الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أفقه شيئا من علوم الشريعة وأريد التخصص جامعيا فيها.. ما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا مقبل على المرحلة الجامعية، لقد التزمت منذ سنة تقريباً -ولله الحمد- وتركت (رفاق السوء، وسماع الأغاني، ومشاهدة الأفلام، والجلوس لساعات طويلة على التشات)، وأريد أن اتعلم العلم الشرعي لكي أصبح داعية، وأخدم أمّتي، وقررت أن أدرس الشريعة، لكن كيف سأتفوق في هذا التخصص، وأنا لا أجيد أحكام التلاوة والتجويد، ولا أحفظ من القرآن الكريم إلا عشر سور من جزء عمَّ أقرأهن في صلاتي، ولم أحضر مجالس وحلقات العلم الشرعي في المساجد إلى أن التزمت.

مع العلم أنه قال لي ابن عمي أنه يعرف طلابا يدرسون الشريعة في الجامعات، لكنهم دخلوا الجامعات ومعظمهم يحفظ نصف القرآن، وبعضهم يحفظ 20جزءاً، وبعضهم يحفظ القرآن كاملاً، ومئات الأحاديث، وحضورهم لدروس العلم الشرعي في المساجد، والمراكز من قبل دخولهم المدرسة.

تخيل الفرق بيني وبين هؤلاء الطلاب في الجامعة، يتعلمون العلم الشرعي منذ عمر 6 سنوات، وأنا سأدخل الجامعة ولا أفقه شيئاً في علوم الشريعة.

كيف سأبدع وأتفوق وأنا في هذا الحال؟ كيف أبدأ من الصفر؟ وبماذا أبدأ؟ وما توجيهاتكم؟

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية نرحب بك -ابني الكريم-، ونؤكد لك أن طريق الفلاح لمن صدق، وليس من الضروري أن يكون لمن سبق، أن الإنسان صاحب الهمة العالية يستطيع أن يدرك من سابقوه، ويسبق من بعده إذا استعان بالله تبارك وتعالى وأقبل على الله، وليس على العلم كبير، وليس لطلب العلم عمر محدد، ورغبة الإنسان لها أكبر الأثر، وقد شهدنا نماذج للطلاب الذين بدأوا الإقبال على العلوم الشرعية في وقت متأخر جداً، ثم تفوقوا لشدة حرصهم، ولكثرة اجتهادهم بعد توفيق الله تبارك وتعالى لهم.

نهنئك بالتوبة والرجوع إلى الله تبارك وتعالى، ونؤكد لك أن الرغبة في طلب العلوم الشرعية هي القاعدة الأساس، وأن الإنسان يستطيع أن يبدأ بهمة عالية، وسلطان العلماء العز بن عبد السلام بدأ متأخراً جداً في الطلب، لكنه لم يخرج من الدنيا إلا بعد أن أصبح مفتياً، إلا بعد أن أصبح سلطانًا للعلماء، إليه المرجع فترك بصمات غاية في الوضوح في تاريخ أمتنا، فدع عنك هذا التردد، ولا تقارن نفسك بالآخرين، ولا إلى أين وصلوا، ولكن عليك أن تبدأ وتجتهد وتستعين بالله، وتنظم وقتك وترجع إلى أهل العلم المختصين، ولا مانع من أن تبدأ الجلوس الآن في حلق العلم، إن حلق العلم فيها حلقات للمبتدئ فيها حلقات للمتقدم والمتوسط، والمبتدئ لا بد أن يصير يوماً متقدماً؛ لأن التدرج في طلب العلوم يوصل الإنسان إلى قمتها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، ونشكر لك هذه الرغبة في الخير، والرغبة في الخير خير.

ونتمنى أن تحول النيات إلى أعمال، وعليك أن تجتهد ونبشرك بأن طريق المليون يبدأ بخطوة، وطلب العلم يبدأ بصغار العلم قبل كباره، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، واعلم أن ابن عباس رضي الله عنه لما سأُل كيف نلت هذا العلم، قال: بلسان سؤول وبقلب عقول، فعليك بهذا، ثم عليك قبل ذلك بتصحيح النية وحسن التوكل على رب البرية.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً