الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع ابني المراهق ونحن في بلاد الغرب؟

السؤال

السلام عليكم

سؤالي موجه لفضيلة الشيخ والأخصائي الاجتماعي، أرجو التكرم بالإجابة عليه، وأكن لكم من الشاكرين.

لدي ولد بلغ سن البلوغ وعمره الآن 14 سنة، تربي في بيئة أسرة محافظة، تعلم أصول الإيمان والتوحيد، وعرف كثيرا من الحلال والحرام، وحفظ أجزاء من القرآن، وعرف كثيرا من السيرة وأسماء الصحابة وبطولاتهم، ودرس بمدارس إسلامية إلى الصف الثامن فقط، مستواه الدراسي كان ضعيفا، لم يكن له أصدقاء، بل على العكس كان يشعر باستهزائهم عليه، وكان في غالب الأحيان يشعر بأنه غير مرغوب فيه ويكرهون تصرفاته، عاش حياته كلها بكندا.

دخل الصف التاسع في مدرسة غير إسلامية بكندا، كوّن أصدقاء معهم بسرعة، وعومل بكل احترام، كانت إدارة المدرسة صارمة بحيث لا يسمح بالاعتداء اللفظي أو البدني، وتحسن مستواه الدراسي بشكل واضح، وشعر بالمسؤولية، لم أعد أطلب منه أن يكتب واجبه والمطالعة، بل هو من يهتم بكل شؤونه، وزادت رغبته في التعلم، وأصبح له أحلام أن يدخل أعلى درجات الجامعة.

كانت توجيهاتي له دائما حسن الخلق والصدق ومراقبة الله في المعاملات، هنا بلغ سن المراهقة، وتغير بالكامل، أصبح يناقش لماذا لا أذهب مع أصدقائي الكفار، ولماذا تتدخل في أصدقائي وتطلب مني مصاحبة المسلمين، رغم أن معاملة بعض الكفار أفضل من المسلمين، رغم أنني لم أطلب منه عدم التعامل معهم في المدرسة وحسن معاملتهم، لكنني لا أسمح له بإحضار أحد للبيت، أو الذهاب لبيوتهم، أو حضور حفلاتهم.

يقول الآن: عندما أدخل الجامعة سوف أسكن بمفردي، وسوف أزوركم نادرا، وأختار أصدقائي بنفسي، وأقترض من البنك لدفع رسوم دراستي، وقد أضطر لدفع الربا وأنا مضطر إذا تعارض وقت الصلاة مع أمر مهم في المدرسة سوف أؤخر الصلاة حتى ولو خرج وقتها، ويقول: أعرف أنه حرام، لكن المدرسة أهم الآن، وأستغفر الله.

نقص ذهابه للمسجد، ولكنه لا زال يحافظ على الصلاة في غالب الأحيان.

أشعر أن هذه البيئة قد تهدم ما بنيته وربيته عليه، وأشعر أن الحل الوحيد هو الخروج من هذه البلاد، والمشكلة أن الوضع في بلادنا غير مستقر أمنيا.

هل من توجيهات ونصائح، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو عبد الرحمن حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

- أهلاً وسهلاً ومرحباً بك -أخي العزيز- وأسأل الله أن يرزقنا وإياك الثبات والاستقامة على دينه وأن يصلح أحوالنا وأولادنا ويعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

- بارك الله فيك وجزاك خيراً على حسن تربيتك وتعليمك لولدك، وحرصك على صلاح دينه وخلقه وتجنيبه أسباب السوء والفساد.

- لا شك أن للبيئة السيئة ضريبتها فيما تشكوه وتخافه على ولدك من ضعف التزامه واستقامته, الأمر الذي يستلزم منك حسن نصحه وتعهده ومتابعته بهدوء وحكمة وربطه بالصحبة الصالحة الواعية في الجاليات وثقات العلماء والدعاة.

- الذي يظهر من خلال سؤالك أن ولدك ما زال على جانب طيب من الخير والصلاح -بفضل الله تعالى- ثم بحسن تربيتك جزاك الله خيراً.

- أما بصدد اضطرار ولدك لدفع الرسوم من مال الربا, فإن ثبت الاضطرار فعلاً فهو معذور بشرط الاقتصاد على الحد الذي تدفع به الضرورة فحسب من غير زيادة, كون الدراسة صارت من الضروريات لتوفر العمل للنفقة اللازمة للستر في بلاد الغرب فيما يظهر.

- أما الصلاة فالأصل الحرص على فعلها في أوقاتها (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا) إلا لعذر شرعي كمرض أو سفر، حيث يمكن في هاتين الحالتين جمع الصلاتين: الظهر مع العصر وكذا المغرب مع العشاء, تماماً من غير قصر.

- يمكن عند توفر الضغوط والمعارضة لأمور مهمة صلاتها في البيت أو الجامعة ونحوها في وقتها, مع أن الأصل صلاتها في المسجد ما أمكن.

- أنصحك بمصاحبته وتوفير القدوة الحسنة لولدك من نفسك وغيرك.

- الحرص على توفير البيئة والمحيط الصالح، حيث الجاليات العربية والمسلمة البعيدة عن السوء ما أمكن ومتابعة البرامج النافعة.

- ضرورة توفير الزوجة الصالحة لولدك لإعانته على العفة والاستقرار النفسي.

- كما وأوصيك بلزوم الدعاء له بالهداية والصلاح ومناصحته بالحسنى والحكمة.

- فرج الله همك ويسر أمرك وشرح صدرك وأصلحك ذريتك, والله الموفق والمستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً