الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني منذ فترة قريبة من النظر إلى الأشياء المحرجة؟

السؤال

أعاني منذ فترة قريبة من النظر إلى الأشياء المحرجة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عز الدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، وأسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يُجنبك الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن يرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى، وأن يُعينك على غض بصرك وتحصين فرجك، وأن يُوفقك في دراستك، إنه جواد كريم.

ابنِي الكريم عز الدين: حقيقة أنا مُعجب باسمك الرائع، وحزين لتصرفك السيئ والمُحزن، لأن عز الدين الأصل فيه أن يكون حريصًا على عز الدين، وعز الدين لن يكون إلا بأن تعز دينك في نفسك، وأن تعظمه في نفسك، وأنت عندما تنظر إلى هذه المعاصي وهذه المحرمات فأنت بذلك تُسبب لقلبك حرجًا شديدًا، وتُصيبه بظلمة عظيمة، هذه الظلمة تجعلك لا تُحب الله تعالى ولا تُحب دينك ولا تُحب نبيك؛ لأن الظلمة عادة هي مسكن الشياطين، ولذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- علمنا كيف نتعامل مع الظلام، بل إن -النبي -صلى الله عليه وسلم- بيَّن لنا أن الكلب الأسود شيطان، وأن الشيطان يأتي في صورة الأشياء السوداء والكلب الأسود خاصة.

لذا – حبيبي الكريم – بارك الله فيك: أنت عندما تنظر إلى هذه الأشياء فأنت تطمس نور الإيمان وتُطفئ نور الإيمان في قلبك، فتحيا بقلب أسودٍ مظلم، لا تستطيع أن تعرف معروفًا، ولا أن تُنكر منكرًا، وبالتالي يموت قلبك مع الأيام، وأنت تعلم أن القلب الميت لا مكان له في جنات الله الواسعة، ستمر عليك أيام إذا واصلت هذه المعصية لتجد نفسك لا تُحسن تلاوة القرآن، وإن سمعت كلام الله لن تتأثر به، وإن رأيت أي موقف إيماني لا تتفاعل معه، وستشعر بأنك تُصلي عبارة عن صورة أو عبارة عن إنسان آلي لا قلب لك، ولا عقل ولا روح.

لذا أقول لك: أنقذ نفسك -يا عز الدين- من هذه المعصية، حاول واجتهد، أنت أخذت قرار النظر بنفسك، وأنت قادر أيضًا أن تأخذ قرار الترك بنفسك حياءً من الله، واعلم – ولدي عز الدين – أنك عندما تنظر للحرام، فتذكر أن الله ينظر إليك، وأن الله من الممكن أن يأخذ منك بصرك، فلا تستطيع أن تردَّه، ولا يستطيع أهل الأرض جميعًا أن يردوه لك، أيسُرُّك – ولدي عز الدين – أن يُعجِّل الله بعقابك بأن يحرمك من نعمة البصر؟ أتتمنى ذلك يا ولدي؟ أعتقد أنك لا تتمنى، وأنا والله لا أتمنى لك ذلك، ولا يوجد أحد من المسلمين يتمنى لك ذلك.

ولدي الكريم: هذا من شؤم المعصية؛ لأنه كما ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما من مصيبة تقع إلا بذنب، ولا تُرفع إلا بتوبة) فالذنوب هذه – ولدي الكريم – هي التي تُصيب الإنسان بالمصائب، واقرأ معي القرآن الكريم لتجد أن الله ما عاقب أمة ولا عاقب شخصًا إلا بسبب المعاصي، وقد يكون الأمر في نظرك سهل بسيط، ولكن كما قال الله: {وتحسبونه هيِّنًا وهو عند الله عظيم}.

ولدي عز الدين: أنت دخلت هذه المواقع وتنظر إليها سواء كان في الأجهزة أو في الطبيعة برغبتك أنت، وأنت القادر على أن تقوّم سلوكك، وأن تُعدِّل مسيرتك، وأن تترك هذا من أجل ربك حياءً منه جل جلاله سبحانه، واعلم – ولدي – أن من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، واعلم – ولدي – أن من غض بصره ونفسه عن الحرام رزقه الله حلاوة الإيمان يجدها في قلبه في الدنيا والآخرة.

فتوقف عن هذا الذنب بتوبة إلى الله تعالى، وقل (يا رب إني تائب إليك فأعني على أن ألتزم بترك الحرام، وثبِّتني على ذلك، واقبل توبتي، واغفر ذنبي، وأعني فيما بقي من عمري ألا أفعل ما يُغضبك أو ما يُفسد العلاقة بيني وبينك)، وأكثر من الاستغفار، وحاول أن تشغل نفسك بالأشياء المفيدة والنافعة والهادفة، وهناك ملايين المناظر المباحة، بل إن النظر إليها عبادة، فالتزم ما يُرضي مولاك، واترك ما لا يُرضيه، وأبشر بفرج من الله قريب، واعلم أن الله سيكون معك على قدر طاعتك له واستقامتك على هديه.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أوروبا دينا عبدالواحد

    إن التوبه إلي الله عزوجل تغسل الران الذي علي القلوب ..وتقرب العبد من رحمه علام الغيوب ..وبها يعرف العبد أنه علي مقربه من الله عزوجل..

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً