الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يساعد النوم بجانب ابتنتي في التخفيف من مخاوفها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا أم، ولدي ابنة تعرضت لحوادث كثيرة في صغرها يصعب ذكرها الآن، مما ولد لديها خوفا مرضياً جعلها تشعر بالرعب الشديد في الليل، لدرجة أنها لا تستطيع معه النوم بمفردها، أو أنها إذا نامت بمفردها قد تستيقظ من نومها فزعة وترى أحلاماً مرعبة، فهي ترى سكاكين ودماء، وتستيقظ فزعة وهي لا تشعر بالأمان ما لم أنم أنا إلى جوارها وأضمها، فهل يجوز لي أن أنام معها؟ مع العلم أن ابنتي قد بلغت، ولكني لا أقوى على تركها بمفردها وهي بهذه الحالة.

أفيدوني بارك الله فيكم، وادعوا لي بشفاء ابنتي، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

استشارتك هذه قد حُولت من مركز الفتوى، لأن حقيقة مضمونها هو مضمون نفسي في المقام الأول، ولا أعتقد أن الأمر مرتبط بـ: هل يجوز أن تنام ابنتك معك أم لا، لكن الأمر جُله وجوهره كيف نعالج هذه الابنة، كيف نجعلها تتخلص من هذه المخاوف؛ لأن نومك بجوارها لا أعتقد أنه يُشكل أي نوع من المحور العلاجي الذي سوف يفيدها، على العكس تمامًا أراه نوعًا من التثبيت والتشجيع والمكافئة لمخاوفها.

أعرفُ محبتك لها كأم، وعطفك ووجدانك حيالها، ولكن كثيرًا ما تضر عواطفنا بأبنائنا.

عمومًا أيتها -الفاضلة الكريمة-: الذي يهمنا تمامًا هو أن تُعالج هذه الابنة، نعم هي لديها ما نسميه بقلق المخاوف، والمخاوف من هذا النوع دائمًا تكون مكتسبة، وهذه الطفلة قد تكون استأثرت بشيء العطف الزائد نسبة لما تعرضت له من حوادث كثيرة في صغرها -كما أوردت- وأصبحتْ تميل للبحث عن الود والعطف من قبل الآخرين خاصة من شخصك الكريم كأم لها.

أيتها الفاضلة الكريمة: ابنتك الآن مُدركة وواعية، وتعرف ما هو خطأ وما هو صواب، فابعثي فيها روح جديدة، روح الأمل، وروح الرجاء، وروح الاعتمادية على ذاتها، ولا تتحدثي عن الماضي وعن جراحاته إن وُجدت أو لم تُوجد، تحدثي عنها الآن في شخصيتها، وشجعيها، وطمئنيها، واجعليها تأخذ مبادرات إيجابية لمساعدة نفسها، وكذلك مساعدتك، ومن الضروري جدًّا أن تُحدثيها مساندة لها حول هذا الخوف، وأن هذا الخوف لا داعي له، وأنها في حفظ الله وفي حماية الله، وأنها قد كبرت، ولا داع لهذا النوع من الخوف، كما أن نومك معها أمرًا ليست مستحبًا أبدًا.

ابعثي فيها هذا الكلام، وحضّريها مزاجيًا على هذا النسق، وقولي لها (يا ابنتِي من اليوم لن أنام معك أبدًا، لا بد أن تعتمدي على نفسك، ولا بد أن تنامي وحدك) هذا مهم وهذا ضروري جدًّا، وأعطيها أمثلة عنك مثلاً حين كنت صغيرة، وعمَّن تعرفين من البنات أيضًا، هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: إذا كانت هذه الفتاة عمرها أكثر من خمسة عشر عامًا -وهذا هو الذي أتوقعه- فسوف تستفيد كثيرًا من بعض العلاجات الدوائية المضادة للمخاوف، لذا إذا ذهبت بها إلى الطبيب النفسي لجلسة أو جلستين، سوف يقوم الطبيب بإعطائها الدواء المناسب، فهنالك أدوية مضادة للمخاوف وتناسب هذه الأعمار، وليست لها أي مضار -إن شاء الله تعالى- على هذه الفتاة، ربما تحتاج للدواء لمدة شهرين إلى ثلاثة، وليس أكثر من ذلك.

من المهم جدًّا أيضًا أن تبني شخصية ابنتك، دعيها تعتمد على نفسها، دعيها ترتب خزانة ملابسها مثلاً، تعد فراشها بصورة صحيحة قبل النوم، وبعد الاستيقاظ من النوم، أن تساهم في أعمال المطبخ، دعيها تركز على دراستها، اجعليها ذات شخصية مِقدامة، وهذا يعطيها الثقة كثيرًا في نفسها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً