الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إرغام الفتاة على الزواج من شخص معين

السؤال

السلام عليكم.

إني فتاة محافظة ومن عائلة محافظة جداً، جاء لخطبتي ابن عمي، لكني لا أحبه ولا أرغب فيه كزوج لي، وإني أراه غير مناسب لي، وأيضاً قبل أن يأتي أهله لخطبتي رأيت رؤيا فيه غير جيدة، وبعد أن تقدموا أيضاً رأيت فيه رؤيا غير جيدة، وقبل أيام رأيت في أمه رؤيا أفزعتني من النوم، وأهلي يضغطون علي ويرغبون فيه كزوج لي، فماذا أفعل؟ وقد تركت أمري إلى الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يُعيننا على ذكره وشكر وحسن عبادته.
فإن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: (إن أبي زوجني من ابن أخيه ليرفع بي خسيسته، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الأمر لها، فقالت: قد أجزت ما فعل أبي، ولكن أردت أن يعلم الرجال أنه ليس لهم في الأمر شيء).
ويؤسفنا أن نقول : إننا نحتكم إلى العادات ولا نرد الأمر إلى شريعة رب الأرض والسماوات، ولقد دفعنا الثمن غالياً، وضحينا بسعادتنا وضيعنا كثيراً من المعاني الجميلة، وليت الآباء وهم يفرضون على الفتيات الرجال بالقوة يعلمون أنهم بذلك يغرسون شجرة الحقد والكراهية والهجران والتباغض من حيث أرادوا القرب والخير.

ولست أدري لماذا ترفضين ابن عمك! وهل لذلك أسباب شرعية، أو دوافع مادية، أو موانع نفسية، أم أنه نفور لا تعرفين له سبباً؟ وفي كل الأحوال فنحن نتمنى أن تُحسني الاعتذار، وتتذكري أنكما من أصل وفصل واحد، وأن الإساءة إليه إساءة لنفسك وأسرتك، فمن حقك أن ترفضي ولكن ليس من حقك جرح المشاعر والإساءة إلى الأكابر والأصاغر، ونحن نقترح عليك ما يلي:

1- اللجوء إلى من يجيب المضطر إذا دعاه .
2- الاجتهاد في إيصال وجهة نظرك إلى بعض محارمك ممن لهم كلمة ووجاهة في القبيلة.
3- عدم الإساءة للرجل أو لأهله.
4- محاولة إيصال عدم رغبتك في الارتباط إلى ابن عمك إذا ضمنت تفهمه للوضع حتى يكون الرفض من الجانبين .
5- إذا كانت عندك أسباب خاصة للرفض فضعيها بين يدي والدتك، واطلبي منها تفهم الوضع وكتمان الأسرار.

أما إذا كان ابن عمك صاحب دين وأخلاق ولم تكن لديك أسباب واضحة للرفض، فنحن ننصحك بالقبول به لتفوزي برضا والديك، وسوف يعوضك الله خيراً، وسوف يتسبب هذا الزواج في لم الشمل، كما أن القريب يُراعي زوجته ويحترم مشاعرها أكثر من غيره، ولا عجب فإن الجراح واحدة، والعادات متشابهة، والروابط قوية وكثيرة .

وأرجو أن تعلمي أن المرأة لن تجد رجلاً بلا عيوب، فاستخيري ربك، واستشيري العقلاء من أرحامك والصالحات من أخواتك، ولن تندم فتاة تستخير ربها الذي بيده الخير، وتستشير الصالحين والصالحات من أهل الخير وصادق النيات.

ولا عبرة بما تشاهدينه في الأحلام، فربما كان حديث نفس، وإذا اغتم الإنسان لأمرٍ واهتم به رآه في نومه، وإذا أطاع الإنسان ربه في يقظته فلن يضره ما يراه في نومه.

ولا شك أن مشاعر الحب والمودة تنمو مع القرب وتزداد بالرباط الشرعي، بل إن الحب الحقيقي لا يكون إلا بعد الرباط الشرعي.

وإذا كنت من عائلة محافظة فإن ابن عمك من نفس العائلة، وقد يصعب على أبناء العوائل المحترمة أن يعبروا عن مشاعرهم قبل الزواج بل وحتى في أيامه الأولى.

ونحن نتمنى أن يتمكن الشباب من التفاعل مع النظم المرعية في القبائل، وأن يجتهدوا في إصلاح اعوجاجها برفقٍ وتدرج، ولعل هذا هو المعنى المتبادر من قول الصحابية (قد أجزت ما فعل أبي، ولكن أردت أن يعلم النساء أنه ليس للرجال من الأمر شيء) وصدقت رضي الله عنها، فلا تزوج امرأة إلا برضاها وبعد مشورتها، وقد جاء في الحديث: (البكر تُستأذن وإذنها صماتها والثيب أحق بنفسها من وليها؛ وذلك لأنها خيرت لرجال وعرفت أحوالهم).
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً