الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حدة انفعالي وإهاناتي لزوجي بدون سبب وإهمالي لأطفالي تهدد حياتي!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة عمري 26 عاما، تزوجت منذ سنتين ونصف، ورزقت بطفلين، كتبت معاناتي حينما شعرت أنها تهدد حياتي الزوجية بالخطر، حيث أني كدت أن أنفصل عن زوجي أكثر من مرة ويصلح بيننا الأهل والأقارب.

أنا ﻻ أستطيع أبدا زيارة أي طبيب نفسي، وﻻ يمكن لزوجي تفهم ذلك نهائيا، فهو دائما يردد: أنت كنت تعانين من مشاكل نفسية، فهذا غش لأنك لم تخبريني بذلك قبل الزواج. رغم أني كنت مستقرة قبل الزواج ولم أشعر بأي متاعب.

تتلخص معاناتي في سرعة الانفعال وشدة حدته أحيانا، وفيما كان زوجي يشكوني لأمي مرة قال: (إنها تأتي عليها أوقات تكون فيها أطيب إنسانة وأفضل زوجة، وأوقات أخرى تصبح أسوأ إنسانة على وجه الأرض، فهي تسب وتشتم وتكسر وتصرخ، يوما تحبني ويوما تكرهني) حتى أن زوجي دائما يشك أن في حياتي أحدا يحرضني عليه بسبب سرعة تقلب مزاجي، عندما أفكر مع نفسي أندم ولكن وقت الخلاف ﻻ أستطيع أبدا تمالك أعصابي، وﻻ أستطيع السيطرة مهما حاولت، وليس لدي أدنى رغبة جنسية إطلاقا، دائما أشعر بإرهاق وخمول غالب أوقاتي.

المهم في الموضوع أنه في الشتاء تزداد الحالة سوء، ففي الشتاء الماضي حاولت الانتحار وانهرت كالمجنونة، وهذه السنة أيضا في بداية الشتاء انفجرت في زوجي، وكنت أعاتبه على كل خياناته وقصصه القديمة هو وأهله والتي سبق وأن سامحتهم عليها وطويناها.

ثم إني أعاني بعد أي علاقة حميمية من آلام الظهر والعضلات، أقضي معظم يومي في النوم وﻻ أستطيع الاستيقاظ، أهملت أطفالي ونفسي، أشعر بإرهاق وتعب شديد، أستمر دائما في إهانة زوجي، وأخبره أني أفضل منه حسبا ونسبا وجمالا وتعليما، وإن كان ذلك صحيحا لكن ﻻ أعلم لماذا أردد تلك الكلمات، ينتقدني أبي دائما عليها ويقول لي: توقفي عن ذلك. أتوقف أشهر ثم أعود أخبر زوجي أنني أفضل، وأنني لست خائنة مثله، وأنني ﻻ يمكن أن أغلط، وأستمر في مدح نفسي وذمه.

ودائمة القلق أحزن على أطفالي دائما، وأقلق على صحتهم ونفسياتهم بشكل هستيري، وأجن حين يخبرني أحدا أني مقصرة في حقهم، بدأت انتقادات الناس لي تزداد حتى من أهلي.

أرجوكم ساعدوني في تشخيص حالتي، واقتراح العلاج المناسب، رغم أنني متوترة بشأن الدخول في استخدام عقارات نفسية أخشى إدمانها، لكني لا أفكر في الحمل قريبا، ويمكنني الاستمرار على الأدوية فترة جيدة، أتمنى أن أكسب زوجي، وأن تتحسن نفسيتي وأقوي علاقتي به وبأطفالي، وأبدو طبيعية أمامه وأمام أهله، الذين يحاولون بشتى السبل انتقادي دائما حيث أني أعيش معهم، أشعر كثيرا بالذنب تجاه أطفالي وزوجي، أتمنى أن أكون سعيدة مرحة طبيعية، أتمنى أن أعود إلى ما كنت عليه قبل 5 سنين، هادئة جدا ومرحة ونشيطة ودائمة الابتسامة.

ساعدوني أرجوكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ندى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أيتها الفاضلة الكريمة: الخلافات بينك وبين زوجك لا بد أن تسعي دائمًا لترميم هذه العلاقة، والمرأة الذكية هي التي تحفظ زواجها، بل تعيش حياة زوجية سعيدة، ليس الحفظ فقط، إنما السعادة والرضا أيضًا مطلوبة، لأن الزواج أصلاً هو مودة وسكينة ورحمة.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنت إنسانة مدركة، في كامل عقلك واستبصارك، ما يحدث منك من تقلبات مزاجية والإقدام السلبي نحو زوجك في كثيرٍ من الأحيان، هذا تحت إرادتك ويمكنك التحكّم فيه، لا بد أن تُغلظي وتُجسّمي في نفسك ما تقولينه لزوجك من كلمات قد لا تكون مقبولة، ومن تصرفات قد لا يكون فيها شيء من الفطنة والحِنكة، وصححي مسارك، أنت صاحبة الأمر، وأنت مُدركة، وأن تستطيعين أن تتغيري، لا بد أن تكون هنالك نوع من الفَلْتَرةِ والتصفية لما تقولينه، الانضباط مهم جدًّا.

ودائمًا لا تلجئي لكلمة (أنت) و(أنا) هذه كثيرًا ما تؤدي إلى التشرذم الزواجي، قولي (نحنُ) أشعري زوجك أنكما كتلة واحدة (يا ليتنا لو قمنا بكذا وكذا) حتى وإن كان هو مُخطئًا أو أنت مُخطئة، هذا توجُّهٍ بسيط جدًّا إذا طُبِّق بالصورة الصحيحة يجعل الحياة الزوجية فيها الكثير من الإيجابيات والسعادة. ولا تنسي هذه الإيجابيات الموجودة في حياتك، أنت متزوجة، وهبك الله الذرية الصالحة، قال تعالى: {ولا تنسوا الفضل بينكم}.

محاولتك للانتحار هو أمر غريب جدا وأمر عجيب جدًّا بالنسبة لي، ليس لأني لا أتعامل مع هذه الحالات، أتعامل معها يوميًا، لكن أرى أن دوافعك نحو محاولة الانتحار ليست مبررة، قد تكون صرخة مساعدة، قد تكون فيها شيء من محاولة لفت الانتباه، قد تكون فيها شيء من جعل الآخر ليشعر بالذنب، لكن في نهاية الأمر أنت التي تخسرين. الانتحار يُشوِّه النفوس، يُشوِّه الصورة الاجتماعية لدى الإنسان، وأولاً وأخيرًا يؤدي إلى غضب الله تعالى، والخلود في النار، فلا بد أن تُحرري نفسك تمامًا من هذا الفعل ومن هذا النوع من التفكير.

أيتها الفاضلة الكريمة: عليك أن تنظمي وقتك، كوني منضبطة جدًّا في حسن إدارة الوقت، وقتًا للنوم، وقتًا للراحة، ووقتًا للاطلاع، ووقتًا للتواصل الأسري، وهكذا. حسن إدارة الوقت تجعل لحياتك قيمة، وعليك أن تقومي بذلك.

الأمر الآخر هو أنك محتاجة لبعض الأدوية البسيطة من وجهة نظري، أنت لا تريدين أن تستعملي أدوية نفسية، لكن أقول لك: الأدوية الآن ممتازة وسليمة، خاصة إذا كنت تتواصلين مع طبيب نفسي ثقة، والحمد لله تعالى هم كُثر، ولا أعتقد أن زوجك الكريم سيعترض على ذهابك إلى الطبيب، بالعكس سيقبل ذلك، لأنه يُشاهد بأُمَّ عينيه الصعوبات التي تعانين منها، وكل الذي تحتاجينه هو أحد مثبتات المزاج ومُحسِّناتها، وليس أكثر من ذلك.

وللفائدة راجعي حكم الانتحار أو التفكير فيه: (262983 - 110695 - 262353 - 230518).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية صالح

    السلام عليكم
    لم اقرأ الرد و لكن ارجو نصيحتها بأن تقوم بفحص طبي لحالتها الصحية البدنية فقد تعاني الغدد الدرقية أو ما شابه من الهرمونات حتى "د" و أنا مجرب ... و الله العالم سبحانه.

  • السعودية خالد

    لزم تسامحية على خيانتة فمجرد تفكيرك بخيانته يعدم نفسيتك ويرجعك وراء انسي وسامحي ولا تفكري بماضي ابدا فعندك اجمل مارزقك ربي ذرية مشاءالله وصحة وذكاء ولاتنسي القران فهو خير علاج

  • general

    يجب تشخيص الحالة . فتقلب المزاج و المشاعر و الدوافع .. ممكن تكون TPB

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً