الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حدثت بيني وبين زوجتي مشاكل بسبب أهلها، فما الحل الأمثل للتعامل معها؟

السؤال

السلام عليكم.

تزوجت منذ حوالي 5 شهور، وكنت أكرم زوجتي وأحسن إليها وأتقي الله فيها، وأقف عند رغباتها حتى ولو تعارضت مع قدرتي، وكذلك فعل أهلي بحسن معاشرتها وإكرامها، إلا أن زوجتي أهملت بيتها وأهملتني، وعاملتني بسوء؛ سواء بطريقة الكلام، أو الكذب، أو العصيان، أو إفشاء أسرار البيت لأهلها، وانصياعها لهم ولتدخلاتهم، ولم تتحمل مسئولية البيت ولا حتى مسئوليتها عن صحتها وصحة حملها، وتتعامل وكأنها طفلة لم تخرج من بيت أبيها.

وللأسف حملت منذ الشهر الأول؛ مما زادها قبحا بالكبر، وحب التملك والسيطرة، وزادت في ذلك بعد أن عرفت أن نوع الجنين ذكر -حيث أنها من الريف وأنا من المدينة- وجدير بالذكر أنها عاشت معي في مستوى أعلى من جميع أقربائها.

حاولت تأديبها بالوعظ والزجر والهجر؛ حيث كانت تستقيم لفترة وجيزة، ثم ترجع إلى ما كانت عليه، خصوصا بعد أي زيارة لأهلها؛ حيث تأتي بالمشاكل وسوء الأدب.

وأخيرا تمردت وتركت البيت بمساعدة أمها التي كانت تتدخل في شئوننا، وأخذت حاجياتها كلها بمساعدة أخواتها، وانطلقت إلى بيت أمها الذي تعتبره بيتها بعد أن هجرتها في المضجع لسوء أسلوبها، وتدخل أمها.

وهم يعولون على ذهابي إليهم وطلب رجوعها سواء للاحتياج العاطفي، أو الجسدي، أو من أجل الجنين!! وبات الطلاق أسهل الحلول علي، وبالتأكيد أصعبها عليها وعلى أهلها.

في هذه الحالة:

- إن طلبت هي الرجوع؛ هل لي أن أشترط عليها حتى ترجع -تأديبا وإصلاحا وتقديرا للبيت والرجل الذي تركته بإرادتها- مثل:

- قطع الزيارات بينها وبين أهلها لمدة معينة (تتناسب مع مدة تركها للبيت) والاكتفاء بدقائق محدودة في الاتصال الهاتفي.

- هجرها في المضجع لفترة معينة.

- تنازلها عن أحد أو كل حقوقها مثل: مؤخر الصداق، أو قائمة المنقولات؛ مما يوجع أهلها الذين كانوا يتعاملون معي في اتفاقات الزواج بالتجارة والفصال، ويكسر شوكتهم ويجعلها تعرف أن الحفاظ على بيتها يأتي بالمودة والرحمة والإحسان، وليس بالغلبة والأنانية والربط بالأولاد، وإنهاك الزوج ماديا بالطلبات، وخصوصا التنازل عن قائمة المنقولات؛ لأنها أخذت الذهب المسجل في القائمة معها مما يدل على تواصل سوء نيتهم ومعاملتهم.

- وفي حالة رفضها للشروط -المشروعة على حسب إفادتكم جزاكم الله خيرا- هل أعتبر ظالما إن طلقتها، ولم أقبل رجوعها؟ وما حقوقها في تلك الحالة؟

ملحوظة أخيرة: ليس لها ولي أمر حقيقي يمكن الرجوع له؛ حيث إن عمها أو أخوالها بعيدين عن التأثير عليها، وأمها وأخواتها -كلهن متزوجات- وهن من يحركنها بقيادة والدتها أعوذ بالله منها.

عذرا على الإطالة، والرجاء الدعاء لي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله أن يُصلح شأنك كله، وأن يُديم المودة والألفة بينك وبين زوجتك، ويرزقك عيشة هنية.

لا شك أن زوجتك أساءت - إن كان الوصف الذي ذكرته دقيقًا – ونصيحتنا لك أيها الحبيب: أن تحاول إصلاحها، وتقويمها بأحسن الأساليب، فإن العشرة بينكما يُرجى أن تدوم وتطول، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قد أرشد إلى الأخذ بالأسباب التي تُديم العشرة الحسنة، وتقوّي المودة بين الزوجين، ومن ذلك: الاختيار للزوجة بالمواصفات التي تلائم الرجل، كما أرشد الزوجة أيضًا إلى اختيار الزوج المتصف بالدين والخلق؛ لأنه يرعى الحقوق.

ومن ثم فإن قرار الطلاق ليس قرارًا سهلاً أيها الحبيب، وأثره قد يكون سيئًا على الطفل المنتظر، كما أن أثره بلا شك سيئ على هذه الزوجة، وليس سهلاً عليك أنت، فإنه قد يصعب عليك بعد ذلك أن ترى ولدك يعيش مشتتًا، لا يأوي إلى أبويه في بيتٍ واحد، وما دام إصلاح الوضع ممكنًا فإنه ينبغي للإنسان أن يحاول وأن يسعى في ذلك ما استطاع، وإن تنازل عن بعض حقوقه، يستوي في ذلك الزوج والزوجة، والله سبحانه وتعالى يقول: {والصلح خير}.

فالنصح لك أيها الحبيب: أنه إذا كانت هذه الزوجة قد شعرت بسوء تصرفها، وأدركت خطأها؛ أن تُعطيها الفرصة التي تُصلح بها أوضاعها دون اللجوء إلى الأساليب التي تشعر معها الزوجة بأنها معرضة لأنواع من الإذلال أو نحو ذلك، فإن المودة في القلوب لا تُغرس بمثل هذه التصرفات.

وكن على ثقة أيها الحبيب من أنك كلما أحسنت إلى هذه الزوجة وتجاوزت عنها فإن ذلك سيعود عليك بمحبتها ومودتها، وإن لم يكن ذلك عاجلاً، فإن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها.

ولكن إن هددت بالطلاق وتركتها فترة عند أهلها ما دامت هي التي ذهبت حتى تستشعر بالخطر وتُدرك أن الأسرة مهددة، وأن البيت سيتفكك وأنها ستخسر زوجها، فإن هذا التصرف لا بأس به.

وعلى كل حال فإنه يجوز لك أن تطلقها من الناحية الشرعية، وليس في ذلك ظلم تأثم بسببه، فإن الطلاق جائز لا سيما عند فساد الحال بين الزوجين، ولكنه ليس هو الحل الأمثل والأفضل.

وأما اشتراطك على الزوجة حتى لا تطلقها أن تتنازل عن بعض حقوقها، فإن هذا مما يُجيزه بعض الفقهاء، ولكن الأولى لك ألا تفعل كما قلنا حتى لا تشعر الزوجة بأنك تستغل خطأها وسوء تصرفها.

نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يأخذ بيدك إلى كل خير، ويُقدِّر لك الخير حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا أحمد (صاحب المشكلة)

    و الله نزلت كلماتك بردا و سلاما على قلبي، و كيف لي أرد رأيك و انت تخاطبني بالأخ الحبيب

    قررت الصبر عليها حتى تدرك حقوق زوجها و بيتها و تعود إليه كما خرجت

    ربنا يهديها و يوفقني إلى ما يحبه و يرضاه

    و جزاك الله عني خيراً :)

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً