الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يعتبر كره الأب من العقوق؟

السؤال

السلام عليكم.

مشكلتي أنني لا أحب أبي، ليس لدي أي مشاعر إيجابية تجاهه، فكل مشاعري وذكرياتي معه سلبية، والعديد من الأسباب أوصلتني إلى هذا الحال، من مشاكله مع أمي التي منها هو المخطئ من تكبره وظلمه لها ومن أنانيته، من عدم سؤاله علي عند سفري للدراسة، ومن ضربه لي لأنني لم أكن بصفّه عندما ظلم أمي، وبسبب كثرة المشاكل النفسية اللتي سببها لي بسبب مشاكله مع أمي، ومشاعره المزيفة اتجاهي بقوله (حبيبة أبيك) لكن تصرفاته لا تشير إلى ذلك إطلاقا، وقوله مثل هذا من وعدم عدله بيني وبين إخوتي (مشاعري)، وأخيرا من تزوجه بزوجة ثانية بعد كل ما سببه لأمي من آلام نفسية.

للأسف لا أستطيع التفكير في أبي سوي أنه مصدر للمال والذكريات السيئة، لسبب ما أجهله لا أستطيع مسامحته، لا أشتكي، ولا أعامله معاملة سيئة، وأنفذ كل طلباته، ولكن لا أستطيع مسامحته.

ليس لدي مشاعر تجاهه لدرجة أنني عندما أتخيل يوم وفاته لا أدمع دمعة واحدة كأنه غريب، لكن أجد نفسي أبكي عندما أتخيل نفس الشيء يحدث لأمي أو أحد إخوتي.

عندما قلت مشاعري هذه لأختي وصفتها (بقلة أدب) بأن أشعر بمثل هذه المشاعر، لكن مهما حاولت أن أغير من مشاعري أو من طريقة تفكيري به لا أستطيع، انطبع على قلبي عدم تقبله.

أبي لم يقف بجانبي عندما أحتاجه، ولا يتصل بي إلا إذا كان هناك أمر يخص السيارة، أو أن أشتري له شيئاً قبل عودتي من السفر.

الغرض من الرسالة ليس تعديد ما فعله بل محاولة لتغير طريقة تفكيري، وهل تعتبر من العقوق، وكيف أصبر على هذا الحال؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ Weam حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك -أختي العزيزة- وأهلا وسهلا بك في الموقع، وأسأل الله تعالى أن يفرج همك، ويصلح أباك ويعينك على طاعة والديك وأن يجمع شمل الأسرة على محبة وخير.

بصدد عدم شعورك بالمحبة لوالدك؛ نتيجة ظلمه لأمك وتقصيره في حقوقكم المذكورة، فإن ذلك لا يسقط عنك بحال أبدا وجوب البر به وطاعته، قال تعالى: (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ).

أنصحك وأنتِ على هذا المستوى من الثقافة والعلم أن تبادري بالجلوس مع والدك، والحوار معه مع تحري الوقت والمكان والأسلوب المناسب بلطف ورفق وأدب في تنبيهه على أخطائه ودعوته لإصلاحها ما أمكن؛ موافقته منه للشرع وأداء حقوق الزوجة والأسرة، معبرة له عن عظيم محبتك له وتقديره لفضله واعتزازك بِأبُوتِه وشكره على جهوده.

ويمكنك -عند اللزوم- الاستعانة بمن تثقين به من الأهل في تذكيره بهذه الحقوق وتنبيهه على هذه الأخطاء.

احذري -حفظك الله- من المبالغة في سوء الظن بوالدك وسوء الأدب والتعامل معه، والغيرة الزائدة على أمك حفظها الله؛ لما في ذلك من مخالفتك للشرع وعقوقك للأب والإساءة إلى أبيك وإلى نفسك وحياتك ومستقبلك وآخرتك.

جاهدي نفسك على التلطف مع والدك، وتقبيل رأسه، وإبداء المحبة له والتلطف والخدمة وحسن المعاملة؛ احتساباً للثواب والأجر وحرصاً على كسب قلبه ووده ومراجعته لنفسه.

- أوصيك بالحرص على شغل وقتك وفراغك بما يعود عليك بالمنفعة في دينك ودنياك، وذلك بلزوم الذكر وقراءة القرآن، ومتابعة البرامج المفيدة، ولزوم الصحبة الطيبة والواعية، وتطوير ذاتك وثقافتك ومواهبك ومهاراتك العملية والعملية، وإكمال دراستك بتفوق ونجاح.

احرصي على تعويض والدتك ما تفتقده من محبة وحنان بالطاعة والجلوس والخدمة والمواساة.

ولا أجمل من اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء أن يصلح والدك، ويحفظ والدتك وأسرتك، ويجمع شمل الأسرة على محبة وسعادة وسكن ومودة ورحمة، والله الموفق والمستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً