الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من التوتر والقلق المصحوبين بأعراض جسدية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكر جميع من قاموا على هذا الموقع الرائع، وسعوا لحل مشكلات الآخرين، وأسأل الله السعادة لكم والرضى.

هذه أول مشاركة لي في مواقع الإنترنت لطرح مشكلة تخصني، وأرجو أن أجد الحل لها، بداية المشكلة تعرضت لمواقف من أخي الكبير في فترة المراهقة حتى الآن -يعني قبل ثلاث سنوات إلى الآن-، دائماً أتذكر المواقف وأندم لأنني لم أدافع عن نفسي وأشفي غليلي، وأتخيل المواقف تتكرر أمامي وأشعر بقهر، ودائماً أحلم بأخي وما يسببه لي من خوف وكره وأتمنى أنه لم يخلق.

أيضاً مشكلتي مع والدتي، أنا أحبها جداً لكني شديدة العصبية، وأتفوه بكلمات أندم عليها أشد الندم وأتمنى أنه لم يحدث ما حدث، فأنا لا أستطيع أن أتمالك انفعالاتي وأعصابي ودائماً أغضبها، تعاملها معي حنون جداً ولم تقصر معي أبداً، لكن المشكلة أنها لا تفهمني، وأشعر أنها تخاف من أخي الكبير، فهذا الشيء يزعجني.

تعاملي مع زميلاتي طبيعية وغير منفعلة، لكن أضطرب بالكلام وأتلعثم أحياناً، وفي مواجهة الآخرين لا أعرف التحدث بصورة سليمة، وأكتم في داخلي حديثاً غير قادرة على إخراجه، وأشعر بالتوتر عند الخروج لتقديم عرض أو عند المناقشة وعدم التركيز وضياع الفكرة مني، وعند الانتهاء أشعر أني ضعيفة وغير قادرة على إثبات شخصيتي، مما يسبب لي عدم الثقة بذاتي، ودائماً أحاول أن أعالج نفسي، وأن أتحدث مع نفسي، لكن عندما أفعل أستطيع موازنة كلامي وصف الكلمات، وعند الآخرين أشعر أنني كالطفلة عندما أتحدث، أيضاً أعالج نفسي بإقناعها أني إيجابية، وأن ما يحدث لي سيمر ويذهب مع الوقت لكن لم أفلح، أنا محافظة على صلواتي، ومتفوقة في دراستي وطموحة، لكن ما يحدث لي يعيق هدفي ويضعف شخصيتي.

أعراض أشعر بها بالتفصيل: عدم التركيز، ضعف الذاكرة، نسيان، توتر مصحوب برجفة وتغير لون وجهي، تلعثم وتردد بالكلام، القلق، العصبية، كتمان داخلي، الخوف، شعور بالحزن أحياناً وتساقط الدموع من غير سبب، خمول أحياناً، وشد في أعصاب اليدين والرجلين حدث لي مؤخراً عند التحدث والنقاش.

أرجو تشخيص حالتي، وأستودعكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هياء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أكثر ما أزعجني هو انفعالاتك السلبية حيال أمك، هذا الأمر مهما كان فلتان الأعصاب، أو كان الإنسان يعاني مما نسميه بالعقد العُصابية والتوترات الوجدانية الداخلية، فيجب أن يكون منضبطًاً في تعامله مع والديه، لا يرفع صوته ولا يصرخ فيهما، ولا ينفعل في وجوههم، ولا يقل لهما أفٍ ولا ينهرهما، وهذا هو التوجيه القرآني حيث قال الله تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا إما يبلغنَّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍّ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريمًا *واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما رباني صغير}، فيجب أن يكون هنالك بر وتقدير واحترام وإحسان وتوقير، هذا مطلوب وبالضرورة، وأعتقد أن نفسك الطيبة الفاضلة تجعلك تحسين بالندم حين تنفعلين مع والدتك لأي سبب كان.

وأعتقد أن التراكمات النفسية الموجودة وعدم ارتياحك للتعامل مع أخيك، هذا أيضًا زاد من مشكلتك العُصابية وهي مشكلة القلق مع وجود مزاج اكتئابي، لديك بالطبع أيضًا أعراض الرهاب الاجتماعي، لكنها من درجة بسيطة، ومجمل حالتك نستطيع أن نقول أنها قلقية، أي أن جوهر الأعراض هو القلق، وبعد ذلك أتاك نوع من عسر المزاج، وهو نوع من الاكتئاب البسيط جدًّا.

لابد أن تنظري للأمور بإيجابية أكثر، وأن تكوني متسامحة، وأنصحك أن تعبري عن ذاتك أولاً بأول، ولا تتركي الأمور حتى وإن كانت صغيرة لتتراكم في داخل نفسك، لأن هذا التراكم يؤدي إلى احتقان نفسي شديد، والاحتقان النفسي ينتج عنه التوتر الشديد، والتوتر يؤدي إلى العصبية والاندفاع السلبي الانفعالي، فعبري عن ذاتك، وفي ذات الوقت أنصحك أن تطبقي تمارين الاسترخاء، فهي ذات فائدة كبيرة جدًّا، ولإجادة هذه التمارين وتطبيقها بالصورة الصحيحة أرجو أن ترجعي إلى استشارة بموقعنا تحت رقم: (2136015).

من المهم جدًّا أيضًا أن تجتهدي كثيرًا في دراستك، وتصرفي انتباهك عن السلبيات الموجودة، ولا تكوني انتقائية، بمعنى أن تتخيري أشياء سلبية موجودة في حياتك أو في محيطك الأسري وتركزي عليها كثيرًا، لأن هذا يؤدي إلى تضخيمها وانتشارها، ويُنسيك تمامًا ويصرف عنك التفكير فيما هو طيب وجميل في حياتك، فأنت على بدايات أعتاب الحياة الحقيقية، -وإن شاء الله تعالى- من خلال استثمار وقتك وجهدك، والتفكير بصورة صحيحة وإيجابية تستطيعين أن تتعايشي بصورة طيبة وجميلة جدًّا.

قلق المخاوف والرهاب دائمًا يعالج من خلال التحقير، ومن خلال الإكثار من المواجهات، وتطوير الكفاءات، ويكون من خلال التواصل وكتساب العلم والمعرفة، ومشاركة الآخرين في مناسباتهم، وضعي هدفًا معينًا وواضحًا، مثلاً الانخراط في عمل خيري أو ثقافي، أو الذهاب إلى مراكز تحفيظ القرآن، هذه كلها أنشطة مطلوبة ومفيدة جدًّا في مثل حالتك.

طبعًا أنا سعيد جدًّا أن أسمع أنك متفوقة في دراستك وطموحة، ومحافظة على صلواتك، هذه ركائز قوية وعظيمة جدًّا، وأنا لا أعتبرك ضعيفة الشخصية، لكن لديك هذا الاعتقاد عن ذاتك، لأنك من النوع الذي يقدر ذاته تقديرًا سلبيًا، فركزي على إيجابياتك –وهي كثيرة–، ونظمي وقتك، وضعي هدفًا واضحًا، وهدفك -إن شاء الله تعالى– التميز والتفوق، وأعظم ما يكتسبه الإنسان في هذه الحياة الدنيا هما سلاحا العلم والدين، فزودي نفسك بكليهما، وأنت لديك القابلية والاستعداد والإمكانات التي تقومين من خلالها بذلك.

أنا متردد بعض الشيء في موضوع حاجتك إلى الدواء، تأتيني خاطرة أن أحد الأدوية المضادة للمخاوف سوف تساعدك، لكن في ذات الوقت أرى أن اجتهادك -إن شاء الله تعالى– من خلال تطبيق ما ذكرناه لك سوف يكون أمرًا كافيًا، عمومًا الحل الوسطي هو أن تجتهدي وتدفعي نفسك سلوكيًا وإيجابيًا، وتراقبي الموقف، وإن لم تتحسن الأمور في خلال أربعة إلى ستة أسابيع، هنا أقول لك يفضل أن تذهبي إلى طبيب نفسي ليصف لك أحد الأدوية البسيطة المضادة للمخاوف والتوترات، مثل عقار (زولفت) والذي يسمى علميًا باسم (سيرترالين).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الأردن علووووش

    جزاك الله خير

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً