الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أخرج الرجل الذي بداخلي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أبلغ من العمر 26 عاما، أعاني من مشكلة منذ سنين، دائما أتصنع أنوثتي بكل جهدي، وأحاول أن أخفي تصرفاتي الرجولية في حركاتي وجلستي وكلامي وأفكاري، حتى صوتي فيه خشونة، فأحاول عند كلامي خفض صوتي وتنعيمه، حتى أخفي الخشونة في صوتي، وحتى عند شراء الملابس، تجذبني الملابس الرجالية أكثر، وأرى كثيرا في منامي أنني رجل ولست فتاة، وأنا الآن أعاني كثيرا من هذا الوضع، وأريد بشدة إخراج الرجل الذي بداخلي لكي أرتاح، لأنني في حيرة، هل أنا فتاة أم رجل؟ مع العلم أن ملامحي أنثوية، ولكن أعاني من كثرة الشعر في جسمي، ويوجد بكثرة في نهاية ظهري وفي وجهي، وحالتي الصحية جيدة والدورة الشهرية منتظمة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ م س حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكر لك ثقتك في إسلام ويب، ونشكر لك رسالتك هذه.

أنا أقول لك أنك -الحمد لله تعالى- تجاهدين نفسك لأن تضعي ذاتك وكيانك ووجدانك وتوجهك الجندري نحو الأنوثة، لكي يتطابق ذلك مع تكوينك البيولوجي، هذا أمر جيد، وهذا هو العلاج الأساسي لمثل حالتك هذه؛ لأن التشويش والاضطراب في مشاعر الإنسان نحو كينونته هل هو ذكر أم أنثى، هي من الأشياء المزعجة جدًّا، -والحمد لله تعالى- أنت اتخذت المذهب الأنثوي في التصرفات، رغم أنك تعانين من المشاعر الرجولية.

أولاً أؤكد لك أنك الإنسان الصحيح في الجسم الصحيح، وليس الإنسان الصحيح في الجسم الخطأ، كما يعتقد ويقول البعض هذه المقولة، لا أعتقد أنها صحيحة.

ثانيًا: من الضروري جدًّا أن تذهبي لأبعد الحدود فيما أسميته بالتمثيل الأنثوي -أو التصنع الأنثوي- التصنع هنا سوف يُصبح حقيقة، وحقيقة ثابتة جدًّا، لأن مكوناتك الهرمونية هي في الأصل مكونات أنثوية، فأنا أريدك أن تبذلي جهدًا أكثر فيما يخص ملابسك، تكون أنثوية جدًّا، خاصة الملابس الداخلية، أريدك أن تتمثلي بكل ما تقوم به الأنثى، وذلك مع التمسك قطعًا بالضوابط الشرعية، وأنا لا أرى أبدًا أي مانع من أن تذهبي إلى طبيبة أمراض جلدية أو طبيبة محترمة وتتحدثين معها حول كثرة الشعر في جسدك، وسوف تقوم بتوجيه النصح لك وإعطائك العلاجات المناسبة لمثل حالتك، هذا لا بأس به أبدًا، بل أراه ضرورة في حالتك، لأن ذلك سوف يُقنعك معرفيًا وفكريًا ومنهجيًا بوضعك السليم، وهو أنك أنثى.

أريدك أيضًا أن تحرصي دائمًا لأن تكوني في وضع قيادي بالنسبة لمجموعة من البنات من أسرتك أو صديقاتك، لأن هذا سوف يجعلك أكثر التزامًا بالأنوثة.

شيء آخر مهم جدًّا: التفاعل الاجتماعي الجماعي مطلوب، وأعتقد أن ذلك يمكن أن يتوفر من خلال الجمعيات الخيرية أو الانضمام لجمعيات تحفيظ القرآن.

نقطة مهمة جدًّا أود أن ألفت نظرك إليها: أسأل الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح، وتخيلي ذلك، تخيلي أنك قد رزقت زوجًا طيبًا وصالحًا، وبعد ذلك رزقت الذرية، وتسعين لتنشئة أبناك على أحسن ما يكون، (وهكذا).

إذن التغيير هو تغيير فكري في المقام الأول، كذلك تغيير معرفي، وتغيير سلوكي، وتغيير في نمط الحياة، كلها – أي هذه المكونات – حين تكون مع بعضها البعض - إن شاء الله تعالى – ليس لديك أي مشكلة، وسوف تقبلين أنوثتك بصورة أكثر.

في بعض الأحيان تكون هذه الاجترارات النفسية الفكرية حول الوضع الجندري للإنسان ذات طابع وسواسي، وفي مثل هذه الحالات قد تفيد بعض الأدوية مثل عقار (بروزاك) الذي يعرف علميًا باسم (فلوكستين) هذا الدواء وجد أن تناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر (مثلاً) يساعد في تقليل حدة الاندفاعات الجنسية المخالفة لما هو طبيعي، لكن لا أرى أنك في حاجة لهذا الدواء، فحالتك - إن شاء الله تعالى – بسيطة، ومن خلال ما ذكرته لك من إرشادات وبعد اتباعها والصبر عليها - إن شاء الله تعالى – تُصبحين أكثر قبولاً لذاتك من حيث مكوناتها الفكرية والنفسية والمعرفية والجسدية والفسيولوجية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً