الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد التوقف عن أدوية الهلع أصبت بتبلد المشاعر، فما السبب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

وألف شكر على ما تقدمونه لنا معشر المحتاجين من نصح وإرشاد وطمأنينة حينما نكون في أحلك أيامنا، أريد أن أطرح حالتي المستعصية على حضراتكم والتي أرقتني وأفسدت علي متعة الحياة.

أنا شاب في الثانية والعشرين من العمر، كنت مصابا بتبلد مشاعر جزئي في السابق بسبب أحداث أليمة مرت علي في السابق، لكنني لم أكن ألقي بالا لها.

بدأت حالتي حين انتابتني أول نوبة هلع في حياتي شهر يوليو من الصيف الماضي في الحافلة، ظننت أنني سأموت إذ لم أكن أعلم ماهية الحالة، وأصبت بذعر شديد، تطور مع المدة إلى وسواس قهري، حيث بدأت أركز على نبضات قلبي وتنفسي كثيرا، مما كان يؤدي إلى تسارع نبضات القلب وضيق في التنفس لا يحتمل.

توجهت إلى طبيب عام، فقام بوصف 4 أدوية لي، وهي: Aliviar والذي يحتوي على السيلبيريد، أيضا Kalmaner ، ثم كبسولات مغنيزيوم وكبسولات كالسيوم، لمدة شهرين، عدت نسبيا لطبيعتي خلال تلك المدة، لكن بمجرد انتهاء الدواء أصبت باكتئاب وقلق حرمني من النوم الطبيعي، وعدت أركز كثيرا على نبض قلبي وتنفسي حتى ظهرت نغزات مؤلمة في صدري.

صرت أخاف ممارسة الرياضة حتى لا يرتفع نبض قلبي، وأصبحت لا أستطيع الخروج واستعمال المواصلات العامة حتى لا "أختنق".

زرت الطبيب مرة أخرى شهر نوفمبر المنصرم، فأجرى فحصا سريعا على قلبي، وأكد أنه سليم، لكنه أخبرني أنني مصاب باكتئاب، ووصف لي 3 أدوية، وهي: Sulride وكبسولات تحتوي على المغنيزيوم وفيتامين (ب6)، ودواء يحتوي على Amitriptyline، لمدة شهرين، تناولت الأدوية مع قراءتي لاستشارات حالات مشابهة لحالتي على موقعكم القيم إلى أن تغلبت على وسواسي -والحمد لله-.

لكن الغريب والمؤلم والمؤرق في كل هذا بدون أن أدري ما السبب بعد انتهائي من شرب الدواء أواخر يناير المنصرم أصبت بتبلد مشاعر تام، حيث لم أعد أشعر بأي مشاعر إيجابية أو سلبية على الإطلاق، لم أعد أستطيع تحفيز نفسي أو الاستمتاع بالموسيقى والأفلام، الضحك من القلب، أو حتى الخشوع في الصلاة وتدبر القرآن، وحتى حينما أتحدث مع أفراد عائلتي أو ألتقي بأصدقائي أو أخرج، لا أحس بشيء يذكر على الإطلاق. وحينما أقوم بأي شيء أحس وكأنني في حلم، وأن لا شيء أقوم به أو أقوله حقيقي، والأكثر غرابة أنه مؤخرا فقدت حاستي الشم والتذوق بشكل كلي لما يقارب الشهر ولا زال مستمرا.

أصبحت وكأنني جثة متمشية لا أستمتع بشيء يذكر، فقدت 3 حواس في وقت وجيز وبشكل غريب، بحثت في مواقع أجنبية، فوجدت أن أعراضي تطابق أعراض مرض يدعى Anhedonia، وهو مرض لم يتمكن العديد من الشفاء منه، وأيضا zinc deficiency.

هل من إرشاد جزاكم الله خيرا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إسماعيل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

الذي يظهر لي أنه لديك قلق المخاوف الوسواسي، وبعد ذلك حدث لك مزاج اكتئابي، وقد قمتَ بعلاجه، والآن علَّتك الرئيسية هي ما يمكن أن نسمِّيه (حيادية - أو عدم - فعالية - أو تبلُّد - المشاعر) وهذا يحدث بعد علاج الاكتئاب لدى بعض الناس، والدراسات لم تحسم هذا الموضوع بقرارٍ علميٍّ نهائي، لكن هنالك عدة نظريات من حيث السببية، فيرى بعض علماء النفس أن تناول مضادات الاكتئاب في حدِّ ذاتها قد تؤدي إلى ظهور ظاهرة البرود أو التبلُّد فيما يتعلَّق بالمشاعر بعد أن ينقضي الاكتئاب، هذه النظرية موجودة، والبعض يقول أن هذا الكلام ليس صحيحًا.

عمومًا: الذي نعرفه أن بعض الأدوية تُساعد كثيرًا في أن تخرج من هذه الحالة، وأنا لا أعتقد أنها (أنهادونيا Anhedonia)؛ لأن الأنهادونيا فيها شيء من الكرب ولا شك في ذلك، ونُشاهدها دائمًا مع حالات الاكتئاب الشديد، أن لا شيء ممتعًا في الدنيا أبدًا، لا يتذوق الإنسان طعم أي شيء في حياته، وهي تظهر أيضًا مع حالات مرض الفصام في بعض الأحيان.

الذي بك لا علاقة له بهذه الحالة، أنا أراه مجرد ارتدادات سلبية حصلتْ بعد علاج الاكتئاب، وأعتقد بشيء من التنشيط الاجتماعي وزيادة تفاعلاتك وممارسة الرياضة، وأن تأخذ قسطًا كافيًا من الراحة - خاصة من خلال النوم الليلي - مع ترتيب الغذاء السليم، أعتقد أن ذلك سوف يُساعدك كثيرًا.

ولا بد - يا أخي - أن تذهب وتقابل الطبيب - طبيب الأعصاب - فيما يتعلَّق بفقدانك لحاسة الشمِّ والتذوق، هذا الأمر يحتاج لفحص دقيق بواسطة الطبيب المختص، ولا أعتقد أن السبب نفسي، في بعض الأحيان الإنسان من خلال الوساوس قد يُهيأ له أنه قد فقد هذه الحواس، لكن لا أعتقد أن هذا التفسير يكفي في حالتك، من الأفضل أن نتأكد من الناحية العضوية، و-إن شاء الله تعالى- لن يكون هنالك سببا مزعجا أبدًا.

تعويض الزنك مهم، إذا كان بالفعل فيه قلَّة أو نقص، ويجب أن يعتمد على فحص الدم، الزنك يعتبر بالفعل مكمِّل ومطوّر لصحة الإنسان الجسدية وكذلك النفسية.

أنا أرى أنك سوف تستفيد من العقار المسمَّى تجاريًا (فافرين) ويسمَّى علميًا (فلوفكسمين)، هو في الأصل مضاد للاكتئاب نعم، لكن لا يؤدي لحالة التبلُّد الوجداني أو الانسحاب الذي تعاني منه، سوف يُساعدك - على العكس تمامًا - في استرجاع الكثير من المزاج الإيجابي وكذلك الفكر الإيجابي.

جرعة الفافرين هي: أن تبدأ بخمسين مليجرامًا ليلاً لمدة أسبوع، ثم تجعلها مائة مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعلها خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة أسبوعين، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

وهنالك الدواء الجديد نسبيًا والذي يُسمَّى تجاريًا (فالدوكسان Valdoxan) ويُسمَّى علميًا (أجوميلاتين Agomelatine)، هنالك مؤشرات علمية وعملية تُشير أنه أيضًا ينقل الإنسان من حالة الخمول أو التبلُّد الوجداني والانفعالي إلى وضعٍ يكون فيه الإنسان أكثر حيوية ونشاطًا واستمتاعًا بالحياة.

ذكرتُ هذا الدواء لمجرد إخطارك (إخبارك) بأن الخيارات موجودة، لكن لا أعتقد أنك تحتاجه في هذه المرحلة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً