الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخشى الرسوب في الاختبارات بسبب الوساوس التي تهاجمني!

السؤال

السلام عليكم.

شكرا جزيلا على المساعدة، فقد قررت أن أطرح مشكلتي كاملة، لعلي أجد الإجابة عليها.

أنا فتاة، سألتكم في استشارتي السابقة 2364818 عن وسواس أصابني، وتلقيت الإجابة ولكنني ما زلت أعاني منه، وأذكر بأنني قد أصبت بهذا الوسواس منذ 5 سنوات تقريبا، وكنت مقبلة وقتها على شهادة التعليم الإعدادي، فقد عانيت من نوبات هلع وخوف شديد، واكتئاب، ولكنني تخطيت كل ذلك، وكان لا يزال يروادني، ولم يكن قويا، -وبفضل الله تعالى- نجحت في الامتحان بتقدير جيد جدا، ولكن منذ ذلك الوقت عانيت الاكتئاب من جديد، وخمول شديد خاصة إذا تعلق الأمر بالدراسة، وأمرض وقت الامتحانات دوما.

وقد قاومت نفسي ورسمت لنفسي هدفا في هذه الحياة، وسرت وراءه، وهو أن أصبح طبيبة في المستقبل؛ وذلك لشدة حبي للعلوم، وقد اتفقنا أنا وصديقتي المقربة على ذلك، وسعينا جاهدتين من أجل تحقيقه وثقتي بنفسي وبالله كبيرة جدا، ولم أستسلم، وذلك لإحاطتي بقصص العظماء، وكنت متأثرة جدا بها، واجتزت شهادة الباكالوريا، ونجحت بتقدير جيد، غير أنني لم يحقق ذلك لي طموحي، في حين أن صديقتي حققت ذلك، وأحسست بإحباط شديد لدرجة البكاء، وملأني اليأس، ولم أعرف أي تخصص أختار، وأجبرت على اختيار تخصص لتكوين الأساتذة، وأنا لم أحب التعليم في حياتي، وزادني ذلك قهرا، ومن ثم الحياة الجامعية الجديدة في منطقة بعيدة عنا، ولكنني لم أستسلم، وقررت مواصلة الدراسة في هذا التخصص، مع إعادة الباكالوريا من جديد، ولقيت دعما من والدي وصديقتي، وعزمت على ذلك، ثم حدثت مشكلة في التخصص الذي أدرسه، ودخلنا في إضراب منذ أربعة شهور إلى الآن، ووجدت في ذلك فرصة منحني إياها الله لأستغلها في دراسة الباكالوريا، وبقيت في البيت أدرس، إلى أن جاءني الخبر الذي أشرت إليه في استشارتي السابقة.

ومنذ ذلك اليوم وأنا محبطة ويائسة، وعاد لي الوسواس من جديد، حاولت التجاهل دون جدوى، فقد أصبحت هادئة جدا، ولكني مكتئبة، وأحس بفراغ داخلي وخوف شديد، وأكثر ما يخيفني الصوت الذي بداخلي، ويتحدث بصفتي، فبات يحطم معنوياتي، وزادني اكتئابا.

كما أنني باشرت بالرقية، واتضح لي أنني ممسوسة، وكذلك الإصابة بالعين، وعندما أواصل الرقية أشعر باضطراب في داخلي، والمشكلة هي أن الوسواس يوسوس لي بأنني لست مصابة بذلك، وإنما أتوهم، وبالرغم من ذلك أواصل الرقية، وقد أصبت بوسواس العقيدة من قبل، إلى جانب أنني لا أبكي أبدا إن يئست وحزنت، ولكنني أبكي لأتفه الأسباب، وأشعر أن كل ما كتمته في قلبي قد هاجمني الآن في هذه الحالة، فلم أعد أفهم ما بي، وما هو الصوت الداخلي الذي يتحدث بصوتي في عقلي، وكأن هذه الأفكار هي أفكاري، وأحاول إيقافها ولكن دون جدوى.

أرجو منكم الإجابة العاجلة، فلم يتبق إلا شهران على الامتحان المصيري، وأنا بهذه الحالة أخشى أن أفشل مرة أخرى.

أرجوكم أفيدوني، مع الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Emmy حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأشكرك على هذه الإضافة، وهي بالفعل مكمِّلة لاستشارتك التي رقمها (2364818) فقد اعتبرنا أن تفاعلك الذي حدث لك هو تفاعل ظرفي، لكن من خلال ما ذكرتِه الآن أستطيع أن أقول: إنه في الأصل لديك شيء من الاستعداد للقلق وللخوف وللوسوسة، حيث إن النوبة الأولى قد أصابتك قبل خمس سنوات.

أيتها -الفاضلة الكريمة-: هذا -إن شاء الله تعالى- يُعالج، طبِّقي نفس المبادئ العلاجية التي ذكرناها لك، وهي: عدم الخوض في حوار الوسواس، والتغافل عنه، وتحقيره، وتجاهله، وأن تستغلي وقتك بصورة إيجابية.

وأراك الآن محتاجة بالفعل لعلاجٍ دوائيٍّ؛ فالعلاج الدوائي سيكون سريعًا ونافذًا ومفيدًا وجيدًا جدًّا في حالتك، فإن كان بالإمكان أن تذهبي لطبيب نفسي فأرجو أن تذهبي ليكتب لك الدواء المناسب، وإن لم تستطيعي الذهاب فيمكن أن تتحصَّلي على عقار (سبرالكس)، والذي يُسمَّى علميًا باسم (استالوبرام) فهو دواء فاعل، وسريع الفعالية، وغير إدماني، ولا يؤثِّر على الهرمونات النسائية.

الفكرة التي تُزعجك وتُخاطبك داخليًا في شكل حديثٍ نفسي هي فكرة وسواسية، وليس أكثر من ذلك، وجودها ليس دليلاً على وجود مرض عقلي أو فصامي أو شيء من هذا القبيل، نعم هي مؤلمة للنفس ومزعجة، لكن بتحقيرها وتناول الدواء سوف تنتهي -إن شاء الله تعالى-.

جرعة السبرالكس هي أن تبدئي بخمسة مليجرامات يوميًا لمدة أربعة أيام، ثم بعد ذلك اجعلي الجرعة عشرة مليجرامات يوميًا لمدة أسبوعين، ثم اجعليها عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرين، ثم خفضي الجرعة إلى عشرة مليجرامات يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرامات يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرامات يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

أراه دواءً مهمًّا ومفيدًا بالنسبة لك، خاصة أنك مُقْدِمة على الامتحانات.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً