الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتجاوز الشعور بالتحسس من كلام الناس؟

السؤال

السـلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب بعمر 25 سنة، مشكلتي أني أتحسس من كلام الناس ونظرتهم لي منذ كنت بعمر 15 سنة، وأراها بنظرة سلبية، وكنت انطوائيا لا أخالط الناس خوفا من الناس وكلامهم، ولم أكن أستطيع تجاوز المواقف المحرجة.

بمرور الوقت خالطت الناس قليلا رغم استمرار شعور التحسس نحو كلامهم عني أو معي، فمثلا إذا جاملني شخص وقال: أنت جميل، أفكر في كلامه بطريقة سلبية، وأصل لمرحلة الاكتئاب وسوء الحالة النفسية، وصل عمري 22 سنة وأنا أواجه نفس المشكلة.

الآن أعيش في الغربة بعيدا عن الأهل، وخالطت الكثير من الناس، وما زلت أعاني من نفس المشكلة، حيث تزعجني الانتقادات وتؤثر على نفسيتي نظرات من حولي، ولا أتقبل المزاح، وينتابني شعور الندم عندما لا أرد على الشخص الذي يسبب لي موقفا حرجا، وأعدّ بيني وبين نفسي الكلمات الانتقامية لأنتقم منه، لكني أتراجع عندما أقابله وأجده مبتسما.

علما أني شخص طموح، وأسعى لتحقيق أهدافي دون أن أنتظر رأي أحد، وأثق بنفسي، لكني مشكلتي هذه تعكر حياتي.

أرجو أن تساعدوني في هذا الأمر بقدر ما فهمتم عن حالتي، ولكم الشكر، وأعتذر إذا هناك أخطاء لغوية لأن عربيتي ليست جيدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

رسالتك واضحة، ولغتك جيدة، و-إن شاء الله تعالى- وقد فهمناها بقدر المستطاع.

أنا لا أراك شخصًا ذا علَّة نفسية حقيقية، نعم لديك ظاهرة بأنك حسَّاس، بأنك تميل إلى التأويلات أو التفسيرات الوسواسية، وذلك مُنذ فترة اليفاعة، وربما تكون انغلقت على نفسك كثيرًا، لأنك كنت تتوجَّس أو تتحسَّس حول مشاعر الآخرين ومقاصدهم نحوك، وبدأت عندك هذه الأفكار الوسواسية التي قادتك إلى شيءٍ من سوء التأويل، ممَّا جعل ثقتك تهتزُّ بالناس بعض الشيء.

كما ذكرتُ لك: هذه ظاهرة وليست مرضًا، هذه الظواهر تُعالج من خلال تجاهلها، وتحقيرها، وأن تتحدَّاها فكريًّا، تقول لنفسك: (هذه أفكار خاطئة، لماذا أتحسس حول الناس، الناس كلٌّ في سبيله)، واعلم - أيها الفاضل الكريم - أنك لا تُراقب من جانب الناس بالكيفية التي تتصوّرها، الناس لها ما يكفيها الآن ومشغولة، فلا تعتقد أن كل فكرة وسواسية تأتيك ذات طابع فيه حساسية هي صحيحة، هذه الفكرة ليست صحيحة.

حتى إن كنت تعيش في الغرب لكن هناك أيضًا أناس صالحون وأخيار، فابنِ شبكة علاقات اجتماعية إيجابية، الإنسان إذا بنى نسيجًا اجتماعيًا مفيدًا يستطيع أن ينصهر ويتواءم ويتعايش مع نفسه ومع الآخرين بإيجابية كبيرة جدًّا.

أنا أريدك أن تقرأ عن الذكاء الوجداني، أو ما يسمى بـ (الذكاء العاطفي) وهو علم من العلوم المحدثة، أول كتاب كتبه رائد هذا العلم (دانيال جولمان) كتب كتابًا في الذكاء العاطفي سنة 1995، أرجو أن تطلع عليه، كتاب مفيد جدًّا، وتُوجد كتب أخرى مختصرة حول الذكاء العاطفي يمكن أن تكون بديلاً لهذا الكتاب.

فكرة الذكاء العاطفي هي نوعية الذكاء الذي يُعلِّمنا أن نتعامل مع أنفسنا بصورة إيجابية بعد أن نفهم أنفسنا، ونفهم الآخرين ونتعامل معهم أيضًا بصورة إيجابية، إذًا هو أمرٌ مهمٌّ جدًّا بالنسبة لنا، هنالك ذكاء أكاديمي، وهنالك ذكاء عاطفي، بعض الناس تجد عندهم ذكاء أكاديميا رائعا، لذا يتحصَّلون على أعلى الشهادات، لكن تجد الذكاء الاجتماعي أو الذكاء العاطفي أو الوجداني لديهم ضعيف جدًّا، وهذه مشكلة كبيرة، لا يستطيعون أن يتعاملوا مع أنفسهم أو مع الآخرين.

هذا العلم الآن ساعد الكثير من الناس، فأرجو أن تقرأ عنه، وأرجو أن تكون أكثر ثقة في نفسك، وأنا أقول لك أنك لست مريضا، ويا أيها الفاضل الكريم: احرص على صلاتك في وقتها، وعليك بالأذكار، خاصة أذكار الصباح والمساء، وحاول أن تكون بارًّا بوالديك حتى وإن كنت بعيدًا عنهما، هذه أسس في الحياة تؤدي إلى الاستقرار النفسي أو ما يُعرف بالصحة النفسية الإيجابية.

الرياضة يجب أن تكون جزءً أساسيًا في حياتك، وقطعًا لديك آمال وطموحات في هذه الدنيا، أرجو أن تضع الآليات التي توصلك إلى مبتغاك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً