الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أكمل الدراسة في مدرستي أم في مدرسة أخرى؟ وهل الذي أعانيه رهابا اجتماعيا؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا صاحبة الاستشارة رقم: (2236376) لا تعلمون كم فرحت وتأثرت وبكيت عندما رأيت استشارتي على موقعكم، رأيت أنكم قد رأيتموها وأجبتم عليها، شعرت أنه يوجد أمل في الحياة، شعرت أنه يوجد حل لمشكلتي، وفي الحقيقة أشكركم على ما قلتموه لي، لكن لم تجيبوا على سؤالي: هل أكمل في مدرستي التي أنا فيها الآن أم أبدأ حياة جديدة في مدرسة أخرى؟

مع العلم أن المدرسة التي أريد أن أنتقل إليها يوجد بها فتاة أعرفها، كانت زميلتي في المرحلة الابتدائية، ويوجد بها ابنة جارتي -أيضاً- وهي في سني، ويوجد بها -أيضاً- صديقتي التي كانت هنا في مدرستي هذه، العام الماضي، ولكن انتقلت هذه السنة، وبهذا بقيت وحيدة، مع العلم أن صفي كل أناس منهم منقسمون إلى مجموعات و(شلل).

أنا لست في أي مجموعة معهم، يوجد لي زميلة هي من تقعد بجانبي، وهي صموتة، وتصرفاتها وحديثها كالأطفال، وليس لها أي صديقة، في الفسحة تجلس وحدها، وكل يوم تجلس في نفس المكان، والكل يعلم أنها وحدها، وسمعت عنها أنها منبوذة، أو مسكينة.

أما أنا فأحاول قدر الإمكان ألا يراني الناس وحيدة، فأبحث عن أي فتاة؛ لكي أجلس معها، وإن لم أجد أذهب مع هذه الفتاة الصموتة المسكينة، وأنا لا أريد أن يراني أحد معها، ولا أريد أن يقول أحد: إنني صديقتها، لا أريد أن تكون سمعة الناس عني هكذا، أنا أيضاً أكرهها ولكني لا أريد أن أكون وحدي.

هل أجلس وحدي بكل ثقة وأمام الناس وأترك هذه الفتاة؟ كيف أستطيع أن أصادق من أحب؟ كيف أستطيع أن أصادق من أرتاح لهم؟ أنا عندما أجلس مع أي زميلة لي لا أعرف ماذا أقول؟ يأتيني شعور في بالي: ماذا أقول لها؟ ماذا أتحدث معها؟ ما هي المواضيع التي يجب أن أتحدث بها من أجل أن تحبني، وتعتبرني صديقتها؟ وهي لا تحدثني كما تحدث أي صديقة لها، لا تتحدث معي عن نفسها، أو عن أشياء تخصها، كيف سأنطلق معها إذا لم تتحدث معي كما تتحدث مع أي صديقة لها؟

هذه هي أصل مشكلتي، لا أعرف عما أتحدث سوى عن الدروس، وعلاقاتي مع زميلاتي جميعهن عن الدروس؛ لأن مستواي الدراسي عالٍ، وأنا لدي موهبة الرسم -والحمدلله- وكل من تريد رسماً تأتي إلي، أو في حصة مادة التربية الفنية يأتون إلي، في رأيكم كيف أستغل هذا الشيء في تقوية شخصيتي؟ وكيف أستغل موهبتي التي وهبني الله إياها؟

أريد أن أكون اجتماعية، أرجوكم، أرجوكم ساعدوني، وقولوا لي: ماذا أفعل في مدرستي؟ لأنني إذا كسرت حاجز الخجل في مدرستي سينكسر في كل مكان، فأخبروني: ما هي الخطوة التي أخطوها في مدرستي؟ وكما تعرفون سأفعل كل ما ستقولونه لي من أجل أن أتغير، أريد أن أخرج من المرحلة المتوسطة وأنا لست خجولة، بل جريئة، ثقتي بالله كبيرة، ثم بكم وبنصائحكم.

هل أنا أعاني من الرهاب الاجتماعي، أم أن هذه حالة طبيعية وستمر مع الأيام؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إنسانة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكراً لك على التواصل معنا مجدداً، وكل عام وأنت بخير، وسرنا أنك سررت من قراءة الجواب السابق، واهتمامنا بقرائنا كبير، -ولله الحمد-.

نعم، ما تعانين منه هو نوع من الخجل الاجتماعي، وإن كان طبيعياً ربما في هذه المرحلة العمرية، وستتجاوزينها، لا شك.

أذكر أني قلت لك في جوابي السابق: (أن الذي يحتاج للتغيير حقيقة ليست المدرسة أو الصف أو الزميلات...، وإنما تغيير نظرتك أنت لنفسك أولاً، ومن ثم نظرتك للحياة وللمجتمع).

ومع ذلك إذا رأيت تغيير المدرسة، فلا مانع في هذا، طالما أن أسباب التغيير مقنعة، وليس هرباً من حال إلى حال، وإنما بناءً على النظرة الموضوعية لطبيعة المدرسة الأولى والمدرسة الثانية.

طبعاً الجواب النهائي في الانتقال أو عدمه تابع لك، وبالنقاش مع أسرتك، وليس لنا أن نتخذ هذا القرار نيابة عنك.

وقد ذكرت لك في جوابي السابق أن فيك طاقة كامنة، ربما لا تستخدمين منها إلا الجزء القليل جداً، ففي هذا العمر لا شك أن لديك مواهب وإمكانات كثيرة، إلا أن عليك إطلاقها، ولو بشيء من التدرج، فالموضوع لا يحتاج أن يكون تغييراً جذرياً، ولا أن يكون دفعة واحدة.

وقلت لك: حاولي من الغد، نعم الغد وليس بعد الغد، أن تفعلي أمراً صغيراً، مهما كان صغيراً، كنت طوال الوقت تتمنين القيام به، إلا أن خجلك جعلك تترددين في القيام به، وستجدين من خلال التجربة كيف أنك استطعت القيام بهذا العمل بالرغم من سجن المستحيلات التي تصورتها من قبل.

وكما ذكرت أن الثقة بالنفس ليست شيئاً يولد معنا، وإنما هي شيء نكتسبه من خلال التجربة والممارسة يوماً بعد يوم، وستجدين -وخلال فترة قصيرة- أن هذه السنة الدراسية قد غيّرت نمط حياتك وشخصيتك من خلال القيام ببعض هذه الأعمال البسيطة.

وأرجو أن تنتبهي إلى أننا لا نتطلع للتغييرات الكبيرة، والقفزات المرتفعة جداً، وإنما تغيير بسيط، وتتابعي بعده واحداً آخر، وهكذا حتى تصلي لما تريدين من التغيير المطلوب.

ويمكنك -أيضاً- تجربة الكثير من هذا التغيير داخل الأسرة مع بعض أفراد أسرتك، وستجدين أن الثقة بالنفس في البيت قد انتقلت أيضاً إلى المدرسة والمجتمع، والعكس صحيح أيضاً.

وفقك الله، وإن شاء الله نسمع أخبارك الطيبة، وأخبار نجاحاتك، وكل عام وأنت بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً