الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي تعاني من مجموعة وساوس، خاصة فيما يتعلق بالصلاة، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

الدكتور الفاضل محمد عبد العليم حفظه الله، تحية طيبة لكم ولأسرة موقع إسلام ويب.

زوجتي بعمر 32 سنة، ولديها وسواس من النوع البسيط في أمور الصلاة والطهارة والنظافة، ومنذ فترة طويلة ونحن نتعاون معاً على التغلب عليه بتحقيره وتجاهله، لإحاطتنا بطبيعته وماهيته وشكله، فكانت تنجح معنا لفترة ثم تعود، وقد تريثنا كثيراً في اللجوء إلى الأدوية لتكون مناعة الجسم ومقاومته ذاتية قدر الإمكان، فضلاً عن أن الحالة ليست شديدة وإنما بسيطة، وبعد سنوات من مجابهة الوساوس نجحنا إلى الحد منه بنسبة كبيرة جداً، والأمور بحدود معقولة، ولكنها ما زالت دون المقبول.

الذي بدأت ملاحظته مؤخراً أن حالتها المتعلقة بالوسواس تمتد إلى أمور نفسية أخرى، مثل الحساسية الزائدة والمفرطة من مواقف تافهة، وأشكال أخرى من القلق المبالغ فيه ولا مبرر له، والضمير الحي والمثالية ونمط التكرار للتأكيد رغم حصولها على نفس النتيجة كل مرة، وأبرزها مشاكل التركيز على الصلاة، وأنها صلت 4 ركعات بدل 3 أو 5 بدل 4، وإعادة تكرار الصلاة لهذا السبب في كل فرض بشكل مرهق.

الآن بدأت تظهر أعراض القولون، وتشتد عليها في الأمور النفسية تحديداً، مثل التفكير والزعل، يعني أستطيع أن أقول إنه وسواس قهري مكتمل التشخيص، وأصبح بحاجة ماسة للتدخل الدوائي، وفعلاً قررنا البدء بإضافة البرنامج الدوائي للعلاج السلوكي، ولمعرفتي بكل ما سبق لا أرى ضرورة لتكاليف مراجعة الطبيب، عدا عن الوقت والوضع المادي الذي لا يسمح بذلك.

قد وقع الاختيار على دواء الأنافرانيل، والذي سنبدأ به -إن شاء الله- بجرعة 10 ملغ لمدة أسبوع، ثم قرصين في الأسبوع الثاني، والرفع تدريجياً إلى حين الوصول للاستجابة المطلوبة، والتي لا أظنها تتعدى جرعة 50 إلى 75 ملغ، ثم إعادة تقييم الحالة بالمتابعة معكم بعد 3 إلى 6 أشهر، والعمل بتوجيهاتكم.

من خصائص الأنافرانيل أنه يؤدي إلى احتباس السوائل في الجسم وقلة مرات التبول، باعتباره يستخدم أيضاً لسلس البول الليلي، وزوجتي لديها أملاح بالكلية، وتعاني من قلة مرات التبول، وربما عدم القدرة على التبول أحياناً، فهل هذا له تأثير سلبي؟ أعلم أن الأدوية الحديثة أفضل من هذه الناحية مثل سيبرالكس مثلاً، ولكنها جميعها باهضة التكاليف، لأن العلاج سيكون طويلاً فما هي توجيهاتكم؟

بناء على الأعراض المذكورة أعلاه، هل هناك إضافات معينة كأدوية مساعدة للأنافرانيل في البداية، أم يكفي الأنافرانيل وحده؟ لأن أغلب الأعراض تتسم بالقلق وملحقاته، فهل يمكن إضافة مضاد للقلق كبداية ثم سحبه لاحقاً؟ مع مراعاة أننا نعيش في المملكة العربية السعودية، ولا يمكننا الحصول على هذا النوع من الأدوية لأنها خاضعة للرقابة، فبماذا تنصحوننا؟

الآن لا يوجد حمل أو رضاعة، وعلى اعتبار العلاج قد يكون طويلا، ولا يمكن ضمان عدم حدوث حمل، فلو حدث حمل فهل هناك خطورة من العلاج؟ وهل الأفضل استخدام حبوب منع الحمل مع العلاج؟

أعتذر على الإطالة، وأشكر لكم جهودكم، وبارك الله بكم، ونفع بعلمكم، وجزاكم عنا كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على الثقة في إسلام ويب، وعلى اهتمامك بأمر زوجتك، وأسأل الله تعالى لها العافية.

أعجبني جداً أنكم على إلمام تام بما تعاني منه زوجتك الكريمة، وأعتقد بالفعل أنه لديها درجة من الوساوس القهرية، ومن الواضح أن شخصيتها تحمل سمات وسجايا القلق والميول الوسواسي والحساسية المفرطة في شخصيتها، وهذا قطعاً جعلها أكثر قابلية لهذه الوساوس.

أيها الفاضل الكريم: لا شك أن العلاج الدوائي مفيد، والعلاج الدوائي سليم، والعلاج الدوائي يدعم العلاج السلوكي، وما يقال عنه من سلبيات ليس كله صحيح، والأنافرانيل والذي يعرف باسم كلومبرامين هو أول دواء يثبت فاعليته في علاج الوسواس، وكانت معظم الدراسات في السويد والدنمارك، والجرعة المضادة للوساوس هي من 50 مليجراما ليلاً، يجب أن لا تقل الجرعة عن ذلك، والجرعة الكلية قد تصل إلى 250 مليجراما يومياً لهذا الدواء، لكن قطعاً مثل هذه الجرعة الكبيرة قد تؤدي إلى آثار جانبية، مثل الشعور بالجفاف في الفم وثقل العينين وكذلك الإمساك، وفي حالات نادرة ربما يؤدي الدواء إلى رفع في ضغط العين، وقد يؤدي أيضاً إلى حبس البول، خاصة بالنسبة للرجال، لكن لا يوجد تأثير بالنسبة للنساء.

أخي الفاضل: حالة زوجتك لا تتطلب جرعة 150 مليجراما؛ لأن حالتها بسيطة، وأتفق معك أن جرعة 50 إلى 75 مليجراما ربما تكون مجدية، وأعتقد الأضمن أن نصل الجرعة إلى 100 مليجرام ليلاً، ابدأ بـ 25 مليجراما أي ارفع الجرعة من 10 إلى 25 مليجراما ليلاً، ثم بعد ذلك ارفعها بمعدل 25 مليجراما كل أسبوع حتى تصل إلى الجرعة التي ذات فاعلية، والتي هي 75 مليجراما إلى 100 مليجرام وبعد أن تظل زوجتك بحالة ممتازة على الدواء لمدة 6 أشهر، بعد ذلك ابدأ في السحب التدريجي للدواء، بأن تخفضه بمعدل 25 مليجراما كل شهر، ثم حين تصل إلى 25 مليجراما الأخيرة اجعل الفاضلة زوجتك تتناولها لمدة 6 أشهر أخرى، أي 25 مليجراما ليلاً لمدة 6 أشهر أخرى كجرعة وقائية تحوطية، ثم اجعلها 25 مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهرين، ثم يمكنها أن تتوقف عن تناول الدواء.

بالنسبة للحمل: الأنافرانيل يعتبر دواء سليما في الحمل، وإن كنا قطعاً لا نفضل أي أدوية في فترة تخليق الأجنة، وهي فترة الأربعة أشهر الأولى، هذا بالنسبة عقار الأنافرانيل، وأتفق معك هو في كثير من الدول قليل التكلفة، لكن حين تتعدد الجرعات ويتم تناول ثلاثة إلى أربع حبات يومياً قد تكون التكلفة مكافئة أو مساوية لغيره من الأدوية، مثلاً عقار الفافرين والذي يسمى الفلوفكسمين من الأدوية الرائعة لعلاج الوساوس، وليس ذو تكلفة عالية، كما أن المنتجات التجارية من الفلوكستين والذي هو البروزاك تعتبر أيضاً من الأدوية المفيدة.

عموماً أنا متفائل أن زوجتك -إن شاء الله تعالى- سوف تكون بخير، وأطمئنك تماماً حول تناول الدواء، خاصة حين تكون الجرعة جرعة صحيحة، ويكون هنالك انتظاما والتزاما في تناول الدواء، وأن تتبع الخطوات العلاجية من جرعة تمهيدية ثم جرعة علاجية ثم جرعة وقائية والتي يعقبها جرعة التوقف التدريجي من الدواء.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً