الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل السيروكسات سيفيد حالتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر القائمين على هذا المنتدى

أما بعد: أتمنى أن تفيدوني بنصائحكم القيمة، أنا فتاة أبلغ من العمر 23 سنة، طالبة جامعية لطالما كنت متفوقة في دراستي منذ أن كنت صغيرة، لكني أعاني من قلق ووساوس تعيق حياتي، فمنذ أن كان عمري 6 سنوات كنت أخاف أن أنام وحدي، وأخاف من الظلام، ثم تطور الأمر إلى وسواس الطهارة، فكنت أغسل يدي مرات عديدة، وأغتسل كثيرا، وقبل النوم كنت أتفقد المواقد والأبواب، استمريت على هذا الحال إلى سن 15 سنة، فأصبت بوسواس جديد، وهو الخوف من الإصابة بالأمراض، فكنت أعد ضربات قلبي، وكنت أخاف من السكتة القلبية، وأجريت عدة تحاليل، وكلها سليمة -والحمد لله- زرت أخصائيا نفسيا، وشخّص حالتي بأنها توهم مرضي.

عانيت لمدة 4 سنوات، وعند دخولي الجامعة تحسنت قليلا، لكن كنت دائما أخاف من الموت والأمراض، استمريت على هذا الحال إلى أن داهمتني -قبل أربعة أشهر من الآن- أنواع أخرى من الوساوس، فبينما كنت في المطبخ أحمل السكين خطرت في رأسي فكرة إيذاء نفسي بالسكين، فأصبت بالخوف والقلق، وتركت السكين فورا، ومنذ ذلك اليوم وأنا أخشى دخول المطبخ، فأصبحت أخفي كل السكاكين والآلات الحادة في المنزل، كما أصبحت أبتعد عن الشرفات والأماكن العالية، خشية أن ألقي بنفسي، وأصبحت أخاف من قتل الآخرين أو سبهم، حتى الأشخاص الذين أحبهم كثيرا.

هذا التفكير أصابني بالإحباط واليأس، وأصبت بالاكتئاب فزرت أخصائي الأمراض العقلية، ووصف لي دواء سيروكسات 10 مغ لمدة شهر، فلم أتحسن عليه، وازدادت حالتي سوءاً، وبدأت أفكار غريبة وغير منطقية تسيطر على عقلي، وبدأت أطرح تساولات حول الحياة والموت والوجود، وهذا الأمر أتعبني كثيرا، ودفعني إلى إهمال دراستي، وعندما زرت الطبيب زود جرعة السيروكسات إلى 20 مغ، وبعد شهر تحسنت قليلا، لكن المخاوف مازالت موجودة، ثم زاد الجرعة إلى 40 مغ، وأنا الآن منذ أسبوع أتناول هذا الدواء.

أريد أن أسألكم حول فاعلية هذا الدواء، وعن مدى خطورة حالتي، وهل بإمكاني أن أشفى وأعود كما كنت سابقا؟ وهل أنا مصابة بالفصام؟ علما بأني لا أعاني من أي هلاوس سمعية أو بصرية.

في الأخير أشكركم جزيل الشكر، والله يقدركم على فعل الخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ورود حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء، بالفعل أنت تعانين من وساوس قهرية منذ سنوات الطفولة الأولى، والوسواس يعرف عنه أنه يزيد وينقص، وقد تتشكل محتوياته، والوساوس العنيفة كما نسميها مثل الذي تعانين منه، والذي يتمثل في الخوف من السكين في المطبخ، وأن تسقطي من الشرفة، هذا نوع سخيف من الوسواس، لكن أبشرك أنه -بفضل الله تعالى- أن وساوس العنف لا يتبعها صاحبها أبداً، وكذلك الوساوس الجنسية والوساوس حول الذات الإلهية، هذه أقبح أنواع الوساوس ومؤلمة للنفس المسلمة الطيبة، لكن -بفضل الله تعالى- صاحبها لا يتبعها.

قبل أن أتحدث عن العلاج الدوائي، أوضح لك أن الوساوس يمكن أن تعالج، لكن تتطلب منك جهدا نفسيا وسلوكيا ومعرفيا، أول خطوة في العلاج هو أن تقرري أن لا يكون الوسواس جزءاً من حياتك، هذا مهم جداً.

ثانياً: يجب أن تعتمدي كثيراً على التطبيقات السلوكية الفكرية، والتي تقوم على مبدأ التجاهل والتغافل والتحقير وصرف الانتباه عن الوسواس، هذه الأربعة أظن أنها واضحة، بمعنى آخر لا تدخلي في أي حوار مع الوسواس، حين تحسين ببداياته خاطبي الفكرة مباشرة قائلة: أنت فكرة حقيرة، أنت تحت قدمي، لن أستجيب لك، ولن أناقشك، واصرفي انتباهك بأن تدخلي في فكر جديد أو حتى تغيري مكانك وتكثري من الاستغفار، هذا مهم جداً كطريقة علاجية أساسية، أما إذا خضت في الوسواس، والوسواس خداع جداً ويثير الفضول عند الإنسان ليجعل الإنسان يستفسر حوله أكثر، ويتدقق فيه ويحاول أن يجد له تفسيرات أو يخضعه للمنطق، لا.. هذا يدعم الوسواس ويكافئه، أريدك أن تحقريه بهذه الطريقة التي ذكرتها لك.

علاج سلوكي آخر نسميه التنفير وفك الارتباط الشرطي، وجد علماء السلوك وعلى رأسهم (فستنجر) أن المتضادات لا تلتقي في حيز إنساني واحد، بمعنى أن الشيء وضده لا يلتقيان، الخير لا يلتقي مع الشر وهكذا، الألم لا يلتقي مع الراحة وهكذا، فأريدك أن تفكري في الفكرة الوسواسية وفي بداياتها، أن تقومي مثلاً بالضرب على يدك بقوة شديدة جداً، اجلسي أمام الطاولة واضربي على يدك بقوة حتى تحسي بالألم الشديد، الألم هنا حين يتمازج مع الوسواس وسوف يضعفه، هذا التمرين يكرر 20 مرة صباحا و20 مرة مساءً، وهنالك أنواع كثيرة أخرى من العلاج التنفيري أو ما يسمى بفك الارتباط الشرطي.

بصفة عامة الجئي إلى ممارسة الرياضة، تمارين الاسترخاء، أكثري من التواصل الاجتماعي، أكثري من الاستغفار، والصلاة في وقتها قطعاً مهمة، هذه كلها وسائل علاجية يجب أن تستصحبيها في حياتك.

الزيروكسات علاج ممتاز وفاعل، 40 مليجرام جرعة جيدة يجب أن تصبري عليها، وبعد شهر يمكن أن تدعميه بعقار آخر يسمى رزبيريادون بجرعة صغيرة، وهي 1 مليجرام فقط ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، استشيري طبيبك في هذا السياق.

أيتها الفاضلة الكريمة: مرضك لا علاقة له بالفصام لا من قريب ولا من بعيد، هي وساوس وسوف تقهر بإذن الله تعالى، أرجو أن تتواصلي معي في المستقبل لأعرف تقدم حالتك، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً