الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما سبب الشعور بالتناقض وانخفاض المعنويات؟

السؤال

السلام عليكم.

لدي شعور داخلي متناقض ومختلف منذ 4 سنوات، أشعر كأني أعيش بشخصيتين، شخصية أتمناها وشخصية أنا عليها، أرغب في الانطلاق والعمل ومخالطة الناس والسفر والإنجاز، وفي الواقع أني أنجز بصمت وملل، وأجلد ذاتي كثيرا.

أنهيت دراسة الماجستير في الخارج، وكأني لم أنجز شيئا، وأشعر بالفشل، وأفكر لو اجتهدت أكثر لأنجزت أفضل مما أنجزت وحققت معدلا أعلى ولم تذهب غربتي هباء، وهذا الشعور يتعبني.

شعور داخلي يحملني مسؤولية أخطائي وأخطاء الآخرين، وخوفي من الألم حملني ألما أكبر، دائما أفكر بمشاعر الآخرين حول الندم والألم، مثلا لو أخي تعرض لمشكلة أو فشل أفكر هل هو نادم على شيء؟ هل انحرج من موقف ما؟ هل هناك أمور في طفولته أثرت عليه؟ هل يشعر بالحزن؟

أهتم بما في نفس الآخرين وأفكر في مستقبلهم، وهذا الشعور أعاني منه منذ فترة، أعلم أن هذا هدر طاقة ومشاعر، ولكن ليس بيدي، على الرغم أن طفولتي كانت جيدة ولم أعش أية مشاكل أو عنف، ولكن تلازمني أفكار غريبة ماذا لو احتوتنا عائلتنا أكثر، وكانت علاقتنا صداقة واستماع وحوار، ربما نحن أفضل الآن، علما أن علاقتنا جيدة ولكن صورة مثالية تتعلق في ذهني تجعلني أشعر أننا لسنا عائلة مترابطة.

أرغب في السفر وحدي وبناء شخصية جديدة والعيش وحدي، لا أعلم ما مشكلتي! لكني متقلبة المزاج، أحيانا أرغب في الموت لعدم الرغبة في الحياة وليس لوجود نقص ما، لست شخصية مكتئبة، لكني لا أتحمس للخروج أو الزيارات، لقد مررت بفترات نفسية وعصيبة دون أسباب تذكر، لم أتعرض لمشاكل، ولكن أشعر في داخلي بحزن وبكاء صامت، بعد كل موقف مثل مقابلة عمل، حوار مهم، ألوم نفسي وأتصيد أخطائي وأتذكر نقاط سلبية مما يجعلني أشعر بغضب من نفسي ومن هذا الشعور، فأرجو منكم المساعدة.

شاكرة لكم مساعدتكم وتعاونكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منار حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

انطباعاتي مما ورد في رسالتك هذه أن نفسك اللوامة متسلطة عليك بقوة وشدة مما يجعلك تدخلين في هذه الإلمات الذاتية لمواقف لا تستحق، والبناء النفسي لشخصيتك يظهر أنه حساس، كما أن نوعية الاسئلة التي تطرحينها على نفسك هي أسئلة ذات طابع قلقي وسواسي، والحوار الوسواسي حين يجريه الإنسان مع نفسه يدخله في المزيد من القلق، وربما شيء من عسر المزاج وعدم الارتياح، وهذا كله يتولد عنه المزيد من الشعور بالذنب والإخفاق وأن تحملي نفسك أخطاء لم ترتكبيها.

أنا أعتقد أن الأمر مرتبط بشخصيتك، وربما يكون هنالك شيء من الحساسية وأيضاً هنالك تباعد ما بين ما هو واقعي من حيث التفكير وما هو مأمول.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنت محتاجة إلى أن تطوري من مستوى ذكائك الوجداني، يظهر لي أن أداءك الأكاديمي ممتاز، وحتى ذكاءك الوجداني من ناحية فهم الآخرين والتعامل معهم جيد، لكن أعتقد أن الذكاء الوجداني المطلوب ليس متوفرا بكلياته فيما يتعلق بتفهمك لذاتك وإنصافها حين تقومين بتقييمها ومن ثم تسعين لفهم ذاتك بصورة صحيحة وغير مجحفة وتسعين لتطوير ذات.

الذكاء الوجداني مهم جداً وهو وسيلتنا للتعامل مع عواطفنا بصورة ذكية وإيجابية، هنالك كتب ممتازة جداً كتاب دانيال جولمان والذي يسمى الذكار العاطفي، طبعاً أصل الكتاب مكتوب باللغة الإنجليزية ودانيال جولمان هو مؤسس علم الذكاء العاطفي والذي يعتبر الآن مهم جداً ولا تقل أهميته عن الذكاء المعرفي أو الذكاء الأكاديمي، حاولي أن تحصلي على هذا الكتاب، أيضاً يوجد كتاب للمؤلف استيفان هين steven hein هذا أيضاً كتاب ممتاز جداً عن الذكاء الوجداني، وهنالك كتب كثيرة جداً مكتوبة باللغة العربية وكذلك معظم المواقع التي تهتم بعلم النفس والتنمية البشرية وتطوير الذات تهتم الآن بهذا النوع من العلوم النفسية التي يحتاجها الإنسان في حياته اليومية.

اسعي -أيتها الفاضلة الكريمة- دائماً أن تكوني إيجابية في تفكيرك، حقري الفكر السلبي، أنت منجزة -الحمد لله تعالى- فلا تقللي من قيمة ذاتك أبداً، أنت تحتاجين أيضاً لأن تدخلي نفسك دائماً في مشاريع وهذا يصرف انتباهك عن التفكير السلبي، أكملت الماجستير وأعتقد عليك أن تواصلي الدراسة من أجل الدكتوراه أو تنخرطي في عمل، فطاقتك النفسية لا تتحمل الاحتقان، لا بد أن تستهلك، لا بد أن توجه، لا بد أن يستفاد منها حتى لا تؤدي إلى انعاكسات وسواسية سلبية، الفكر الوسواسي دائماً يحقر ويتم تجاهله، ممارسة الرياضة بصورة منتظمة تساعد كثيراً في الارتقاء بالصحة النفسية، وكذلك التواصل الاجتماعي له دور كبير جداً، وصلاتك في وقتها والدعاء طبعاً له آثار كبيرة جداً على حياتنا وفي مثل حالتك هذه.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً