الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الاكتئاب وتردد أفكار خيالية، ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب جامعي وابن عائلة، والدي متوفى، مطيع لوالدتي إلى درجة أنني أظلم أحياناً لتفضيلها أختي وأعمل بالرغم من أن الراتب قليل، ولكن الحمد الله.

منذ سنتين تراودني فكرة لمدة معينة ثم تعود مرة أخرى، وهكذا حتى أصبحت عندما تراودني الفكرة أكتئب ولا أخرج من المنزل.

هذه الفكرة هي أنه عند وفاة والدتي -أطال الله في عمرها- سيغضب علي الله وينزل ابتلاءاته علي وسأتشرد وأنام في الشوارع وأفتقر.

مع العلم أنني مؤمن بالله وأصلي وأواظب على قراءة القرآن الكريم.

أرجوكم الحل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يزيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك -أخي العزيز- وأسأل الله تعالى أن يفرج همك ويكشف غمك، وييسر أمرك ويشرح صدرك ويعافيك من كل سوء ومكروه، ويرزقك سعادة الدنيا والآخرة.

جميل ما أنت عليه من بر أمك بتقدير وطاعة واحترام رغم ما قد تعانيه من بعض الإساءة منها في حقك، وتفضيل أختك عليك، فاحتسب أجر هذا البلاء، فالصبر على أخطاء وتجاوزات الوالدين من أعظم الأجر وأعظم الطاعات والعبادات، ومن أعظم الطاعات والعبادات التي يحصل عليها الإنسان أعظم الثواب والأجر.

ثانياً: بارك الله فيك: اعلم أن أمك لا تتعمد إيذاءك، فربما غلب عليها أنها تقدر البنت وتقدّر الضعيفة، إذ أن الأمر الطبيعي والفطري أن لا تكره الأم أولادها، ولكن أحياناً تحصل لبعضهم من ضعف.

تذكر أن الحياة طبعت على الابتلاء، واستشعر فضل الصبر على البلاء والشكر للنعماء، والرضا بالقضاء، واحتساب ما أنت عليه عند رب الأرض والسماء، سبحانه وتعالى: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب).

جميل منك أيضاً أن تعرف أن هذه المشاعر التي تنتابك بالنسبة لوالدتك أنها إذا ماتت قد تغضب عليك، وأن هذه المشاعر غير شرعية ولا طبيعية ولا حقيقية إنما هي وساوس وهواجس شيطانية، فأنصحك أن لا تستمع لها ولا تصغي لها، ولا تتجاوب معها، بل عاملها بمقتضى التجاهل والتغافل والإهمال كونها من الشيطان، واستعذ بالله من الشيطان الرجيم، واستغفر الله تعالى.

أفضل ما يعالج هذه الوساوس والأوهام والهواجس قراءة القرآن (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين)، ولزوم الذكر (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، والدعاء (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء)، ولزوم الصحبة الطيبة الواعية العاقلة التي تعلمك إذا جهلت وتذكرك إذا نسيت وقد صح في الحديث:(المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل).

احرص على الترفيه من نفسك حتى لا يداخلك القلق والاكتئاب والضيق بالفسحة والنزهة المباحة، وزيارة الأهل والأصدقاء واشغل نفسك بالطاعة والعبادة والذكر وقراءة القرآن والاشتغال بالدراسة والعمل، وأيضاً متابعة المحاضرات والدروس والخطب والبرامج النافعة والمفيدة.

أخيراً يمكنك مراجعة طبيب نفسي مختص عند اللزوم والضرورة، وقد صح في الحديث :(تداووا عباد الله فإن الله ما أنزل داء إلا جعل له دواء)، بادر إلى الزواج إن استطعت فإن الزواج فيه السكن والمودة والرحمة والاستقرار النفسي، وأهم شيء في العلاج وجوب الذكر وقراءة القرآن والطبيب النفسي المختص وعدم الإصغاء لهذه الوساوس، والتجاوب معها في أي حال أبداً، واحتساب الأجر عند الله سبحانه وتعالى.

وفقك الله لكل خير، وسلمك من كل سوء ومكروه، والله الموفق والمستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً