الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التساهل في أداء الصلاة والنظر للصور العارية.

السؤال

السلام عليكم..

أشكركم على هذا الموقع المفيد، وأرجو لكم المزيد من التوفيق.

أرجو نصيحتي وإفادتي.

لماذا لا أصلي؟ هذه هي المشكلة الأولى.

المشكلة الثانية: أنا أحب مشاهدة البنات العاريات على التلفزيون، وعندما أكون جالساً أمام الحاسوب أخاف أن يأتي فرد من العائلة ويأخذ مكاني، فأضطر إلى عدم أداء الصلاة، وأعتبرها مضيعة للوقت، فهل من حل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ ياسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نسأل الله العظيم أن يرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا.. وبعد،،،

فإن الصلاة هي عنوان الفلاح، وهي الصلة بين العبد وربه، وبالمواظبة عليها ينال الإنسان الخير في الدنيا والآخرة، وهي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وبها يوزن العبد عند الناس، ولذلك كان السلف يسمونها الميزان، وكانوا إذا أرادوا أن ينظروا في حال إنسان نظروا في صلاته، وكما قال عمر رضي الله عنه: (فمن حافظ عليها فهو لما سواها أحفظ، ومن ضيَّعها فهو لما سواها أضيع)، وهي أول ما يحاسب عليه الإنسان من عمله، فإن صلحت صلح سائر العمل، وإن فسدت فسد سائر العمل.

فلا تحرم نفسك يا بني من أداء هذه العبادة العظيمة، واعلم أن تأخير الصلاة لا يجوز فكيف بتركها بالكلية؟! ولما قال بلال بن سعد بن أبي وقاص لأبيه سعد: (يا أبتاه: قَوْلُ الله تعالى: (( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ))[الماعون:4] أي: الذين لا يصلون؟ قال: يا بني! لو تركوها لكفروا، ولكنهم الذين يؤخرونها عن وقتها).

وقال تبارك وتعالى مهدداً من يترك هذه الفريضة أو يؤخرها: (( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّا إلَّا مَنْ تَابَ))[مريم:59-60].

وأرجو أن تجتهد في أداء الصلاة فقد بلغت مبلغ الرجال، وسوف تُحاسب على كل تقصير، فاجعل صلاتك شكراً لله الذي وفقك وهداك، واعلم بأنه (من حافظ على الصلاة كانت له نوراً وبرهاناً ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نوراً ولا برهاناً ولا نجاة يوم القيامة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي ابن خلف) وإذا كان تارك الصلاة يُحشر مع أئمة الكفر والضلال فإنه على دربهم والعياذ بالله.

أما لماذا لا تصلي؟

فهذا لا يعرف إجابته إلا أنت، ولكن أقول لك: ربما لأنك لم تُعوَّد على الصلاة في صغرك، وقد يكون السبب هو جهلك بقيمة الصلاة، وقد يكون السبب هو قرناء السوء، وربما كان السبب هو الغفلة والذنوب، فإن الذنوب تقيد الإنسان وتمنعه من فعل الخيرات، ونحن ننصحك بأن تصلي قبل أن يُصلَّى عليك، وقبل أن تفقد العافية والنشاط والشباب فتندم ولا ينفع عند ذلك الندم.

أما بالنسبة للمشكلة الثانية، فإن حلها يبدأ بالمحافظة على الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وأرجو أن تعرف أن النظر للعاريات في التلفاز لا يقل عن النظر إلى العاريات في الشواطئ والأسواق، وقد يستحي الإنسان عند النظر إلى النساء ولكن بالنسبة للتلفاز وشتى وسائل الاتصال فإن المعصية سهلة -والعياذ بالله- ولست أدري كيف ترضى أن تكون هذه القنوات العاهرة في بيتك؟ ألا تخاف على إخوانك وأهل البيت؟

وأرجو أن تعرف أن إطلاق البصر سببٌ للشقاء والأمراض النفسية؛ فإن الإنسان يرى ما لا يصبر عليه ولا يقدر عليه كذلك، ومن هنا تتجلى عظمة هذه الشريعة التي أمرت بغض البصر وحفظ الفرج، ورتبت على ذلك طهارة النفوس وصفاء القلوب، قال تعالى: (( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ))[النور:30]، وقال تعالى في شأن أكرم نساء وأطهر جيل -جيل الصحابة الأبرار-: (( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ))[الأحزاب:53].

واعلم أن إدمان النظر سوف يجلب لك المصائب، وسوف يحطم مستقبلك العلمي، وقد يوصلك إلى عشق الصور الذي يوصل إلى الشرك بالله، كما أن إدمان النظر يُفقد البصر، وقد يجعل الرجل عاجزاً عن القيام بدوره كرجل عندما يتزوج.

والصلاة والقرآن والذكر هي أنفع الأدوية بعد الإيمان بالله، وكيف يطيب المريض إذا حرم نفسه من الدواء؟ فانتبه لنفسك، وتب إلى ربك قبل أن تندم ولات ساعة مندم.

ولا شك أن سؤالك دليلٌ على بذرة الخير في نفسك، فاحرص على تنميتها بالمسارعة في الطاعات.


ونسأل الله أن يحفظك ويلهمك السداد والرشاد.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً