الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي رائعة مع بعض العيوب فيها وأرغب بالزواج من أخرى

السؤال

السلام عليكم

رأيتها في مكان العمل متدينة خلوقة للغاية، تحب الإحسان إلى العاملين البسطاء، هي بعمر ٣٦ سنة، تحدثت معها فعلمت أنها خطبت عدة مرات دون زواج، وأنها وأختها ترعيان أخاهما المعاق، وأن أختها تهينها وتحبسها، وأنها تتمنى الموت بسبب أختها.

رأيتها الرؤية الشرعية فلم تعجبني، وقد رق لها قلبي رقة شديدة فقبلت، وحدثت نفسي بأن دينها وخلقها كاف، وفي فترة "الملكة" اكتشفت رائحة كريهة جداً من فمها مستمرة، فتزوجنا، ووجدت من دينها وخلقها وطيبة قلبها وتواضعها ما جعلني أشك أنها من البشر!

كذلك كان رأي أهلي جميعاً، لا تصفها الكلمات والله، وأنا مريض بالعين والمس أيضاً، وهي ترقيني وتكثر من ذلك، وتلبس أمي حذاءها.

صابرت مصابرة على المعاشرة، ورغبت أن يرزق الله هذه المخلوقة الرائعة أطفالاً قبل بلوغها سن عدم الإنجاب، أما أنا فرجل وأمامي متسع من الوقت، فرُزقنا بطفل، ولله الحمد.

نبهتها لمشكلة الرائحة، ولكن -للأسف- لا تزل مستمرة، بالإضافة إلى عدم تقبلي لشكلها وجسمها في الفراش، فصارحتها بعد تردد شديد بأني سأتزوج الثانية، وأن لدي مشكلة في تقبل الشكل ورائحة الفم منذ البداية، ولكني صبرت وستبقى هي أميرتي وروحي وأم ولدي؛ لأني أحب قلبها ودينها وشخصيتها، وسأؤدي لها حق المعاشرة.

انطفأت زوجتي بسماعها هذا الكلام وكأني ذبحتها، وافتقدت حنانها وكلامها الطيب ودعاءها، فلا أرى إلا البكاء والصمت، تقول: حطمت قلبي وأنا التي أعشقك ولا أرى في هذه الدنيا سواك، حدثتها كثيراً عن حبي لروحها وحنانها وحاجتي لها في حياتي بلا فائدة، أشيروا علي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك – أيها الأخ الكريم – في موقعك، ونشكر لك هذا الثناء على زوجتك، ونسأل الله أن يعينك على الصبر عليها والإحسان إليها، فمثلُها تستحق الإكرام.

اعلم أن السعيد هو الذي يجد زوجة بهذا الصلاح وبهذا الخير، والأهم من ذلك أن تكون لها هذه المنزلة الرفيعة عند والدتك وأسرتك، نسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك على جبر الخواطر، فإن جبر الخواطر فيه الوقاية من المخاطر.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يُسعدكم في حياتكم، ونؤكد أن الزوجة الثانية أو الثالثة لا مانع منها من الناحية الشرعية، بل هي حقٌّ للرجل، ولكن إخبارها كان يحتاج إلى مزيد من اللطف ومزيد من الاهتمام، فالمرأة يصعب عليها سماع مثل هذا الكلام بالطريقة المباشرة، خاصة بعد إظهار هذه العيوب التي عندها.

نحن نتمنّى أن تنجح هي أيضًا في علاج هذا بمراجعة الأطباء، وباستخدام السواك، وباستخدام كافة الوسائل التي يمكن أن تُعينها على التخلص من الرائحة المذكورة.

اعلم أنك - لو تزوجت وتزوجت – لن تجد امرأة بلا عيوب، ولذلك كان التوجيه النبوي: (لا يفرك مؤمنٌ مؤمنة إن كَرِهَ منها خُلقًا رضيَ منها آخر)، فما عند هذه الزوجة من مؤهلات عالية ومن دِينٍ تتحدَّثَ عنه، ومن حرصٍ لها حتى على رقيتك وتخليصك ممَّا مسَّك من الشرِّ، هذا كله دليل على أن هذه المرأة مكسب بالنسبة لك.

عليه: نحن ننصحك بالاستمرار في تطييب خاطرها، وفي تضميد جراحها، وبعد ذلك تختار الأسلوب المناسب إذا قررت أن تتزوج بغيرها، مع الإحسان إليها، واطلب مساعدة مَن يستطيع أن يُقنعها بالناحية الشرعية في هذه المسألة، واجتهد في محو ما حصل من كسرٍ لقلبها؛ لأن الكلام أعتقد كان مباشرًا، وبهذه الطريقة يصعب على المرأة أن تتحمّل هذا الكلام.

نحب أن نؤكد أن الأصل أن المرأة ترفض إذا أراد الزوج أن يتزوج عليها، ولكن رفضها ذلك لا يمنع شيئًا أحلَّه الله تبارك وتعالى، لكنّ الذي نريد أن نتداركه بالدرجة الأولى هو هذا الذي حصل لها من كسرٍ ومن مواجهةٍ صريحةٍ.

نحن نتمنَّى ممَّن يتعرَّفون على الموقع دائمًا أن يتواصلوا قبل أن يُقدموا على مثل هذه الخطوات حتى يجدوا الطريقة المناسبة، ويوجَّهوا للطريقة المناسبة، لاتخاذ أي خطوة في حياتهم الزوجية، ربما يكون لها أضرار جانبية أو آثار على الشريك والطرف الآخر.

لذلك نتمنّى أن تجتهد في تطييب خاطرها، وفي الإحسان إليها، وننصحك بالمحافظة عليها في كل الأحوال، يعني: سواء تزوجتَ أم لم تتزوج، أن تجتهد في المحافظة عليها وفي إكرامها، ويكفي أن تعلم أن صبرها على الأخ المُعاق هذا دليلٌ على أن فيها الخير الكثير، بالإضافة إلى ما ذكرتَ من مواقف، وأنت مشكورٌ على نيتك الأولى وعلى رغبتك في الاجتهاد في أن تُنجبَ طفلاً يكون معها وجوارها في مسيرة الحياة.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك على الخير، وأن يغفر لنا ولك ولها، وأن يُلهمك السداد والرشاد، وهذه وصيتُنا لك بتقوى الله تبارك وتعالى، ثم بمزيد من الإحسان للمرأة المذكورة، والاجتهاد في تطييب وتلطيف الأجواء معها، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولكم التوفيق والسداد والسعادة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً