الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد حلا لوسواس الموت والخوف الذي أشعر به

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شغوف بمتابعة كل الحالات المستعصية النفسية -وإن شاء الله- أجد حلا لحياتي يا دكاترة.

أنا شاب، عمري 27 سنة، تخرجت من ماجستير سلامة المعلومات منذ 3 سنوات، وعشت البطالة ثم الفراغ النفسي، وبقيت أبحث بلا جدوى، وعملت في مهن أخرى خلال 3 سنوات، سأروي لكم حياتي بالتدقيق، أنا أعاني حاليا من وسواس الموت، والأرق، والاضطراب النفسي ما بعد الصدمة، خاصة بعد أن مرض أبي بأمراض مستعصية غير مزمنة، جعلته مهلوسا حتى أقدم على الانتحار في فبراير الفارط، وكانت صحتي جيدة، ولما أتى الصيف أصبت بالمعدة، ففكرت أنني سألحقه بعد مدة وجيزة، ورغم أنني أستطيع النوم.

زرت الطبيب العام، وكشف حالتي، وقال لا أستطيع أن أعرف ماذا لديك، أعطاني الأدوية، خففت لي الآلام لكن الألم لم يختف بعد، وبعد شهرين زرت طبيبا مختصا في الجهاز الهضمي، قام بكشفي عن طريق المنظار، وقال بأن معدتي سليمة، لكن وصف لي مضادات حيوية كادت تودي بحياتي، ولكن تسببت لي بالأرق ووسواس الموت رغم أنه أمرني أن أتوقف عن تناولها، وتوقفت بالفعل، ولكن آثارها ما زالت تنخر جسدي.

لجأت إلى الطب البديل، وأعطاني زيت الغار، خفف لي الأرق، ورغم هذا الوسواس لم يشف بعد، ثم لجأت إلى قراءة سورة البقرة حسنت لي حالتي، ورغم هذا ما زلت أعاني من الوسواس ودائما أقول لماذا هذا يأتيني؟! وأنا ما زلت شابا لم أشتغل بعد، ولم أتزوج، ولم أفعل شيئا مهما في حياتي، ثم أنني أصبحت أعمل بحوثا حول الأمراض النفسية وعلامات الموت، وأصبحت أكره كلمة الموت، وأنصدم عندما أرى خبر الوفاة وأقول سيأتي دوري.

لدي معصية وحيدة أفعلها وعائلتي لا يعرفونها، وهي أنني أمارس العادة السرية لأجرب أنني لدي قدرة أو لا على الإنجاب، والمفرح في الأمر أن هناك من نصحني بممارسة رياضة السباحة وتقوية العضلات، وهناك من نصحني بدخول نادي المسرح والرقص، وبشرب 7 حبات من الحلبة، وهناك من نصحني بمراجعة طبيب نفسي، مع أن أبي انتحر بسبب فقدان الأمل في الشفاء بعد زيارة عدة أطباء نفسيين، وصورته وهو منتحر لم تمح من ذاكرتي أبدا، فكل ما أراها في نومي أستيقظ فجأة وأبكي وأصرخ وأقول لماذا فعلت هذا بي؟

أرجو أن أجد حلا ناجحا، فأنا مؤمن جدا بتخطي هذه الحالة وأعود إلى سالف عهدي؛ لأن الله لا يخيب المؤمنين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ نذير حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

واضح جدًّا أنك تأثَّرتَ كثيرًا بوفاة أبيك، وبالذات بالطريقة التي تُوفِّي بها، ومعظم هذه الأعراض ناتجة عن هذا التأثُّر.

أخي الكريم: أنت لا تعاني من وسواس ولا تعاني من اضطراب ما بعد الصدمة، لأن أعراضهما مختلفة، بل تعاني من قلق وخوف واكتئاب، وكلُّه ناتج من الحزن الشديد على فَقْدِ والدك، وكونك تحلم به هذا من علامات التأثُّر الشديد، وليس عرضًا من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة.

أخي الكريم: أنت تحتاج إلى علاج نفسي، هناك علاج نفسي مُحدد للذين يُعانون بعد فَقْدُ عزيز لهم، جلسات مُحددة، وطريقة علاج مُعيَّنة، إذ من خلال الجلسات يستطيع من يعاني من تلك الأمور كيف يتعاملون مع هذا الحزن والألم النفسي في داخلهم لفقد عزيز عليهم، وتحتاج لعدة جلسات من هذا النوع حتى ترجع إلى حالتك الطبيعية أخي الكريم.

تستعمل الأدوية النفسية في مثل هذه الحالات في نطاق ضيق، إمَّا لمساعدة الشخص على النوم، أو لمساعدة الشخص مثلاً في بعض أعراض القلق أو الاكتئاب، ولكن العلاج الرئيسي هو عن طريق الجلسات النفسية - كما ذكرتُ - جلسات مُعيَّنة تواجه فيها هذه المشكلة، وهي الحزن الشديد وعدم تجاوز موت شخص عزيز لدى الشخص.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • هولندا نذير

    جازاك الله خيرا الحمد لله لا املك وسواس الموت و سأعيش في خير و نعيم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً