الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الزواج قرار صائب مع ضيق اليد؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب في مقتبل العمر، قررت الزواج وفشلت فيه مرتين، الأولى تم رفضي، والثانية انسحبت منها بكامل إرادتي، إذ كلفتني بمهر طائل وأنا في تلك الآونة عاطل عن العمل، وبعد ذلك حصلت على عمل وتلاشى حلم الزواج، وفي هذه الآونة أصبحت أطمح للزواج من أجل العفاف، وغض البصر، وتيسير الأمور.

والآن عازم على الزواج ولكن يؤرقني الحزن على التجربة الفاشلة، والقلق على المستقبل المجهول، وعملي غير الرسمي، بحيث يمكنهم فصلي في أي وقت، وأعمل حاليا على مشروع استرداد ما زال في البدايات والتعثر.

سؤالي الذي أطرحه على نفسي في هذه الظروف: هل الزواج قرار صائب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - أيها الابن الفاضل - ونشكر لك هذا السؤال الرائع، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به، وأن يوسِّع رزقك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

لا شك أن الزواج قرار صائب، وإذا تزوّج الإنسان فقد استكمل نصف دينه، فليتق الله في النصف الآخر، واعلم أن في الزواج بركة وخير ورزق، قال العظيم: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} واسع الرزق، عليم بمن يريد العفاف وسوف يُغنيه من فضله. فهم السلف الآية، وتمسَّكوا بالآية، وتدبَّروا الآية، وأيقنوا بالآية، حتى قال قائلهم: (التمسوا الغنى في النكاح)، وقال صلى الله عليه وسلم: (ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ: المُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ العَفَافَ).

فلا تحمل همَّ الرزق، فإن الزوجة تأتي برزقها، والأطفال يأتوا بأرزاقهم، والله تبارك وتعالى هو الرَّزَّاق القائل: {وما من دابة في الأرض إلَّا على الله رزقها}.

فقط الذي نحبّ أن ننبِّه له هو أن تُقدِّم الدِّينَ في اختيارك، وأن تحرص على حُسن الاختيار، ولا تحزن على التجارب الماضية، فإنه لن يحدث في كون الله إلَّا ما أراده الله. ما مضى ينبغي أن يُطوى، لا تقف عنده، سواء كان رفض الفتاة لك أو رفضك للثانية، كلُّ ذلك مضى، وكلُّ ذلك لم يكن ممَّا قدَّره الله تبارك وتعالى.

فعليك أن تسعى وتستفيد ممَّا حصل في المرَّات السابقة، وأشرك الأهل والأصدقاء، فإن أحسن الزواج ما كان بهذه الطريقة التقليدية، لكون الذي يختار لك الزوجة يعرفك ويعرفها، ويعرف أسرتها، وفي هذه الحالة يكون الزواج بإذن الله أقرب إلى النجاح وأقربُ إلى الوفاق.

واستعن بالخالات والعمَّات الكبيرات في السنِّ، فإن لهنَّ نظرة في اختيار الفتيات، لكن أنت صاحب القرار النهائي، فإن الإنسان إذا اختيرتْ له زوجة ونظر إليها ووجد الارتياح والانشراح والميل فإننا عند ذلك نقول: (لَمْ يُرَ لِلْمُتَحَابَّيْنِ مِثْلُ النِّكَاحِ)، وذاك سِرٌّ من الأسرار، فالـ (الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (مَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ).

نسأل الله أن يُعينك على الخير، واعلم أن الزواج أيضًا ممَّا يُعين الإنسان على مزيد من السعي ومزيد من الحرص، و(طَعَامُ الِاثْنَيْنِ كَافِي الثَّلاَثَةِ، وَطَعَامُ الثَّلاَثَةِ كَافِي الأَرْبَعَةِ)، ونسأل الله أن يُبارك لك في رزقك وحياتك، وأن يضع في طريقك فتاة صالحة دَيَّنةً جميلة تُسعدُك وتُسعدُها، وتكون عونًا لك على الطاعة، وتُعينها على رضا الله، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً