الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي غضبانة علي بسبب زوجتي.. فكيف أتصرف؟

السؤال

السلام عليكم.

كانت علاقتي مع أمي راقية وجميلة، ومليئة بالمحبة والثقة، والشفافية إلى درجة أن بيننا أسرارا لا يعلمها إلا الله، ولكن بعد زواجي بدأت بعض المشاكل -مع العلم أن أمي من اختارت لي الفتاة-؛ والسبب أن زوجتي بسيطة في التفكير، ساذجة في التصرف، وأمي تعتبر هذا عنادا وجرأة، وتعديا عليها، وأنا أحاول أن أكون منصفا، وأن أوفق ما استطعت ولكن وبعد ثماني سنوات اكتشفت أنني تسببت لأمي بألم وحرقة وحزن منذ أن تزوجت، وتقول: أنني لا أبالي، ولا أهتم بها، وأني أغار من إخوتي، ولا أتمنى لهم الخير، وأني أفضل زوجتي عليها، وأصدق زوجتي وأكذب أمي، مع أنني أحاول أن لا يكون هناك أي ظلم.

عندما تتهم زوجتي بشيء أحاول أن أستبين الأمر من زوجتي، فتتهمني أمي أنني أكذبها، وتقول أمي إنني لم أسعدها في حياتي ولو لحظة، مع أنني حججت بها وأدت العمرة عشرات المرات بسببي، وأتصدق عن والديها، وحججت وأديت العمرة عن معارفها، وأنفق على إخوتي، وأساعد من يحتاج منهم، وأحب الخير لهم أكثر من نفسي، ولا أعامل زوجتي إلا بما يرضي الله عني، فهي وصية الله وأمي هي باب الجنة بالنسبة لي.

عندما اكلم أمي تقول اذهب إلى حماتك هي أمك الثانية، والله يحفظ لك زوجتك، مع العلم أنني مقاطع أهل زوجتي منذ ثلاث سنوات، تكلمت مع أمي مؤخرا، وطلبت منها أن تظن بتصرفاتي خيرا، وأني لا أقصد إهانتها أو التقليل من شأنها، فأغلقت الجوال، وأرسلت لي رسالة تقول لي: أن أنسى أن لي أما.

أنا الآن محتار فماذا أفعل؟ أحاول أن أتصل بها ولكنها لا ترد، وأنا في ضيق ونكد عيش لا يعلم به إلا الله، وأخشى أن أكون من العاقين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ م.ز.م حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك أيها -الأخ الكريم- في الموقع، ونشكر لك هذا البرّ للوالدة، ونتمنَّى أن تستمر في محاولات البر والإصلاح، ونحيي أيضًا عدم ظلمك للزوجة، فلا ذنب لها في الذي يحدث، والغَيْرَةُ تحصلُ أحيانًا بالطريقة المذكورة عندما يكون الولد الوحيد أو النافع، فالأم التي تأتي بالزوجة قد تشعر أحيانًا بأنها جاءتْ تُشاركها في حُبِّ ولدها وجيبه.

ولذلك نوصيك بما يلي:
أولاً: عليك بالمبالغة في الإحسان للوالدة، والاستمرار في الإنفاق عليها، وإرسال الهدايا لها، وتكرار المحاولات من أجل التواصل معها.

ثانيًا: ندعوك إلى إشراك الخالات أو العمَّات أو مَن يمكن أن يُؤثِّر على الوالدة حتى يُصلح هذا الوضع.

ثالثًا: نتمنَّى أن تتوقف زوجتك عن كلِّ ما يمكن أن تفهمه الوالدة على أنه إساءة، وعليها أن تُكرم الوالدة من أجلك، فمن أجل عين تُكرمُ ألف عين، وبيِّن لها أنك ستحملُها على رأسك، وتُقدِّرُها إذا قدَّرتْ الوالدة، واطلب منها أن تكون عونًا لك على برِّ الوالدة.

رابعًا: نطمئنُك أنك تخرجُ من الحرج الشرعي عندما تُؤدّي ما عليك، عندما تقومُ بواجبك كاملاً، ونتمنَّى أن تجد من إخوانك مَن يتوسّطُ بالخير، طالما أنت تُساعدهم، وتقف إلى جوارهم، وقد أدَّيتَ أدوارًا كبيرة تجاههم جميعًا.

أكرِّرْ: لن تكون عاقًّا إذا أدَّيتَ ما عليك من ناحية شرعية، وربُّنا تبارك وتعالى في سورة الإسراء وبعد آيات البرِّ قال: {ربكم أعلمُ بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوَّابين غفورًا}، قال العلماء: "في الآية عزاءٌ لمن قام بما عليه، ومع ذلك لم يرض الوالد أو لم ترض الوالدة".

فاصْدُق الله تبارك وتعالى في بِرِّك للوالدة، واستمرّ، وكرِّر المحاولات، ولا تتوقّف أبدًا مهما حصل من التواصل معها، أو عن تَذكُّرها بالعطايا والهدايا، واحرص دائمًا على الزوجة أن تعتذر إذا كان هناك ما تلوم به الوالدة، وانقل لوالدتك أحسن ما عند زوجتك من المشاعر، ولا نُؤيِّدُ أيضًا الاستمرار في القطيعة مع أهل الزوجة، وإذا كنت تتضرَّر من العلاقة فاجعل العلاقة في حدودها الدُّنيا، ولكن لا تتحوّل إلى قطيعة لسنوات، لأنه (لا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجر أخاه فوق ثلاث)، فكيف إذا كان هذا الأخ أو الأخت هم أهل الزوجة أو أهل الزوج أو نحو ذلك؟!

كن قدوة لها في البر بأهلها، وعليها أن تُبالغ في إكرام الوالدة، وتتفهَّم ما عندها من الضيق تجاهها، فنحن كما قلنا: الغَيْرَة قد تُوجد بين أُم الزوج والزوجة، ولكن الزوج عليه أن يحكم بالعدل، وأنت تحاول، وعليه أيضًا أن يُقدّم أمر الوالدة على أمر الزوجة، خاصة عندما يكون الاحتكام/ الاحتكاك بينهم، فليس من الصواب أن نقول للوالدة – وهي الكبيرة – (أنتِ مُخطئة)، ولكن من المهم جدًّا أن نُشعر الوالدة في حال الخصام أننا معها وأنها مُقدّمة، ولا تحاول الدفاع عن زوجتك – يعني كثيرًا – لأن ذلك يُؤكد المعنى أنها المُقدّمة عندك، وأنك لا تقبل فيها كلام، مثل هذه المفاهيم.

المهم اجتهد واستمر، ولا تتوقف أبدًا عن الإحسان للوالدة وإكرامها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك حتى تعود الأمور إلى نصابها وصوابها.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً