الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتكاسل عن الأمور الضرورية وأتحمس للأمور غير المهمة، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني من كسل شديد في أداء المهمات المفروضة علي، كتعلم شيء جديد، أو بحث عن وظيفة، بالرغم من شغفي وحبي لتعلم هذا الشيء، ولكن في ذات الوقت يوجد شيء بداخلي يمنعني ويقوم بتعطيلي عن ذلك.

أصبحت لا أبالي بأولوياتي المطلوبة مني، وأنا رجل متزوج ولدي طفلة -ولله الحمد-.

كل يوم أقول غدًا ولا أقوم بفعل شيء، إنه مجرد كلام وثرثرة فقط، وعلى العكس إذا كان هناك أمور تافهة وليست أساسية أقوم بالتحمس لفعلها، وأكون أول الحاضرين، هل هذا مزاج أم كسل؟

شكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله تعالى أن يَمُنَّ عليك بصدق العزيمة وقوة الإرادة، وما تُعانيه من الكسل أمرٌ حذّر منه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان يستعيذ بالله تعالى من الكسل، وداوم على ذلك في صباحه ومساءه، وما ذلك إلَّا لما يترتَّب على الكسل من أنواع الحرمان، وقد جعل الله تعالى للخير مفاتيح، كما جعل للشرِّ مفاتيح، فمن مفاتيح الشر في هذه الحياة الكسل، فهو مفتاح للخيبة والحرمان، كما يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى، فالكسل ينشأ عنه الحرمان من خيرات الدنيا وخيرات الآخرة.

ومداواة الكسل مبدؤها وأوَّلُها أن يعرف الإنسان ما يُضاد هذا الكسل وما يُخالفُه، فالكسل يُضاد الإرادة والعزيمة، فإذا وُجد في الإنسان إرادة صادقة وعزيمة على فعل الشيء، مع قُدرة بدنية فإنه لا يتخلَّف بعد ذلك عن فعل هذا الشيء الذي عزم عليه، ولكن إذا فُقدتْ هذه الإرادة وضعفتْ تلك العزيمة حينها يكْسَلْ عن تحقيق ما فيه نفعُه وصلاحُه.

فالكسل إذًا يُنافي الإرادة والعزيمة، فإذا أردنا أن نداوي الكسل علينا أن نُوجد الأسباب التي تُقوّي الإرادة والعزيمة على فعل الشيء النافع، وهذه الإرادة وتلك العزيمة لا يُقوِّيها شيء مثل المعرفة والعلم بأن كمال الإنسان ونعيمه وصلاح حياته وارتقاء مستواه في مجتمعه؛ كلُّ ذلك إذا علمه الإنسان في ترتيب شيءٍ على ما يفعلُه ويطلبُه فسيجد في نفسه العزيمة الصادقة والإرادة الجادّة لتحقيق تلك المطالب، فالإرادة والعزيمة إذًا ثمرة للعلم والمعرفة.

ومن المعلوم لكل عاقل أن ارتقاء مستوى الإنسان في تعليمه وتحصيلُه لوظيفة راقية، كلُّ ذلك من أسباب سعادته الدنيوية، وسعادة مَن يليه من زوجة وأبناء وبنات، فإذا أيقن الإنسان بهذه الحقيقة يقينًا جازمًا فإنه سيجد من نفسه العزيمة التي تدعوه لتحقيق تلك المطالب. فالإرادة مسبوقة إذًا بالعلم والتصوّر.

وينبغي أن تُجالس الأصحاب والأصدقاء الذين يتمتَّعون بإرادات جازمة وعزائم صادقة ولهم عُلوّ همَّة يطلبون المعالي، فإن الإنسان يتأثّرُ بمَن يُجالسه ويُصاحبه، فالصاحب ساحب.

وأكثر من دعاء الله تعالى بأن يُعيذك من الكسل، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وغلبة الدين وقهر الرجال)، فأكثر من هذا الدعاء، وداوم على أذكار الصباح والمساء، وستجد بإذن الله تعالى ما يُقوّي عزيمتك ويشحذ همَّتك نحو طلب المعالي.

نسأل الله تعالى لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً