات على مسمعي، يقولون كنتِ (مرحة جداً) في طفولتك، كنت تعبيراً عن كلمة (حياة)، والآن لا أنا أشعر بأني حية ولا أشعر أصلاً بأني أحيا، أشعر بأني كبيرة جداً وأن جسدي هذا ليس لقلبي المثقل، أشعر بأن روحي ليست لهذا الجسد، وأن عمري شيء مختلف عن عمري الحالي، أنا الآن أتممت الـ 21 سنة، لا أدري إن كان مرضاً نفسياً أو متى بدأ بالضبط ؟ لكني أعاني منه بالتدريج منذ قرابة الــ 5 سنوات، أصبحت أتحجج بأن الأماكن متشابهة، وأنني أكره الأماكن المغلقة.

فأصبحت لا أخرج من المنزل أبداً إلى أن اضطررت اضطراراً مكرهة تماماً, بالرغم من أنني أختنق في البيت، وبالرغم من أن الوحدة تحاصرني، فأنا فتاة وحيدة، بيتنا دائماً في حالة هدوء مميت، إلا أني أخاف من العالم، أخاف من أن تخطو قدمي خطوة واحدة خارج المنزل، قلبي يرتعش وأصاب بالغثيان، وأقلق، ويداي ترتجف، وريقي يجف إن خرجت من المنزل، وعندما أكون في مكان ما على سبيل المثال مشفى ويتم سؤالي عن معلوماتي الشخصية (عمري، اسمي، حالتي الاجتماعية ) أحياناً أنسى اسمي أو أي معلومة عني، حتى إني لا أتحدث مع الغرباء كالطبيب أو البائع في السوق، إلا نادراً وأترك غالباً شخصاً ما يتحدث عني.

أخاف من الناس ولا أجد متعة في مقابلتهم، أريد أن أنام لأطول وقت ممكن, ودائماً تؤرقني الكوابيس، أحياناً من شدة الضغط النفسي أريد أن أصرخ صرخة عالية، أو أريد تحطيم أي شيء، لكني لا أفعل! عندما أفعل شيئاً جيداً أو شيئاً سيئاً، عندما أقول كلاماً أو أتصرف تصرفاً لابد أن أفكر به 1000 مرة، هل هو صح أم خطأ؟ هل وهل وهل .. تنهال علي أسئلة كثيرة لا أثق في أجوبتها، أنا في جحيم حقيقي لقد تركت مدرستي، وتركت العالم الخارجي، أصبحت مرتبطة مع الوحدة، لا أجد المتعة في أي شيء كان، أشعر بأني امرأة آلية أقوم بمهام المنزل دون متعة.

لا أجد متعة في شيء أبداً، أهملت صحتي أمرض وبشدة ولا أذهب للطبيب مهما كنت أعاني لدرجة أني عندما أسافر لأخوتي في بلد آخر لا يتحرك في داخلي شيء، أشعر بأني ممثلة، وأن هناك من يراقبني، أخاف من قول أي شيء، أخاف من ردة فعل الآخرين كثيراً، لا أهتم بالزواج أو التنزه أو الدراسة، لا أفكر سوى في الموت, وأشعر بأني متبلدة الإحساس، أحياناً أشعر بأني مغيبة في غير وعيي، أقول أشياء لا أريد قولها، أو أشعر بأن الأشياء التي تحدث ليست حقيقية وكأنها خيال، وأحياناً تحدث بعض المواقف أشعر بأنها مكررة، وأني رأيتها، وأنها قد حدثت مرة من المرات، ولكن لا أتذكر هل هي حقيقة أم لا.

أستيقظ أحياناً من النوم وأتساءل هل أنا حقيقية أم في غيبوبة! وهل الآخرون يشعرون بما أشعر! بمعنى هل لديهم إحساس مثلي! أنا إنسانة أصدم كثيراً بالأفعال السيئة لمن حولي، فيما مضى كنت أتوقع الأفضل وأخلق الأعذار لهم، أما الآن أصبحت أتوقع الشيء السيء من الآخرين.

أنا أخاف من مخالطة أو محادثة الناس بشكل عام، وبشكل خاص جداً ومبالغ به أخاف من الرجال كثيراً، حتى عندما أقابل قريباً لي لا أفتح فمي في وجوده، أستطيع البقاء في المنزل 3 سنوات متواصلة دون الخروج، ودون التواصل مع البشر, حتى أنني لا أتجرأ على الذهاب لطبيب، أو طبيبة نفسية لكي أقول ما قلته هنا، ما الحل؟ وماذا أفعل ؟ وما هي مشكلتي أصلاً؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Reem حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

رسالتك واضحة جداً وقد تكونين وفقت بفضل الله تعالى أن تلخصي أعراضك في جزئيات كلها تشير إلى حجم المعاناة التي تعانين منه، وأنا أقول لك أن كل الذي تعانين منه يشير إلى أنك تعانين مما يسمى بقلق المخاوف، وهذه المخاوف قد تأخذ صوراً متعددة بعضها مخاوف بسيطة، كمخاوف الوحدة، ومخاوف الأماكن المغلقة، وشيء من الخوف الاجتماعي، والمخاوف حين تكون مجزأة على هذه الشاكلة تنتهي وتكون مخاوف مركبة، وهذا يتولد عنه وسواس ويحس الإنسان بالفعل أنه افتقدت الكفاءة النفسية.

وهذا كله يؤدي إلى ما نسميه بالاكتئاب الثانوي البسيط، وعلى ضوء ما سبق سرده أٌقول لك حسب المعايير التشخيصية أنك تعانين من قلق المخاوف.

إذن هذه هي الحالة بالرغم من مما تسببه لك من آلام وجراحات نفسية إلا إنها تعتبر من الحالات النفسية البسيطة، والحلول التي أود أن اقترحها لك هي كالآتي:

- في تعاملك مع الآخرين انطلقي دائماً من مبدأ حسن الظن، وفي ذات الوقت لا تحاولي دائماً أن تفرضي منظومتك القيمية عليهم، وفي ذات الوقت تتقبلي تصرفاتهم مادامت هي في حدود المعقول حتى وإن تصادمت مع مشاعرك، ومن خلال ذلك تستطيعين أن تحفزي نفسك بصورة إيجابية.

- عليك بتغيير نمط حياتك، فأنت في بدايات سن الشباب وهذه المرحلة العمرية فيها الكثير من الطاقات النفسية والجسدية، وبالرغم من أنها في بداياتها وسوف تصل إلى ذروتها إن شاء الله تعالى، فالاستفادة من هذه الطاقات ضروري.

- التكوين الفكري والوجداني من مهارات الإنسان، فعليك أن تكثري من الاطلاع وأن تديري وقتك بصورة صحيحة، وأن تكون لك رفقة طيبة، وأن تكون لك برامج حقيقية، هذه البرامج تديري من خلالها حياتك وتضعي لنفسك الطريق والرؤيا الصحيحة التي توصلك إلى ما تبتغينه من أماني بإذن الله تعالى.

- العلاج الدوائي أرى أنه مهم وضروري، ودراسات كثيرة جداً حملت لنا بشريات ممتازة باستجابة الناس للعلاج الدوائي في حالة القلق والمخاوف وكذلك والوساوس هي استجابة عالية جداً خاصة إذا كان هنالك التزام قاطع بتناول الدواء حسب ما هو موصوف مع الالتزام بالجرعة المطلوبة، وكذلك المدة الزمنية، وبفضل من الله تعالى الأدوية الموجودة الآن سليمة وسليمة جداً، وأنت في حاجة إلى علاج دوائي بسيط.

فأرجو أن تلتزمي بالتوجيهات الخاصة بتناوله، وأسأل الله أن ينفعك به، والدواء يعرف باسم زولفت (Zoloft )، وأيضاً اسمه لسترال Lustral، واسمه العلمي هو سيرترالين Sertraline، الجرعة هي أن تبدئي بنصف حبة أي (25) مليجراما يتم تناولها ليلاً لمدة عشرين يوماً، بعد ذلك ترفع إلى حبة كاملة (50) مليجراما يتم تناولها لمدة أربعة أشهر، ثم تخفض إلى (25) مليجراما أي نصف حبة يتم تناولها ليلاً لمدة شهرين، ثم نصف حبة يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.

نسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد، ونشكرك كثيراً على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا اية رضا عيد

    حلو

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً