الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أرغب في التقدم لخطبة فتاة لا أعرفها جيداً، فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بداية أشكركم على تواجدكم لمساعدتنا دائماً وأسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم.

أنا شاب بعمر 26 سنة، أدعو الله أن يرزقني الزوجة الصالحة، وأن أكون نعم الزوج الصالح لها.

منذ فترة رشح لي أحد أصدقائي فتاة تعمل بصيدلية قرب بيته، ومن طريقة لبسها (الخمار) يتضح أنها ذات دين، بجانب أنها بشوشة الوجه.

المشكلة أننا لا نعرف عنها أي تفاصيل أو معلومات، ولا عن أهلها، ومن حيث طبيعة شخصيتها أو طريقة تعاملها هي أو أهلها إلا القليل الذي تم ذكره بالأعلى، وكل ما لدينا الآن هو محل عملها.

بماذا تنصحونني في هذه الحالة؟ هل أقدم على الخطبة وأحاول السؤال عنها وعن أهلها والوصول لبيتها أو ذويها عن طريق زميلاتها أو زملائها بالصيدلية، أم أن الأفضل الابتعاد من الأساس كوننا لا نعرف عنها الكثير؟ ولا نملك شخصاً يمكنه إفادتنا بمعلوماته عن شخصيتها وطبيعتها.

سؤال آخر: في حال نصيحتكم بالإقدام على الخطبة ومحاولة السؤال عنها، فأي الطرق ترشحون لي لبدء الموضوع؟ هل أسأل إحدى زميلاتها عن رقم هاتف والدها أو والدتها أو عنوانهم، أم هناك وسيلة أفضل في رأيكم؟

خالص الشكر والتقدير لما تقدمونه لنا من النفع والإفادة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الزواج نعمة من الله عز وجل امتن بها على عباده، حيث قال: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها..)، ويقول لنا الله سبحانه وتعالى عن عقد الزواج: (وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقًا غليظا)، وهذه الآية تدل على عظم عقد الزواج، ولذلك ينبغي على المسلم العاقل أن يستشير ويستخير ويفكر جيدًا قبل اتخاذ هذا القرار المصيري، ألا وهو قرار الزواج، وهذا ما تقوم به أنت الآن.

لقد اطلعت على جميع استشاراتك السابقة، ومما يبدو لي أنك شاب متردد في قراراتك بشكل عام، وربما يعود ذلك إلى بعض الضغوطات التي تمر بها، أو بعض الشروط الصعبة على من تريد التقدم إلى خطبتها، وأريد منك بعد قراءة إجابتي على رسالتك أن تراجع الاستشارات التي أرسلتها سابقًا، وتركز على إجابات المستشارين، ربما تتضح لك بعض الأمور المهمة، وأتمنى عليك أن تسأل نفسك: هل أخذت من النصائح والإرشادات وعملت بها؟ وكيف كان وقعها على حياتك الشخصية خلال اختيارك زوجة لك؟

ابني العزيز: إن رغبتك بالزواج أمر شرعي وفطري، لتحصيل مصالح العفة والاستقرار العاطفي، وتكميلاً لدينك وأخلاقك.

لذا أنصحك أنّ تتبع تلك النصائح التي أرسلت إليك.

ما أود أنا أن أنصحك به وما أراه مناسبًا ويدعمك في اختياراتك بشكل عام ألا وهو كيف تتخذ القرار وأنت لا تكون شخصية مترددة في أمورك الحياتية.

الحياة تعكس منظارك، فانظر لها نظرة تفاؤل وأمل، ورضا بما أنعم الله عليك من نعم، مثل: العلم، والأخلاق، والدين، والنسب، وعليك أن تتعلم كيف تتخذ قرارًا، فحياتنا كلها عبارة عن قرار يُتخذ، إن كان على صعيد العمل أو العلاقات الاجتماعية، أو الزواج.

كما تختلف أولويات كل شاب عند اختيار الزوجة من مجتمع لآخر، ومنها العوامل الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، بالإضافة إلى التوافق الفكري، فكل شاب يرغب في الارتباط بفتاة يكمل معها حياته لينعموا بالاستقرار النفسي والروحي.

لذلك: على كل شاب أن يحدد الأولويات التي يحتاجها من شريكة حياته من أجل بناء أسرة سليمة، وليس مطلوبًا التشابه والتطابق بين الشريكين، وإنما التكامل بينهما هو المهم من أجل إشباع كل منهما لحاجات الآخر.

إذا تواجد التكافؤ بينكما بباقي الأمور، وأنت أخبرتنا أنها صاحبة خلق ودين ومنقبة، ومتعلمة، وأنت حصلت على هذه المعلومات عن طريق صديقك الذي رشحها لك، ولكن هنا أنصحك أن تستعين بإرسال محارمك من النساء ليسألوا عنها المقربين منها مثل الجيران أو المعارف، ويسألوا عن شخصيتها ومنشئها، فحصولك على مثل هذه المعلومات ليست صعبة بل متاحة.

بعد السؤال والتحري عنها تبقى أمور لا يعلمها إلا الباري عز وجل؛ وخصوصًا أن قرار الزواج هو قرار مصيري نلجأ إلى الاستخارة بعد الاستشارة، وإذا شعرت بالارتياح للمعلومات التي حصلت عليها، فلا مانع من الرؤية الشرعية بالطبع بعد التنسيق مع والديك.

اكتب على ورقة كل الأمور التي تود معرفتها منها، وبطريقة ذكية اطرح عليها الأسئلة، وليس بأسلوب التحقيق، إنما بأسلوب التعرف على شخصيتها.

إذا وجدت أن هذه الفتاة ذات كفاءة، ومناسبة لبناء حياة زوجية يسودها الاحترام والتفاهم والتكامل، فتوكل على رب العباد وحسن الظن به، وانظر إلى نفسك بثقة وقوة، وأحسن الظن بالمستقبل، لأن الله لا يرضى لنا إلا التوفيق والسعادة.

أسأل الله عز وجل أنّ يرزقك الزوجة الصالحة والنجاح والتميز في حياتك العلمية والعملية، وأن ييسر أمرك، ويسعد قلبك قريبًا إن شاء الله تعالى، ولا تنسي أن تطمئننا عنك -يا خالد-.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً