الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اختلاف والديّ وخسارة تجارتي أثر على نفسيتي؛ كيف أبني ذاتي؟

السؤال

السلام عليكم

مشكلتي بدأت من الصغر مع والدي ووالدتي, فهما على النقيض دائمًا, فأبي رجل متعلم, وأمي امرأة أمية, تتضارب آراؤهم, وهذا أدى إلى زعزعة في حياتي, لم أكن يومًا هانئًا بحياتي, لم أستطع أن أحقق ذاتي يومًا, أردت لنفسي مستقبلاً مشرقًا, لم يمنعني عن تحقيقه إلا سلطتهم المفككة المتضاربة, لم أكمل دراستي الجامعية, إنما درست أربع سنوات في مجال برمجة الحاسوب, وحينما كبرت أراد والدي أن يؤسس عملاً لنا, يكون حائط الأمان لأسرتنا ولمستقبلنا, فجعل كل مدخراته في شركة تعمل في مجال الاتصالات, وكنت أنا وأخي عمادها, وبما أن العالم العربي مليء باللصوص, وبيئة غير خصبة لأي إتقان, وأعداء النجاح فيه كثر, فشل عملنا, وسُرِقنا وضاع كل شيء.

منذ سنتين وأنا لا أعمل, أصابني ضيق في التنفس منذ سنتين, لم يفتأ يفسد علي حياتي, كل الفحوصات تقول: إني سليم, حتي أنني عملت عملية للحمية الأنف؛ اعتقادًا من الأطباء أنها سبب معاناتي من ضيق التنفس, ولا جدوى, أعاني من التوتر الدائم, وأحس أن أعصابي مشدودة دائمًا, متضايق, لا أدري لماذا لا يوجد ما يُدخِل السرور على نفسي.

أبحث عما أحقق من خلاله ذاتي, فلا أجد, وأعاني من ضيق في التنفس, فماذا أفعل؟

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هاني إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

فإن ضيق التنفس وعدم الارتياح الذي ينشأ من توتر في عضلات الصدر هو: صفة من صفات القلق النفسي، وأنت الآن تشعر بضيق التنفس أيضًا، وهذا الذي تعاني منه غالبًا من التوترات العضلية التي تصيب عضلات الصدر، وهنالك مؤشرات وثوابت تشير إلى أن القلق النفسي له أعراض جسدية، وأهم هذه الأعراض الجسدية يظهر في شكل انقباضات عضلية, وانشدادات في مجموعة معينة من العضلات، وأكثر العضلات تأثرًا هي عضلات الصدر, وعضلات فروة الرأس, وأسفل الظهر والبطن؛ لذا تجد أن الذين يعانون من أنواع معينة من القلق النفسي كثيرًا ما يشتكون من آلام وانقباضات في الأماكن التي ذكرناها.

فالذي ننصح به أولاً هو أن تذهب إلى طبيب نفسي، وسوف تجد منه - إن شاء الله تعالى – حسن الاستقبال، فاشرح له كل الذي تعاني منه، وسوف يوضح لك الطبيب بناء على ما سوف تذكره له، والشرح والتوضيح هي من الأمور المهمة في الطب النفسي، وسوف يسألك عن كل الأمور تفصيلاً، وسوف يسألك عن مسألة النوم والأكل، ويجب أن تخبره أن مزاجك فيه توتر, وعدم شعور بالاستمتاع والسرور؛ لأن هذا مؤشر حقيقي على وجود القلق، وربما يكون هذا القلق قد اختلط بشيء من الاكتئاب النفسي البسيط، وهذا أيضًا يعتبر علة بسيطة, وإن كانت مزعجة، وستجد - إن شاء الله تعالى – من الطبيب توضيحًا كاملاً لحالتك، وبعد ذلك سوف يوضح لك الخطة العلاجية، والتي هي في حقيقة الأمر اتفاق فيما بينكما، وطريقة العلاج سوف تشمل على سبيل المثال: التفكير الإيجابي، والتخلص من التفكير السلبي التلقائي.

أما مشاكل عدم التوافق بين الوالدين وآثارها السلبية عليكم، فيجب أن تعتبر شيئًا من الماضي.

أما أمر التجارة وما حدث فيه من إخفاق نتيجة عدم أمانةٍ ممن تم التعامل معهم: فهذه عوامل لا أحد يستطيع أن ينكرها، لكن لا تنظر إليها بكل سوداوية، فالحياة تحدث فيها كل هذه الأمور الدنيوية، والخبرات في الحياة حتى وإن كانت سيئة وسالبة وأضرت بالإنسان إلا أنه ربما تفيده في يوم من الأيام، وذلك من خلال تطوير مهاراته، والاستفادة من خبراته.

الطبيب قطعًا سوف يصف لك أحد الأدوية المضادة للقلق، والحمد لله تعالى هي كثيرة وسليمة جدًّا، وسوف يدربك على تمارين الاسترخاء، هذا أيضًا سوف يمثل إضافة علاجية عالية جدًّا, وانظر: (2136015).

انظر إلى المستقبل بأمل ورجاء، واستشرفه بإشراق أفضل، فأنت - والحمد لله - موجود، وطاقاتك موجودة، وخبرتك موجودة، ومهارتك موجودة، وهذه لا أحد يستطيع أن ينتزعها منك, إن كان المال قد انتزع فخبرتك ومهاراتك موجودة, وصحتك وقوتك موجودة، وهذه هي الأفضل، وإذا كان الإنسان آمنًا في سربه عنده قوت يومه فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها، وهذه هي الأفضل والأفيد لك - إن شاء الله تعالى – لأنك من خلال تسخير هذه المقدرات يمكن أن تعمل, ويمكن أن تكسب - إن شاء الله تعالى – مالاً حلالاً طيبًا، ولن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها.

أمامك فرصة عظيمة - أخي الكريم – وعليك بالدعاء، ولا تحمل على والديك كثيرًا، فهما جربا تجربة تربوية معينة, حَكَمَتْها علاقات غير موفقة, ولم يكونا يقصدان الشر أبدًا، ولكلٍّ طريقته, ولكلٍّ منهجه، وهكذا هي الحياة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية, والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً