الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أغار من الزوجة الثانية ومن أبنائه، فكيف أتصرف مع زوجي؟

السؤال

السلام عليكم.

زوجي متزوج بأخرى، وبعد عدة شهور اكتشفت بأنه أنجب طفلا منها، وقال: بأنه لم يصارحني؛ لأنه يحبني، ويخشى أن أطلب الطلاق منه، رغم عذابي من وجود زوجة أخرى؛ إلا أنني تحملت ظروفه المادية، ولم أكلفه بأي شيء في زواجنا، سوى أشياء بسيطة لا تذكر، وكنت مستعدة لأن أتحمل ظروفه المادية لو كنت زوجته الوحيدة، لكنني الآن أرى التفرقة في الإنفاق.

هو لا ينفق علي بحجة أنني غنية، علما بأن زوجته الأخرى لها دخل شهري من أهلها، أنا الآن أشعر بالظلم نتيجة توفير مسكن مؤثث، ونفقة شهرية للزوجة الأخرى، معللا ذلك بأني أمتلك شقة، وعندي ما يكفيني من المال.

زوجي له ثلاثة أبناء من مطلقة أخرى، وينفق عليهم، ولا يحرمهم من شيء، أنا أشعر أن الكل له حقوقه المالية إلا أنا، فكل ما أتميز به عن الزوجة الأخرى هو الحب والمبيت معي فقط لا غير، لا أخفي عليكم بأنني أحبه ولا أريد الانفصال عنه، فما رأي الدين في ذلك؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريهام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلًا وسهلًا ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يُصلح ذات بينكم، وأن يُعين زوجك على إكرامكم جميعًا، وإلى العدل بينكم، وأن يجعلكم من سعداء الدنيا والآخرة.

كما أسأله -تبارك وتعالى- أن يربط على قلبك، وأن يعوضك خيرًا، وأن يمُنَّ عليك بسعة الصدر والحلم، حتى تقبلي هذه التصرفات التي قد تُزعجك في بعض الأحيان نتيجة للتعدد؛ لأنه مما لا شك فيه أن التعدد يُلقي بظلاله على حجم الاستفادة التي تكون في داخل الأسرة؛ لأنه –وكما لا يخفى عليك– لك شركاء في زوجك، وقد كانت هناك شريكة سابقة، ثم بعد ذلك جاءت امرأة أخرى أيضًا، وأنت موجودة كذلك، فهذا مما لا شك فيه فيه ضغط على الوقت، ضغط على الزمان، ضغط على المكان، ضغط على النفس، ضغط على المال، ضغط على كل شيء، وبذلك عادة ما يحدث هناك نوع من الاضطراب فعلاً، وأحيانًا نوع من عدم الإنصاف، مع رغبة الزوج في ذلك وحرصه عليه، إلا أنه نتيجة اتساع رقعة المسؤولية؛ قد يقع منه بعض الخلل.

ولذلك ليس حقيقة أفضل وأسلم وأنفع -خاصة وأنك تحبينه ولا تريدين الانفصال عنه- من الصفح والعفو، وفتح دائرة الحوار بصورة أوسع وأكبر، فأنت عندك الحب وعندك المبيت كما ذكرتِ، ولكن هناك حقوق أخرى أيضًا خاصة المالية، تشعرين أنك أقل النساء حظًّا منها، أنا أقول: هذا أمر علاجه بالحوار والنقاش والتفاهم، وعليك بأن تبيني لزوجك هذه الأمور، وأن تشرحي له مدى تأذيك بهذه الأشياء، وأن تتفاهمين معه حول هذه المسائل، لاحتمال أن تكون المعلومات التي لديك ليست دقيقة مائة بالمائة، ولذلك أرى دون أن تأخذي الكلام من أحد، أو من أي مصدر آخر، أرى أن يكون كلامك معه مباشرة، حاولي قدر الاستطاعة أن تفتحي قنوات الحوار مع زوجك، وأن تتكلمي معه في كل صغيرة وكبيرة، بكل صدق وكل أمانة، وأن تبيني له ما في نفسك، وأن تستمعين إلى وجهة نظره.

ثم بعد ذلك كما ذكرت حاولي قدر الاستطاعة أن تجتهدي في مراعاة الظروف غير الطبيعية؛ لأنك الآن شريكة في رجل، فهو ليس لك خالصًا، وإنما هناك شركاء لك، وهؤلاء الشركاء قد يجتهد زوجك في إكرامهم والإحسان إليهم؛ نتيجة اجتهاده في فهم هذه الأمور.

وأفضل وسيلة ما دمت راغبة في البقاء معه، وأنك تحبينه، ولا ترغبين في الانفصال عنه؛ أرى أن توسعي دائرة التفاهم ودائرة الحوار ودائرة النقاش، وأن تتكلمي معه، وأن تكوني معه في حل مشاكله، ولا تقفي ضده، لأنك لو وقفت ضده فقد يتبرأ من ذلك ويتأسف، وقد لا يستطيع أن يُحقق لك رغباتك، فتتحول الحياة إلى نوع من الصدام وعدم الراحة والاستقرار.

ضعي يدك في يده وقولي له: (أنا أقدِّر ظروفك، وأعلم أنك مسؤول، وأن مسؤولياتك عظيمة وكبيرة، وأنك مسؤول عن أبناء الزوجة الأولى، وكذلك أيضًا الزوجة الحالية، وأنا أعلم أن هذا وضع غير طبيعي، ولذلك دعني أساعدك، ودعني أقف معك، ودعني أمد لك يد العون والمساعدة، ولكن أهم شيء عندي أن يكون بيننا حوار ونقاش، حتى أستطيع أن أقدر ظرفك، وحتى أستطيع أن أقف معك).

ثم بعد ذلك تعذرينه -كما ذكرت لك- إذا قصَّر، ولابد أن يُقصِّر نتيجة اتساع دائرة المسؤولية، فعليك بالعفو أولاً، وعليك بنوع من السماح والتنازل، وعليك بالحوار البنَّاء، وعليك بالخروج من دائرة الأنانية، ثم بعد ذلك عليك بالدعاء له بأن يُصلحه الله، وأن يعينه، وأن يقويه على ما هو فيه، وبذلك ستكون الأمور أطيب مما تصورين.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر ام نوح

    تطلبون منها فوق طاقتها

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً