الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تثيرني المشاهد المحزنة للمسلمين، وأشعرُ دوماً بقرب المنية.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة أبلغ من العمر 21 عاماً، أعاني من حالة مزاجية مُتقلبة يأس، وحزن، وغضب، وبكاء هستيري، خصوصاً خلال اليومين السابقين، أدرس الصيدلة الإكلينيكية، مُغتربة، وأعيش منذ أربع سنوات بعيدة عن أهلي، مهتمة بشكل كبير بالأوضاع الاجتماعية، والسياسية حولي، وهذا أكثر ما يزيد حالتي سوءاً يوماً بعد يوم، إلى جانب كثرة التفكير في كل شيء.

منذ فترة قصيرة صرتُ أدخل في نوبة بكاء عارمة كلما آويت إلى الفراش قد تمتد إلى ساعات الصباح الأولى، أتأثر لأي مشهدٍ قد يُثير عاطفتي، وأبكي من دون وعي حتى لو لم أكن بمفردي! إن شاهدت صورة لطفل مشرد أو يتيم ، صورة لفقير أو شهيد، أو كلما تذكرت مظلومين يقبعون في المعتقلات منذ أشهر لا يعلم حالهم إلا الله، كلما مر بخاطري صورة صديقتي المُعتقلة ظلماً وجوراً، أنا أكره الظلم، أكره مجرد التفكير في فكرة أنهُ أصبح أمراً واقعاً لا مناص مِنه، بل وهناك من يبرر ويصفق له، وأكرهُ عجزي عن فعل أي شيء!

إلى جانب أنني أشعر دوماً بقرب الموت، ليس موتي فقط، بل موت من أحبهم، أشعر أنني سأستيقظُ يوماً على خبر رحيل أحد أفراد أسرتي، أجهش بالبكاء كلما مرت ببالي فكرة كهذه وأتألم كثيراً، حتى أصبحت هاجساً نفسياً صعباً، أنا لا أفهم الموت، ولا أفهم كيف ماتت جدتي منذ 7 أشهر فجأة، وكيف أنها لن تعود أبداً!

مؤخراً صرتُ أدعوا الله في صلاتي بأن يعجِل لي بلُقياه، بعد أن أصبحت أفكر ملياً في جدوى الحياة التي أعيشها، فأنا لست إلا مجرد رقم آخر يضاف إلى تعداد الأحياء في عالم "مشوَّة"، ألُح في الدعاء أحياناً، ولكني في قرارة نفسي أخاف! أخاف من تقصيري من ذنوب ارتكبتها لا يعلمها إلا هو.

أنا مُعذبة، أعلم أن الدنيا لا تستقيم لأحد، وأنه لا عيش إلا عيش الآخرة، لكن التفكير أرهقني، ولا أعلم في أي اتجاه أنا سائرة! دُلني أرجوك.

أعتذر إن كان بوحي مُبعثراً ومطولا رُغم محاولتي الاقتضاب.

جزاك الله خَيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إسراء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوم الصحة والعافية.

مزاج الإنسان -أختي الكريمة- معرض للتقلب والتغيير وفقاً للظروف والحوادث التي يمر بها في حياته اليومية، وهكذا أحياناً يصبح منشرح الصدر ومسرورًا، وبالتالي يتعامل مع الآخرين بروح الفكاهة والضحك، وقد يكون منقبض الصدر متكدرًا، فيكون أقل فاعلية وتفاعل مع الآخرين، هذا قد يكون شيئا طبيعيًا يمر به معظم الناس، ولكن إذا زادت هذه الحالة عن الحد المعقول، وأصبحت ملازمة لصاحبها عدة أشهر، فالأمر قد يتطلب تدخلاً علاجيًا.

والمؤمن يُبتلى ويُمتحن في ماله ونفسه وصحته فاعتبري ذلك نوعًا من أنواع الابتلاءات التي ينبغي الصبر عليها ولك الجزاء الأعظم -إن شاء الله- ولا ينبغي مقابلتها باليأس والقنوط من رحمة الله، ومتابعة خطوات الشيطان التي تؤدي إلى خسران الدنيا والآخرة.

ونرشدك ببعض الإرشادات عسى ولعلها تفيدك في الخروج من المشكلة:

1-الإكثار من فعل الطاعات والاستغفار فإنه مزيلٌ للهم والحزن، ومجلبٌ للسعادة -إن شاء الله-، وكذلك تجنبي فعل المنكرات والابتعاد عنها، فالذنوب تسبب الضيق والضنك والتعاسة، واعلمي أن الله غفور رحيم وإنه يغفر الذنوب جميعاً.

2- لا تهتمي بما فاتك من أمور الدنيا وتنظري لما عند الآخرين، وتذكري أن الله تعالى هو المانح والمعطي – {فعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبو شيئاً هو شر لكم}.

3- ركزي على الحاضر واستمتعي به، وانسي الماضي وما فيه من تجارب مؤلمة، وتطلعي للمستقبل، وأبعدي التشاؤم، وكوني متفائلة دائمًا.

4- اجلسي مع نفسك، وحاولي اكتشاف سبب الضيق الذي أنت فيه، واسألي نفسك هل أنت السبب في كل الأحداث التي جرت حولك؟ وما هو دورك الآن؟ لذلك تذكري أن الدعاء سلاح المؤمن، وفوضي أمرك لله سبحانه وتعالى فهو مجيب المضطَر إذا دعاه وهو كاشف الضر.

5- لا تستسلمي للمشاعر والأفكار السلبية بل قابليها بالأفكار الإيجابية والمنطقية، وحاولي مراجعة كل الأفكار السلبية التي سيطرت عليك من قبل توقعت فيها حدوث خطر يصيبك أو مكروه يأتيك كم منها تحقق بالفعل؟

6-أكثري من قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ومن قول حسبي الله ونعم الوكيل.

7- اعلمي أن الإنسان خُلق ليعبد الله في هذه الدنيا، وليُعمر هذه الأرض فإذا توقعنا وتصورنا الموت بالصورة المرضية كما تتصوريه أنت لتوقفت كل النشاطات التي نمارسها في الحياة، فلا تعليم، ولا عمل، ولا زواج، ولا إنجاب فقط نكون في انتظار الموت، والمؤمن ينبغي عليه أن يُسخِر كل عاداته ونشاطاته وممارساته الحياتية في هذه الدنيا لخدمة الدين فتصبح العادة عبادة، وبالتالي يكون قد حقق ما خُلق من أجله.

8-قومي بممارسة تمارين الاسترخاء في حالة الضيق، أو التوتر الشديد الناتج عن الأفكار السلبية- تجدين تفاصيلها في الاستشارة رقم : 2136015.

فرج الله همك وأسعدك في الدارين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أسبانيا نرجس -إسبانيا

    جزكم الله خيرا على هته النصائح

  • الجزائر Ssousou

    بارك الله فيك وانشاء الله يوفقن الله

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً