الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أقبل بابن خالي خاطبا على الرغم من الفارق التعليمي بيننا؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..

بداية أود أن أشكركم على جهودكم الجبارة للإجابة على الاستشارات، والسهر على تأدية عملكم على أكمل وجه.

علمت من أحد أقاربي أن ابن خالي يحبني، ومنذ الصغر وهو يحبني، ولكن لم يجرؤ قط على مفاتحة أحد بذلك الامر في ذاك الوقت، ولقد سبق لابن خالي هذا أن فاتح إحدى خالاتي في الأمر، وبعد استشارتها مع أمي كانت الإجابة بالرفض لصغر سننا آنذاك (17 سنة)، ولأجل إنهاء دراستي الجامعية.

طبعا أصيب ابن خالي بإحباط شديد، وبعد عام عقد قرانه على إحدى الفتيات في أوربا، ولم يكمل دراسته، بل توقف عند صف الأول الثانوي، ولكن سرعان ما فسخ العقد لعدم تفاهمهما.

بعد ذلك بسنة تزوج من إسبانية، وكان آنذاك مقيما في إسبانيا، وأنجب منها ولدا، ولكن وبعد مرور 4 سنوات انفصلا عن بعضهما البعض لغيرته، ولامتناعها عن الدخول في الإسلام، فقرر أن يرجع إلى وطنه لفشله في حياته، وبالفعل رجع، والآن يعيش مع عائلته، وأعلن توبته، وندم أشد الندم على ماضيه الذي خرج منه بخفي حنين، وبدأ يندمج في المجتمع شيئا فشيئا، ثم التحق بأحد المساجد لحفظ القرآن، وحصل على عمل بسيط، وهو من رواد المساجد.

ولقد وصلني بأنه جد نادم على عدم إكماله تعليمه، ولعدم إلحاحه على الزواج بي، وصرح لإحدى قريباتي أنه يريد أن يخطبني، ولكن يخشى مقابلة الرفض من والدي لماضيه من جهة، ولعدم إكمال دراسته من جهة أخرى.

أنا أكملت دراستي بفضل من الله وعونه، وحصلت على ماجستير صيدلة، وأنا فتاة مستقيمة على طاعة الله عز وجل، وأحرص كل الحرص على أن أكون عند حسن ظن الله بي، وأن أكون بارة بوالديّ، ولا أخفيكم أنني أبادله نفس الشعور، ولكني كتمته لكي أكمل دراستي من جهة، ولعدم قبولي لماضيه من جهة أخرى، ولقد سررت كثيرا لتوبته، ولطالما دعوت الله أ ن يرزقني و يرزق بنات المسلمين بالشاب الخلوق المستقيم على طاعة الله، ولكنني أجد نفسي مترددة، فأرجو أن ترشدوني.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Um Ismail حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه..

بداية نرحب بك في موقعك، ونشكر لك هذا الثناء على الموقع، ويسعدنا أن نقول لك ولكافة الشباب والفتيات: شرف لنا أن نكون في خدمة أبنائنا والبنات، ونسأل الله أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح، وأن يستخدمنا جميعًا في طاعته، وأن يعيننا على كل أمر يُرضيه.

ونشكر لك أيضًا هذا الحرص على السؤال، وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يقر عينك وعين الأسرة بصلاح هذا الشاب، الذي نستبشر بعودته إلى الله تبارك وتعالى، وحقيقة نحن نؤيد فكرة الارتباط به، لأن في ذلك عددا من الفوائد، ولا يضر هذا الفرق في الشهادات، لأن العبرة بالرجل ليست بالشهادات التي يحملها، ولكن بالخبرات التي يكتسبها في الحياة، إذا كان يندمج ويعيش وله تجارب وسفر، فإن مثل هذا الإنسان يستطيع أن يدير أسرة، وهذا الجانب لا شك أنه من الأهمية بمكان، وأيضًا يُحمد له هذا الإصرار وهذه الرغبة الطويلة رغم مرور السنوات في الارتباط بك، فإن هذا يدل فعلاً على أن لك مكانة عنده، وإلا فقد خاض تجارب كان من الممكن أن تُنسيه، ولكنه ما زال متعلقًا وما زال يميل إلى الارتباط بك، وأنت - ولله الحمد - أيضًا تبادليه المشاعر.

لذلك أرجو أن تستمروا في هذا الاتجاه، ونتمنى أن يقتنع الوالد وتقتنع الأسرة أولاً لقرب هذا الشاب، الأمر الثاني: لأن هذه الأمور كما قلنا الأصل فيها هو هذا الميل، فإنه لم يُرَ للمتحابين مثل النكاح، وكون استمرار هذا الميل والرغبة لسنوات طويلة بينك وبينه هذا دليل على أن هناك تلاقيا في الأرواح، فالأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.

ومن هنا فنحن نميل إلى:

نسيان ما حصل من الصفحات الماضية، والتأكيد على مسألة الدين، وصدق التوبة، والرجوع إلى الله تبارك وتعالى، وإعطاء الشاب فرصة كذلك في أن يندمج في المجتمع، ويبحث عن مهنة وعمل شريف يستطيع أن يتحمل به المسؤولية، والأرزاق ليست مرتبطة بالشهادات، والشهادات ما هي إلا وجهات اجتماعية، فأحيانًا نجد أكبر التُّجّار وكثير من الناجحين ليس عندهم من التعليم إلا الشيء القليل، لكن لهم خبرات في الحياة، والله تبارك وتعالى وسع عليهم في أرزاقهم.

فلذلك هذا الجانب أرجو ألا يكون هناك تركيز عليه، خاصة مع وجود القرابة، مع وجود القبول، مع وجود الرضا، مع معرفة منزلة هذا الشاب وهو ابن خال، وابن الخال في منزلة رفيعة، وهو منكم وفيكم، يعني هذه الاعتبارات تدعونا إلى أن نشجع فكرة الاستمرار، وعلى كل حال من واجب الشاب أن يطرق الباب، وأن يقابل أهلك الأحباب، وأن يتخذ في ذلك الوسطاء، وأن يأتي بالوجهاء، وأنت في مقامك ينبغي أيضًا أن تتفهمي هذا الجانب، ويمكن أن تُسري لأقرب الناس إليك مثل الخالات أو نحوهنَّ بأنك لا تمانعين من الارتباط به، وبعد ذلك الدور يكون عليه هو، فعليه أن يكرر المحاولات، ويطرق الباب، ويعيد طرق الباب، ولابد لمُكثر القرع أن يَلِجَ.

وإذا كان الأب يريد أن يُكمل الدراسة، أو على الأقل أن تُكملي دراستك فإن الآن الفرص أكبر، وأرجو ألا يكون المؤهل العلمي عائق بين إسعاد أسرة، فكثير من البنات يحملن شهادات عليا، ونجحن نجاحًا لا نظير له مع شباب وأزواج يحملون مؤهلات عادية، لأن العبرة هو الارتباط، وتلاقي الأرواح، ووجود التفاهم، ووجود التوافق، ووجود الخلفية الاجتماعية المشتركة، وهذه - ولله الحمد - موجودة ومجتمعة، ووجود الميل المشترك من الطرفين، وهذا أيضًا موجود، والأهم من كل هذا هو الاستعداد لبناء أسرة، وأيضًا مهم جدًّا أن هذا الارتباط سيكون سببًا في تثبيت الشاب على الخير والدين.

نسأل الله التوفيق والسداد للجميع، وأن يقدر لكم الخير حيث كان ثم يرضيكم به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً