الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هي الطريقة المثالية لتربية طفلتي العصبية المشاغبة العنيدة؟ ساعدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أم لطفلة تبلغ من العمر سنتين و7 أشهر، وطفل عمره عشرة أشهر، نحن مغتربون في بلد عربي، ليس لنا أية علاقات اجتماعية أو أصدقاء، بدأت مشكلتي مع طفلتي منذ فترة، فهي عصبية جدا، دائمة الصراخ حتى على ألعابها، لدرجة أنها إذا أرادت شيئا من ألعابها، ولم تستطع تحريكها، أو لم تستطع حملها، تصرخ بصوت عال جدا، وترمي الأشياء.

أيضا هي عنيدة بشكل غير طبيعي، على أبسط الأشياء، فأول رد منها على أي طلب لا، عندما أريد منها مرافقتي إلى الحمام، فأول كلمة تقولها: لا، عندما أريد أن تلبيسها تهرب وتقول لا، كل أمر منا أو طلب مهما كان بسيطا ترفض تنفيذه، يجب أن أبذل مجهودا حتى تفعل أي شيء نريده، تستنفذ طاقتنا بشكل رهيب، أكون مجهدة في آخر النهار لدرجة الإعياء، والدها حينما يتعامل معها يصل إلى عصبية شديدة، رغم أننا نحاول أن نكون هادئين، ونتحكم بأعصابنا عند التعامل معها، ولكن في لحظة معينة وبدون أن نشعر، يفقد أحدنا أعصابه.

طفلتي كذلك مع الجميع وليست معنا فقط، فأهلنا وهم بعيدون عنا ينصحوننا، بأن نكون هادئين معها، ونحتملها، ولكن عندما يزوروننا ويتعاملون معها، يفقدون أعصابهم، وأجدهم يصرخون ويستنجدون.

عندما بدأت أعلمها الذهاب إلى الحمام، وكالعادة، كانت تجربة الذهاب إلى الحمام صعبة، فنادرا ما تطلب الذهاب إلى الحمام، وغالبا ما تفعلها في أحد الأماكن في البيت، وفي هذا الموضوع جربت اللين والمكافآت والشدة والقوة، وأحضرت أشياء تحبب لها العملية، ولكن طفلتي لا تكترث للهدايا أو المكافآت.

أكلها قليل جدا، ومتعلقة بالرضاعة كثيرا، لم أعد أعطيها الحليب إلا مرة واحدة في الليل، وفي النهار أعطيها عصائر، لكنها مرتبطة بالرضاعة، وإن كانت زجاجة الرضعة فارغة، حتى عندما تغضب أو تبكي تطلبها، عنيفة جدا مع أخيها، ولكنني أمتص غضبها، كون الغيرة طبيعة في عمرها، عنيفة مع الأطفال الآخرين، تبدأ بالضرب بدون مقدمات، في البيت لا شيء يسلم من تخريبها، كما أنها بدأت تقرض أظافرها إلى أن ينزل الدم، ودائما تضع أصابعها في فمها، وكأنها قلقة أو خائفة.

في بعض الأحيان عندما يضربها أحد أو يصرخ عليها بشدة، تصرخ هي الأخرى وتبكي بشدة، وقد تشد شعرها أو تضرب نفسها، لدرجة لا أحتملها وأخاف عليها، فأقوم بضمها بسرعة، وأمسك يديها.

من المضحك في أسلوبها أنه عندما نقوم بنصحها، أو نقول لها البنت الشطورة تفعل كذا ولا تفعل كذا، هي تكمل ما نقول، وتحفظ كل ما نقول، ولكن ليس قيد التنفيذ عندها.

أنا لا أريد لطفلتي أن تنشأ وهي تعاني وأنا لا أعلم، لا أريد لها أن تكون مرفوضة من الجميع، كما هي الآن، فالكل يقول أنها شقية، والكل يستعد عند زيارتنا له، حتى لا تخرب شيئا، الكل يتجنبها لعصبيتها، وأنا ألوم نفسي دائما؛ لأنني في بداية زواجي كنت عصبية جدا، بسبب غربتي، وبداية الحياة الزوجية ومصاعبها، ولا أعرف هل ما بها الآن غيرة من أخيها، أم هي تراكمات لعصبيتنا ومشاكلنا في بداية حياتها، أم هو أسلوب تربية خاطئة، وقد نكون أفرطنا في تدليلها.

أرجوكم ساعدوني كيف أساعد طفلتي؛ حتى تعود محبوبة ومقبولة من محيطها، وتتمتع بصحة نفسية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زهرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وأشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

أيتها الفاضلة الكريمة: حين نقيم مسلك أي طفل، يجب أن ننظر للأسباب -إن وجدت-، فاضطراب المسلك تكون أما ناشئة من الطفل ذاته، أي علة لدى الطفل مثل الطفل الذي يعاني من فرط الحركة، أو الطفل المحدود الذكاء، ربما تكون له صعوبات مسلكية، والمنحى الآخر هو التقييم الأسري، والمنحى الثالث هو التقييم البيئي للطفل، إذا كان في المدرسة أو الروضة أو مع أقرانه.

هذا هو النموذج المثالي لمعرفة المشاكل السلوكية أو المسلكية التي يعاني منها الطفل، وهذه الطفلة -حفظها الله- أنت ذكرتي أنه يصعب التحكم فيها، وأنها عصبية، والجميع قد لاحظ ذلك، وفي ذات الوقت أنت قد يكون قل صبرك وتحملك -أيتها الفاضلة الكريمة-، إذاً هنا يكون لدينا عاملان أساسيان، هما: من جانب الطفلة، ومن جانبك أنت أيضاً، والعلاج في هذه الحالات يكون:

أولاً: يجب أن نتأكد من مستوى ذكاء الطفلة، ومقدراتها المعرفية، وهل هي تعاني من فرط في الحركة، أم لا، وهذا قطعاً قد لا يسهل تحديده إلا من خلال مقابلة الطبيب المختص، مثلاً طبيب الأمراض النفسية المختص بالطب النفسي طبيب الأطفال، أو حتى طبيب الأطفال، لكن كثيراً من الأمهات أيضاً لديهن القدرة والفطنة لتقدير مستوى إدراك الطفل، و-إن شاء الله تعالى- أنت لديك هذه المقدرة بأن تقارنيها من ناحية ذكائها مع بقية الأطفال.

موضوع عدم التحكم في التبول حتى هذا العمر أزعجني بعض الشيء، فنلاحظه لدى الأطفال محدودي المقدرات، لكن أيضاً قد يكون نوعاً من الاحتجاج من جانب الطفل، أو الطفل لم يدرب بصورة صحيحة على تنظيم والتحكم في مخارجه، عموماً لا أريد أبداً أن أثقل عليك، لكن المبادئ السلوكية معروفة، وهي أن تحفزي الطفلة، أن تشجعي ما هو إيجابي، وأن تتجاهلي ما هو سلبي، ولا بد أن يكون هنالك اتفاق بينك وبين والدها على هذه المنهجية، الأمر الثاني: هو أن تلاعبي طفلتك ملاعبة تنزل إلى مستوى عمرها، هذا يساعد الطفلة كثيراً، الأمر الثالث: هو أن تتاح لهذه الطفلة فرصة لللعب مع بقية الأطفال، فالطفل يتعلم من الأطفال.

أعرف أن الظروف الاجتماعية قد لا تتيح ذلك، لكن في عطلة نهاية الأسبوع على الأقل الخروج للحدائق العامة، وأن نجعل الطفلة تفرح وتمرح وتتفاعل مع بقية الأطفال، هذا قد يساعدها كثيراً، هذه هي الأسس التربوية التي تساعد الأطفال على التغير، وأنا أؤكد لك أن هذا الأمر لن يدوم، لن يكون أمراً متصلاً، الأطفال يتغيرون ويتشكلون ويتبدلون، وعليك المزيد من الصبر، وأن تذكري أن هذه الذرية نعمة عظيمة، فلا تتعانفي أبداً مع طفلتك مهما كانت درجة عصبيتها وتوترها، هذا هو الذي أنصحك به.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً