الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أرتب أولوياتي في الحياة كربة بيت؟

السؤال

السلام عليكم.

كأم لأربع أبناء وربة بيت هناك الكثير من الأعباء المنزلية والأمور التي لو انشغلت فيها طوال 24 ساعة لن أجد لنفسي ولا لطاعة ربي وقتا.

والمشكلة هنا هي مسألة الأولويات، فهناك مسؤولياتي تجاه أبنائي الصغار الذين يحتاجون رعاية ومداراة على طول اليوم، وهناك واجباتي تجاه زوجي وأهلي وجيراني وغيرهم، وهذه لا تحظى بأولوية فائقة عندي، لكن الملل والرغبة بالتجديد أو إشباع حاجة الشعور بالمتعة في عمل شيء معين، أو أحيانا التأثر بما نسمعه ونقرأه من محبي التغيير، وأخصائيي التنمية البشرية والمؤثرات يجعل أولوياتي تختل، وأشعراني بحاجة لعمل شيء مختلف، شيء أحبه وشيء يعطيني الراحة والاسترخاء وربما يعود علي بفوائد أخرى.

وما يحدث العكس، فأشعر بالعجز عن فعل أي شيء فيدفعني الإحباط لرمي كل مسؤولياتي جانباً وإغراق نفسي وقتل قتي في فعل أشياء لا تعود علي بالفائدة بقدر ما أنها تغرقني في دوامة لا تنتهي، وغالباً ما تكون هذه الأمور التي أقتل بها وقتي محرمة أو فيها جانب محرم مثل: المسلسلات أو الأغاني أو قراءة الروايات العاطفية مثلا، وكلما حاولت أن تخرج من هذه الهوة التي وقعت فيها فسببت لي تراكم للمسؤوليات والواجبات التي أهملتها وخلفت قصوراً وعجزاً واضحاً.

وسببت لي الانقطاع عن العالم الخارجي بحجة أن الاختلاط بالناس فيه مضرة أعمق نتيجة العيش في مجتمع محترف للنميمة والنفاق، فأصبحت وحيدة غريبة ومهملة لذاتي وللآخرين، هي فضفضة كتبتها لأنني أشعر حقا بالعجز، فأنا أعرف الخلل وأعرف سببه ولا أملك تغيير شيء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك بنتنا وأختنا الفاضلة في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والتواصل وحُسن العرض للمشكلة، ونؤكد أن الشعور بالخلل هو البداية المهمّة والأولى والصحيحة للتصحيح، ونسأل الله أن يُعينك على الخير، وتعوّذي بالله من العجز والكسل، فإن العجز نقصٌ في التخطيط والكسل نقصٌ في التنفيذ.

واعلمي أن المؤمن والمؤمنة – كِلانا – مُطالبٌ أن يُرتّب أولوياته، ويتذكّر أولاً الغاية التي خُلق لأجلها، قال العظيم: {وما خلقتُ الجنّ والإنس إلَّا ليعبدونِ}، ثم إذا انطلق الإنسان من هذه القاعدة – قاعدة العبادة لله تبارك وتعالى – فإن مسعاه سيكون في الخير، وتعبه من أجل الأولاد سيُؤجرُ عليه، وإحسان الزوجة لزوجها وحُسن التبعُّل له ممَّا يعدِلُ الجهاد والاستشهاد وصالح الأعمال، كما بيَّن النبي عليه صلاة الله وسلامه.

ولذلك البداية نُصحِّح البوصلة، فنجعل حياتنا لله تبارك وتعالى، وبعد ذلك ننطلق في كلِّ ما نفعله – من علاقات بالأهل، أو إحسان إلى الجيران، أو الاهتمام بالأطفال، أو رعاية للزوج – كلُّ ذلك ممّا نُؤجر عليه، وكلُّ ذلك يتحوّل إلى عبادة بالنيّة الصالحة.

وننصحُك بالاهتمام بتعلُّم ما لا يسع المسلم جهله، فالمسلمة ينبغي أن تتعلّم ما تُصحِّح به عقيدتها وعبادتها، وتعاملها مع زوجها، وتربيتها لأولادها، وعلاقاتها مع الآخرين، ثم بعد ذلك لا مانع من أن تنطلقي في الهوايات المفيدة والنافعة.

ونحبُّ أن نؤكد أن الأوقات كافية إذا نظّمها الإنسان، إذا عمل لنفسه جدولا، إذا لم يستسلم لهذه الإحباطات، وأؤكد أن المسلسلات تُسلسلُ في الشر، وأن الإنسان يفتح على نفسه هذا الباب فإنه يصعب أن يُغلق، لأن الشيطان يُزيّنُ المعصية، ويأخذ الإنسان خُطوةٌ إثر خُطوة، لذلك قال العظيم: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان}.

ونؤكد أن شعورك وتواصلك مع الموقع ما ينبغي أن يكون فقط مجرد فضفضة أو تريدي أن تقولي ما عندك، لكن أرجو أن تبدئي بخطوات تبدئي فيها أولاً بالدعاء لله.
ثانيًا: إصلاح ما بينك وبين الله.
ثالثًا: شغل نفسك بذكر الله.
رابعًا: تصحيح مفاهيمك عن الدّين، ليُصبح كل عمل خير وكلُّ خدمة للأطفال، بل هناك أعمال صالحة، حتى الإمام أحمد يقول: "الاستجابة لأنين طفلٍ ربّما تُعادل عبادة العُبّاد"، فأنت في خيرٍ كثير، واحمدي الله الذي وهب لك زوجًا وأولادًا وحياةً مستقرة، فاجتهدي في تنظيم هذه الحياة، واعلمي أن الاختلاط بالناس مع ما فيه إلَّا أنه أيضًا مطلوب، فالمؤمنة التي تُخالط الناس وتصبر على أذاهم خيرٌ من التي لا تُخالط ولا تصبر.

وإذا كنت قد علمتِ أن في المجتمع غيبة ونميمة وخلل فينبغي أن يكون لنا دورٌ في الإصلاح والنُّصح، فإن عجزنا فلا أقلّ من أن تكون العلاقة موجودة، لكن ليست عميقة، وإنما تتواصلي مع من حولك، فالإنسان لا يستغني عن مَن حوله، والتواصل الطبيعي أفضل من التواصل الإلكتروني الذي يجرُّ وراءه الكثير من الشرور، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً