الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الميول الانتحارية من مضاعفات مضادات الاكتئاب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سؤال بسيط للدكتور محمد عبد العليم: بعض مرضى الاكتئاب يشعرون بميول انتحارية شديدة عند بدء تناول بعض مضادات الاكتئاب، هل يجب حينها وقف العلاج واستبداله بعلاج آخر؟ وهل في حال تسببه بالأفكار الانتحارية والاستمرار عليه، سيعمل إيجاباً أم أنه سيزيد من الاكتئاب؟

شكراً جزيلاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

سؤالك أخي بالفعل بسيط، لكنه سؤال جيد، وهذا الموضوع لا يخلو من شيء من التعقيد، لكن -إن شاء الله تعالى- أحاول أن أكون واضحاً بقدر المستطاع، العلاقة بين مضادات الاكتئاب وظهور الأعراض الانتحارية أو زيادتها عند مرضى الاكتئاب، تم ملاحظاتها أولاً عند اليافعين والمراهقين وفي بدايات سن الشباب، وهذا الموضوع أدى إلى انشغال الناس في المحافل العلمية، واتفق أن هؤلاء اليافعون يجب أن يكونوا تحت المراقبة الطبية اللصيقة إذا تم إعطائهم مضادات الاكتئاب لعلاج الاكتئاب النفسي، التي قطعاً هم يعانون منه إذا أعطوا هذه العلاجات، ووجد أن بداية الجرعة يجب أن تكون صغيرة، و-بحمدلله تعالى- لم يسجل أو لم تسجل حالات إقدام حقيقي على الانتحار، إنما تكون هنالك أفكار، ومعظم هذه الأفكار تكون هشه وليست مُطبِقة.

أنا أرى أن كل من تنتابه أفكار انتحارية حقيقية تظهر مع بداية مضادات الاكتئاب، يجب أن يتوقف عن العلاج ويذهب إلى طبيبه مباشرة هذه رؤية، والطبيب قطعاً قد يسمح له باستعمال الدواء بجرعة صغيرة، أو يعطيه علاجا آخر أو علاجاً داعماً.

بالنسبة للأفكار الانتحارية التي تظهر بوضوح في حالات الاكتئاب النفسي: أعتقد أن العلاج الكهربائي سيكون هو العلاج المهم في هذه الحالات، وهو يفيد جداً ويفتت هذه الأفكار تماماً، أما إذا كانت هذه الأفكار مجرد خواطر، ويقول لك الشخص لكنني -إن شاء الله- لن أقدم على هذا الفعل الشنيع أبداً، وأنا لدي القدرة على أن أتحكم في هذه الأفكار، في هذه الحالة ليس هنالك داع للعلاج الكهربائي، والاستمرار على مضادات الاكتئاب، مع المتابعة اللصيقة مع الطبيب، أعتقد أن ذلك هو الحل المقبول جداً.

الآن أخي الكريم محمد: اتضح أن عقار ليسيام -ولأسباب غير معلومة- يطرد الأفكار الانتحارية، والليسيام أصلاً هو مثبت للمزاج ويساعد في حالات الاكتئاب المطبق، لذا أنا أرى أن الذين تنتابهم هذه الهواجس الانتحارية لفترات طويلة يجب أن يتم إعطائهم جرعة من الليسيام في حدود 400 مليجرام مثلاً، حتى وإن لم يكن لديهم تقلبا مزاجيا، أو هنالك حاجة لمثبتات المزاج.

عقار كلوزبين أيضاً وجد أنه يطرد الفكر الانتحاري، وهذا الدواء في الأصل مضاد للذهان، ويستعمل في علاج مرض الفصام، لكن وجد أيضاً أنه يساعد في تفتيت الأفكار الانتحارية، مضادات الاكتئاب قطعاً فعلها إيجابي، ولا تزيد أبداً من الاكتئاب، حتى وإن استجلبت الأفكار الانتحارية، أو ساعدت في استجلابها.

بعض علماء النفس والسلوك يقولون أن الذين تظهر لديهم الأفكار الانتحارية عند تناول مضادات الاكتئاب أصلاً هذه الأفكار كانت لديهم موجودة ومكبوتة ومكتومة، لكن التشتت المزاجي لديهم والشعور بالكرب الشديد لم يجعلهم حتى يفكروا في الانتحار، وبعد أن بدأت أمورهم تتحسن ظهرت هذه الأفكار على السطح، أعتقد أنها وجهة نظر تثير الانتباه حتى وإن كانت فلسفية بعد الشيء.

أنا شاكر ومقدر أخي محمد، وجزاك الله خيراً.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً