الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحب أن أعمل مشروعاً استثمارياً بموافقة والدي

السؤال

السلام عليكم

أريد الاستفسار حول بعض الأمور، فأنا طالب، وعند وقت فراغي أحب أن أعمل أي عمل مشروع، والحصول على الربح، لكن مشكلتي مع والدي، فهما يرفضان هذه الاقتراحات لعدة حجج.

أنا أحس أنه إذا بدأت بالعمل دون موافقة والدي فإن عملي سيُصبِح غير مشروع، مع أنه مشروع فقط، لأن والدي رفضا أن أعمل، وأن المال الذي سأجنيه من هذا العمل سيكون حراماً، فما حكم هذا الموقف الذي يحيرني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك – ابننا الفاضل – في الموقع، ونشكر لك هذا السؤال الذي يدلُّ على همَّةٍ عالية، ووعيٍّ وفقهٍ، ونسأل الله أن يرزقك رضا والديك، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يوسِّع رزقك الحلال، وأن يُحقق لك السعادة والآمال.

لا شك أن الرغبة في العمل خير، والإنسان الذي يعمل ويجتهد ويحاول الاعتماد على نفسه بعد الله؛ هذا إنسان فيه خيرٌ كثير، ونسأل الله أن يكتب لك التوفيق والسداد.

أمَّا إذا كنت الآن تشتغل بالتعليم ولك عمل، ورغبة الوالدين في أن تتفرغ للمهمَّة التي تقوم لأجلها وتجوّدها – وهي مهمَّة العلم – وكان الوالد يوفّر لك ما تحتاجه من الأشياء الضرورية؛ فنقترح عليك أن تُكمل المشوار العلمي، ثم تستأنف حياتك العملية، وقد صدقت فإن إرضاء الوالدين هو سبب للبركة، وسبب لسعة الرزق، وأمرُ الوالدين من الواجبات التي ينبغي أن تُطاع، يُطاعُ فيها طالما كان الأمر فيما فيه طاعة لله تبارك وتعالى، بل أمر الوالد بما هو مندوب يُصيّره واجباً ويرفع درجته.

لذلك نقترح عليك أن توافق على طلبهما، وتجتهد في دراستك، ولا مانع بين حينٍ وآخر بعد أن تُحقق التفوق والنجاح وتأمِّن نفسك من الناحية العلمية، لا مانع بعد ذلك من أن تنهمك في العمل.

على كل حال: نحن لا نعرف ما هي دوافع الوالدين لهذا الرفض، ولكن من المهم جدًّا تقديم طاعة الوالدين، فإذا كان الوالد والوالدة يرفضان هذا العمل لأنك لست محتاجًا للعمل، أو لأنهما بحاجة لك، أو أنهما يريدان منك أن تتجه في اتجاه مُعيَّن – كما قلنا – في تحقيق أشياء علمية أو في تحقيق إنجازات، أو أن تكون إلى جوارهم، فإن طاعة الوالدين مُقدمة على المسارعة إلى سوق العمل، بل هي عملٌ تُؤجر عليه عند الله تبارك وتعالى، والسلف – عليهم من الله الرضوان – كانوا يتفرَّغون لخدمة آبائهم وأماتهم، بل كانوا لا يتركون هذه المهمَّة لغيرهم، لمعرفتهم بأن بر الوالدين عبادة وطاعة.

أنت طبعًا مَن يُقدّر الوضع: هل أنت بحاجة إلى المال، هل هما بحاجة إلى عملك؟ ثم توازن بين هذه الأمور، غير أننا مرة أخرى (نكرر) أهمية ترجيح بر الوالدين ما لم يكن هناك ضرر كبير يترتب عليك أو عليهما في حال تركك ورفضك للعمل أو الاستجابة لطلبهم بالتوقف عن العمل.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يُسعدك ببر والديك، وأن يوسّع عليك في رزقك، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونحن سعداء بهذا السؤال الرائع الذي يدلُّ على حرصٍ على الخير.

ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً