الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصح ومساعدة شاب وقع في الزنا للخروج من هذه المعصية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فالإخوة الأكارم في هذا الموقع الرائع الشبكة الإسلامية، بداية أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعل هذا العمل المبارك في موازين حسناتكم ورفع درجاتكم إنه سميع مجيب.

إخوتي الكرام، تتلخص المشكلة التي أود استشارتكم بها في أن لي زميلاً في العمل طيب القلب ومن بيئة محافظة نوعاً ما إلا أن له سلوكيات فيها انحراف عن الأخلاق، وكنت أعتقد أن هذه السلوكيات تنحصر في الملبس والمظهر وبعض العبارات أو التصرفات البسيطة، وكنت أمارس معه دور الداعية في تجاوز هذه السلوكيات غير المقبولة، وكنت أعتقد أن مشكلته تنحصر فيها فقط، حتى فوجئت بأن له علاقات مع فتيات ويقيم علاقات حب تصل إلى حد المواقعة والزنا والعياذ بالله ونسأل الله العافية.
الشاب يحترمني كثيراً ويستمع إلى نصحي وأشعر أحياناً أنني أؤثر فيه، وقد صام معي الست من شوال حيث تعاهدنا على ذلك، وأشعر أنه يمكن أن يتجاوب معي، حتى فوجئت وبطريقة غير مباشرة أنه يمارس الزنا، وقد ألمح هو لي قبل أن أعرف أنه يمارس الزنا أنه يريد التخلص من الحديث على الهاتف مع الفتيات ويريد مساعدتي له، وكنت أسير معه في هذا الاتجاه حتى علمت بأنه واقع في حب الفتيات بل وصل الأمر به إلى حد الوقوع في الزنا.

المهم أنني أريد مساعدة هذا الشاب على التخلص من هذه المصيبة، وأريد مساعدتكم بتزويدي بالطريقة الصحيحة في التعامل معه، أنا أعلم أنه شاب ليس شريراً ولا موغلاً في الفساد إلى درجة لا يمكن إصلاحه معها، ولكن أشعر أن حب الفتيات والعلاقة بهن قد ملكت عليه كيانه، فما هو السبيل إلى ذلك خصوصاً أن موضوع الزواج ليس بمقدوره أن يقوم به الآن لاعتبارات عدة منها مالية ومنها أمور أخرى؟
مشكلة أخرى أن هذا الزميل له أصدقاء غير ملتزمين وسيئوا الأخلاق، وربما هذا يزيد من صعوبة المسألة خصوصاً أنه متعلق بهم أيضاً، إن كان بالإمكان إرشادي إلى كتب أو أشرطة أو مواد مسموعة على الإنترنت حتى أزوده بها، فهو يرغب في سماع مثل هذه المواد، مؤخراً أصبح معجباً بالشيخ مشاري العفاسي وزودته بعدد من السور بصوت هذا الشيخ، أرجو تكرمكم بسرعة الرد لأني فعلاً أود مساعدة هذا الشاب الذي هو في مطلع العشرينات من العمر.
أشكر لكم تعاونكم وبارك الله فيكم.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أمجد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإنّه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يُسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع! ونسأله جل وعلا أن يجزيك عن أخيك خير الجزاء، وأن يجعل هدايته على يديك، وأن يكلل جهودك بالتوفيق والنجاح، وأن يجعلك وإياه من عباده الصالحين.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فاعلم أخي أمجد أن هذه الجهود التي تبذلها في إصلاح صاحبك ستأتي على رأس حسناتك يوم القيامة؛ لأن الدعوة إلى الله هي وظيفةُ الأنبياء والمرسلين، قال جل وعلا: (( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا ))[فصلت:33] فأبشرك بهذه البشرى، وذلك حتى لا تستقل عملك ولا يتسرب إليك اليأس من عدم استجابة الأخ لدعوتك هو أو غيره، فنحن علينا بذل الجهد وإخلاص النية وندع الأمر بعد ذلك لله؛ لأن الهداية بيده وحده سبحانه، فاجتهد في الدعوة، وواصل النصيحة لهذا الأخ ولغيره، واعلم أن لك حسنات هؤلاء جميعاً فهنيئاً لك أخي أمجد.

وأما ما ذكرته بخصوص صاحبك، فحاول استغلال احترامه لك في دعوته ونصحه إلى أبعد حد، واعلم أن حل مشكلته لا يتم غالباً إلا باتباع الآتي:

1- أن تجتهد في ملء وقت فراغه بزيادة جرعة تواجدك؛ حتى تقلل فرصة احتكاكه برفاق السوء، ولا مانع من الاستعانة كذلك ببعض الصالحين لملء هذا الفراغ، فإن الصاحب ساحب، والمرء على دين خليله.

2- أن تحاول استغلال قصة الشاب الذي أتى النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يرخص له في الزنا، فقال له: (أترضاه لأمك، لأختك، لعمتك، لخالتك، لابنتك، لزوجتك؟ ... إلى أن قال له: ما لا ترضاه لنفسك لا ترضه لغيرك) فاستخدم هذه الوسيلة في إيقاظ ضميره، وذكره بأن الزنا دين، وأنه لابد من استيفائه من عرضه إذا لم يتب، وقل له: أترضى أن يفعل ذلك أحد محارمك؟ ضع نفسك مكان الآخرين وانظر ماذا سيكون شعورك، حاول استغلال هذا الأسلوب قدر الاستطاعة ولو بصورةٍ غير مباشرة.

3- ضع في اعتباره أنه إذا لم يكن لديه استعداد للتغير وترك هذه المعصية فلن يجدي معه أي علاج، فلابد من أن يقف وقفة محاسبة مع نفسه يحاسب ويراجع فيها نفسه، ولابد له من أن يتخذ قرار التغيير لسلوكه وأن يكون جاداً في ذلك، فأعنه على اتخاذ قرار التغيير، وضع في يقينه أنه قادر على ذلك وأنه إذا لم يساعد نفسه ولم يكن جاداً في ترك هذه العلاقات المحرمة فلن يكون بمقدور أي أحد أن يُساعده، اجتهد أخي أمجد في ذلك وركز جداً على هذا النقطة؛ لأنها أهم ما في الموضوع، وذكره بقول الحق جل جلاله: (( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ))[الرعد:11] وأنه لابد أن يقوم باتخاذ القرار الشجاع وهو التوقف عن جميع الاتصالات وقطع جميع العلاقات ولو بتغيير هاتفه وعدم الرد نهائياًَ، أشعره بأنه إذا كان جاداً وصادقاً فلابد من اتخاذ خطوات عملية مثل قطع الهواتف وإيقاف الاتصالات، وعليك أنت بملء فراغه بالصحبة الصالحين وجلسات الذكر ومجالس العلم والمحاضرات...وغير ذلك من الوسائل الدعوية.

4- علمه أن يدعو الله وأن يلح عليه، وأن يكثر من الدعاء لنفسه بالتوبة والهداية والاستقامة، وادع أنت له كذلك خاصةً بظهر الغيب، وأخبره بأنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، وأن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، ورغم ذلك فلابد من اتخاذ قرار التغيير لأنه العمدة والأساس.

وختاماً: نسأل الله لك التوفيق في مساعيك ولأخيك التوبة النصوح والعودة الصادقة إلى الله، إنه جواد كريم.

والله ولي الهداية والتوفيق.



مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أوروبا بدون اسم

    هو يقرب من ربنا ويصلي انشأ لله ربنا هيحمي من كل ده بس لازم يكون ف نيته خير

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً