الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من أحلام اليقظة؟

السؤال

السلام عليكم.

منذ كنت صغيرا، وأنا لا أخرج من المنزل إلا إلى المدرسة، وأحيانا نذهب نخرج كأسرة سويا، ونادرا ما أخرج مع أصدقائي، ولا أكلم أصدقائي حتى في الهاتف، فأغلب وقتي كان فارغا فأمضيته في أحلام اليقظة، حتى صارت عادة عندي، وصار شيئا مرضيا، كنت قد نسيت حياتي، ومن كثرة انغماسي في هذه الأحلام كنت شبه مقتنع بأنها حقيقة أعيشها، وعندما أتذكر أن هذا حلم أحس بأنه سيحدث، ونسيت حياتي العادية، فكيف أتخلص من أحلام اليقظة؟

وصلت لحالة أن هذه الأحلام حقيقية، وأتخيل ما هو أجمل مما أنا فيه، علما بأنني أعيش حياة مرفهة، وتخيلت فتاة جميلة جدا وأحببتها في حلمي، وأحزن عندما تأتيني أحيانا بعض الأفكار تذكرني بأن هذا مجرد حلم.

نسيت حياتي وما عدت أفكر فيها؛ لأن كل المهن والمجالات التي أمامي لا ترضيني، لأنني تخيلت ما هو أفضل منها، فما نصيحتكم لي؟ وكيف أبتعد عن هذه الأحلام وأتوقف عنها؟ علما أنها لذيذة وسهلة لدرجة أنني إذا أردت شراء كتاب وقراءته، أحلم بما سيحدث وأعيشه، فأفقد لذة قراءة الكتاب -وهذا أكثر شيء يضايقني-، فأتركه وأحس أن قلبي قد امتلأ بالنشوة وبالمتعة.

صارت الحياة أصعب علي، كنت أستسهل وأحلم بدل السعي في تحقيق الأحلام، ولكن الحمد لله قلت كل هذه الأعراض، أنا أحكي لكم عن ما سبق، وأريد أن أقلع عنها نهائيا، وأخشى أن أعود كالسابق أو أسوأ، أتمنى ألا أحاول أن أعيش شيئا قبل وقوعه، مع العلم بأنه سيقع هذا يضايقني كثيرا، فكيف أقلع عنها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمرو حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

أن يسترسل الإنسان في أحلام اليقظة في مثل عمرك أمرٌ مُعتاد، يحدثُ لبعض الناس، لكن قطعًا يجب ألَّا تكون هذه الأفكار هي المُهيمنة والسائدة وتأخذ أسبقية في حياتك، فللتخلص منها أو على الأقل التحكّم فيها يجب أن تُدرك أن هنالك أشياء مهمّة في الحياة أكثر من هذه الأفكار، هذا أمرٌ مهمٌّ جدًّا.

الفكر الإنساني عبارة عن طبقات، والإنسان إذا اهتمَّ بشيء مُعيَّن وأعطاه الأهمية التي يستحقها قطعًا سوف يجعله في درجة عالية، فأنت مثلاً يجب أن تفكّر في دراستك وتعطيها الأسبقية على أحلام اليقظة هذه، تفكّر في تخرّجك من الجامعة متميِّزًا، تفكّر في نوع العمل الذي سوف تؤدِّيه مستقبلاً، تفكّر في الدراسات العُليا، هذا – أخي الكريم – أفضل، تفكّر في أمور دينك، وكيف أن الشاب يجب أن يكون مستقيمًا وصالحًا، تفكّر في بر والديك.

إذًا لجعل هذه الأفكار في مرحلة الدنيا – في مرحلة تحتيّة، أي في طبقة سُفلى – يجب أن تعلي عليها الأفكار الأخرى من النوع الذي حدَّثتُك عنه، وتلقائيًا سوف تجد أن هنالك إزاحة لهذه الأفكار التي أنت ذكرت أنك تنتشي لها، سوف تحسّ أن قيمتها بدأتْ تقلّ لديك، لأن هنالك فكرًا أجدى وأفضل وأكثر جدّيّةً أصبحَ يعلو عليها. هذه أحد الطرق المهمّة جدًّا.

الطريقة الثانية هي: لا تجلس لوحدك كثيرًا، حاول أن تتواصل اجتماعيًّا.

ثالثًا: نم النوم الليلي المبكّر، لأن ذلك سوف يعطي لدماغك فرصة كبيرة جدًّا لأن يحدث فيه نوع من الاستقرار والترميم التام، واستيقظ مبكّرًا، وصلِّ صلاة الفجر في وقته، هذه نصيحة مهمّة جدًّا جدًّا، وقت الفجر دائمًا هو وقت السكون ووقت الراحة، لا تأتي فيه أفكارٌ متطايرة، ولا تأتيك هذه الأحلام المشوّهة، وبعد ذلك اجلس مثلاً - بعد أن تقوم بالاستحمام وتتناول الشاي – تدرس لمدة ساعة، هنا يكون تركيزك في أفضل حالاته، وبما أنك أنجزتَ في فترة الصباح – في فترة البكور – سوف تجد أن يومك أصبح إيجابيًا جدًّا ومنطلقًا بصورة سلسة.

طبعًا من أهم الأشياء التي يجب أن تجعلها جزءًا من حياتك هي الرياضة، الرياضة تقضي على كل الشوائب النفسية، ومنها أحلام اليقظة المكثفة والفارغة كما نقول. فإذًا مارس الرياضة، ويا حبذا لو كانت رياضة جماعية.

يجب أن تتعلّم أيضًا إدارة الوقت، تكتب برامج يومية في الكيفية التي سوف تُدير بها وقتك، ما الذي يجب أن تفعله؟ متى سوف تدرس؟ متى سوف تُرفّه عن نفسك، متى سوف تتواصل اجتماعيًّا، وليس هنالك ما يمنع أبدًا أن تُخصص نصف ساعة، سميّها (هذا هو الوقت الذي سوف أعيش فيه مع أحلام اليقظة)، لكن تستبدل هذه الأحلام بالأفكار التي ذكرناها لك، وهكذا.

هذا هو الشيء المطلوب وليس أكثر من ذلك، وإن شاء الله سوف تختفي هذه الأحلام وهذه الأفكار تلقائيًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وكل عامٍ وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً