الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف هي الموازنة بين حسن الظن والشعور بالإحباط من قلة الطاعات؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا إنسانه ملتزمة، وأتمنى أن أدخل الفردوس الأعلى بغير حساب ولا عذاب، وأتمنى الشهادة كي لا أحاسب.

أنا -ويعلم الله- أني أجتهد، ولكني ضعيفة في الطاعات، والزيادة منها، ولكن يعلم الله أني أتقيه في المحرمات كثيراً، وإن أخطأت أبادر سريعاً إلى التوبة والندم، لكن عندما أرى أعمال أناس صالحين حولي أشعر بالإحباط.
كيف أطلب الفردوس وأنا لا أجتهد بطاعات أخرى غير الفرائض، حتى القيام في الليل، صلاتي بسيطة ليست طويلة، وذنوبي السابقة قبل التزامي، أعلم أن الله يغفر الذنوب وأن علي حسن الظن.

لكن أنا أخاف، وأنا -ويعلم الله- أني اجتهد وأبكي لشدة ضعفي، لكن سمعت من المغامسي أن الناس تدخل الجنة برحمة الله أما منازلهم ودرجاتهم تكون بأعمالهم، وعملي قليل، وأيضا ربما الله ليعطيني منزلة يبتليني بمرض أو غيره، وأنا فعلاً عندي بعض الأمراض لكن صبري قليل؛ أخاف أن أكون قانطة وأجزع.

أشعر أحيانا أنني أتسخط وغير راضية ويبكيني هذا الشعور، لكن أرجع وأدعو الله يشفيني ويصبرني ولا يجعلني من القانطين.

أنا أشعر بالإحباط وأشعر أني لا استطيع الموازنة بين حسن الظن وخوفي من عملي وقلته، وذنوبي الحالية قد تكون صغائر -ربما- لا أعلم، أخاف أن أكون قد ظلمت شخصاً ما، أو سوء خلقي أحياناً مع أهلي، وقلة صبري على المرض، أو ما يحدث لي من مجاهدة أصحاب معاصٍ، وأطلب شيئا كبيرا من الله، ومع هذا إذا ابتليت لا أصبر ولا أقوم بأعمال صالحة كغيري من الصالحين، ربما لا يوجد سؤال في كلامي لكن هل من تعليق؟!

أستغفر الله وأتوب إليه، لكن والله أنني أراجع نفسي وأنا كثيرة الدعاء، لكن تعبت، وبإذن الله لن أمل من دعاء ربي، فأنا أعلم أنه كريم مجيب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سوسا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك ابنتنا الفاضلة، ونشكر لك هذه الاستشارة الرائعة، ومن حق الإنسان أن يطلب من الله ما يريد، وإذا سألتم الله فسلوه الفردوس، وحتى في الدنيا قال الله على لسان نبيه سليمان: {رب اغفر لي وهب لي مُلكًا لا ينبغي لأحدٍ من بعدي إنك أنت الوهاب} فأحسني الظن بالوهّاب، وتوجهي وتوبي إلى التواب، واعلمي أن بُعدك عن المحرمات وحرصك على أداء الفرائض هو قاعدة النجاح والقُرب من -الله تبارك وتعالى-، ثم هنيئًا لك بهذا الشعور بالتقصير، الذي ينبغي أن يحملك إلى مزيد من الإحسان، ومزيد من الاجتهاد، ومزيد من الطاعات والتقرب إلى رب الأرض والسماوات.

وأرجو كذلك أيضًا – وقد شعرت ببعض الخلل والجزع – أن تحاولي أن تصبري وتعلني رضاك بقضاء -الله تبارك وتعالى- وقدره، فإن التسخط لا يشافي المرض، ولا يجلب للإنسان فائدة، لكن الرضا بقضاء الله وقدره، لكن الاحتمال والصبر هو الذي يُثمر والذي يُنتج والذي يستفيد منه الإنسان، فنسأل الله أن يزيدك صبرًا وسدادًا وخيرًا.

ونؤكد لك أن اغتنام فرصة رمضان وهذه الليالي المباركة من الأمور التي ينبغي أن تحرصي عليها، وأنت -ولله الحمد- على خير، وكما قلنا ينبغي أن تصححي التوحيد والعقيدة، وتُعلني رضاك بقضاء الله وقدره.

وتتوبي من الذنوب ما علمتِ منها وما لم تعلمي، تُكثري من ذكر الله وتشتغلي بطاعته، كوني سليمة الصدر لمن حولك، واجتهدي في بر والديك، واحرصي على أن تتفاءلي خيرًا وتُحسني الظن -بالله تبارك وتعالى- بعد إحسانك للعمل.

نسأل الله أن يزيدك حرصًا وخيرًا، وأن يلهمك السداد والرشاد، وكلنا أمل في أن يدوم هذا التواصل مع الموقع، وإذا جاءك الشيطان وحاول أن يوصلك إلى اليأس فتوبي واستغفري، واعلمي أن هم هذا العدو أن يُحزن أهل الإيمان بمثل هذه الكلمات وبمثل هذه الإحباطات، ولكن كيد الشيطان ضعيف.

فإذا جاءك الشيطان بالإحباطات فتوجهي إلى رب الأرض والسماوات، واعلمي أنه يخاف من الذكر، وأنه يندم لاستغفارنا، ويتحسر لتوبتنا، ويبكي إذا سجدنا لربنا، فعاملي عدونا بنقيض قصده، وأقبلي على الله، وبُشرى لك، ونسأل الله لنا ولك الثبات والسداد وزيادة الخير، وحاولي أن تحوِّلي الشعور بالتقصير إلى عمل وطاعة لله القدير، ومرحبًا بك في موقعك.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً