الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقصيري بحق والدي المتوفى يجعلني أفقد السيطرة على نفسي حين الغضب.. فكيف أنسى الماضي؟

السؤال

السلام عليكم

جزاكم الله كل خير على جهودكم الرائعة.

أنا سيدة متزوجة منذ 4 سنوات، ولدي ابن يبلغ من العمر عامين، أعاني من تعب نفسي وحزن شديد بسبب فقد والدي -رحمه الله- ووالدتي -شفاها الله- حيث أن أمي تقبع في المستشفى منذ أكثر من سنة، نتيجة سكتة دماغية أصابتها بالشلل الدائم، ونتيجة لهذا فأنا أشعر بحزن ولوم دائم لنفسي بما حصل لها، وأشعر بأنني مقصرة بحقها نتيجة بقائها في المستشفى؛ حيث أنني لا أستطيع خدمتها بأي شيء، فأشعر بأنني بنت عاقة.

كما أن أبي توفي في بلد غير البلد التي أسكن فيها، ولم تتسن لي الفرصة للذهاب إلى تلك البلد، وأشعر بحزن عميق أنني لم أودعه، وأبدأ بلوم نفسي بشدة، وبتذكر المواقف التي قصرت فيها معهم، ونتيجة لذلك فأنا دائمة العصبية على زوجي وابني، وأضرب ابني إذا شاغب بشدة، ولا أستطيع السيطرة على غضبي، وأشعر بأني وقت الغضب كأن شيئًا يعمي بصيرتي، وبعدها أندم ندما شديدا.

لقد من علي ربي بزوج رائع وابن أروع، وأنا خائفة من فقدانهم نتيجة هذه العصبية، الرجاء مساعدتي في إيجاد حل لنسيان الماضي، وعلى طرق علاج الغضب الذي يصيبني.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حبم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يرحم والدك، وأن يعجل بشفاء والدتك، وأن يصلح الأحوال، ونسأل الله أن يوفقك للبر بوالديك، والشفقة بطفلك، وحسن التبعل لزوجك.

وأرجو أن تعلمي أن الحزن، وجلد الذات، والتحسر على ما مضى لا يفيد الميت، ولا ينفع الوالدة، ويلحق بك أبلغ الضرر.

والصواب هو أن:

تدركي أن والدك بحاجة للدعاء بالرحمة، ووالدتك بحاجة للدعاء بطلب الشفاء، وأنت بحاجة إلى الصبر والرضا، كما أن وجودك مع والدك ما كان ليزيد في أجله، كما أن بقاءك مع الوالدة لا يعجل بشفائها، فتعوذي بالله من شيطان يدخل عليك الأحزان.

ولو قيل للوالدة ماذا تريدين من ابنتك؟ فإنها ستقول: عليها أن تهتم بزوجها وابنها، فسعادة الوالدة في أن تراك تشبعي صغيرك بالحنان، وزوجك بالتقدير والاحتفاء والاحترام.

أما المواقف التي مضت، فلا تقولي: لو أني فعلت كذا كان كذا، ولكن رددي بلسان أهل الإيمان: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان، ومن هنا يتضح أن هذا الدين دعوة للإيجابية، والنظر للأمام، وهو دين يرفض الدوران حول النفس، والتجاوب مع الشيطان في الإحباطات التي يعيدها ويكرر، ليشغل بها عن الجد والخير، ولا يخفى عليك أن الصراخ والعصبية والضرب أشياء تلحق أضرارا بالغة بالطفل.

أما بالنسبة للزوج: فلست أدري إلى متى سوف يصبر؟ وكيف سيحتمل ما يحصل لابنه؟

وننصحك بالتعوذ بالله من الغضب، لأن الغضب من الشيطان الذي ينال من الغضبان أكثر مما يناله من السكران، بل إن الغضبان شيطان.

والغضب علاجه بالتعوذ بالله من الشيطان، ثم بذكر الرحمن، وإمساك اللسان، وتهدئة الأركان، بحيث يجلس الواقف، ويتكئ الجالس، ثم عليه أن يهجر المكان، فإن كان الغضب شديدا؛ فتوضئي وصلي.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، والصبر، فإن العاقبة لأهله.

سعدنا بتواصلك، ونسأل الله أن يوفقك، ولك منا خالص الدعوات وأطيب الأمنيات.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً