الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بيني وبين زوجتي حب وتفاهم لكنها تكره أمي وأخواتي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

سؤالي: أنا متزوج منذ 5 سنوات، والحمد لله، عندي طفلان، وحياتي مستقلة في بيت لوحدي، وزواجي عن حب، وزوجتي متدينة وتصلي، وأخلاقها عالية، والحمد لله، أنا وهي متافهمان فيما بيننا، ولكن المشكلة أنها أتعبتني بسبب أنها تكره أمي وأخواتي.

كل ما أذهب إليهم أو أعمل أي شيء تضج وتتوتر بحجة أنها لا تحبهم، ولا تحب أن أذهب إليهم، وأنا قد حاولت في بكل الطرق أن تغير من تفكيرها وتقلل من المشاكل ولكن دون جدوى، إلى أن وصل الحال بنا أن قامت تدعو على أمي وأخواتي.

رغم أن أمي وأخواتي بعيدات عنها، ولا يتدخلن في حياتنا، فهي تكرههم وتكره كل شيء حتى ذهابي لهم!

أي مشكلة تصير بينا تقول: هم أهلك السبب، وهم عملوا لك سحراً، حتى تعيقني، وتظل تسيء وتدعو، وصوتها في المشكلة يعلو ويرتفع.

حاولت أن أدخل طرفاً ثالثاً وما أفاد، حاولت مع أبيها وأمها وأخيها وما أفاد، وآخر كلامها تقول: أبقى ما بقي من عمري لا أحبهم، وأدعو عليهم!

أنا لا أعرف ماذا أعمل من أجل هذا الموضوع الذي أتعبني؟!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - أيها الأخ الفاضل – في الموقع، ونشكر لك السؤال والتواصل والاهتمام، وسعدنا جدًّا بالثناء على هذه الزوجة وما فيها من إيجابيات، ولا شك أنك مطالب بأن تقوم بحقِّها كاملاً، كما أن الشرع يُطالبك بالوفاء بأهلك.

الشرع الذي يأمرك بالصبر عليها والإحسان إليها هو الشرع الذي يدعوك إلى الإحسان إلى أهلك، والقيام بالواجب تجاههم، فلا تُقصّر في حق أهلك لأجلها، ولا تُقصِّر في حقِّها لأجلهم، واصبر على ما أنت فيه، وذكِّرْها بالله تبارك وتعالى، وحبَّذا لو نجحت في أن تجعلها تتواصل مع الموقع، حتى تسمع النصيحة التي تُرضي الله، فإنه ليس لها مُطلقًا أن تمنعك من التواصل مع أهلك أو الإحسان إليهم، كما أنه ليس لأهلك أن يمنعوك من القيام بالواجبات الخاصّة بها.

يُؤسفنا أن نقول: هذه نماذج من الغيَرَة الزائدة والمفاهيم المغلوطة، وإذا كانت تظنُّ أنه في أهلك شرٌّ يمكن أن يصل إليها – كما ادّعت وزعمتَ أنه سحر – نحن نقول: ينبغي أن تتعلَّم أن المؤمن والمؤمنة ينبغي أن يُوقنوا أنه لن يُصيبنا إلَّا ما كتب الله لنا، وأن أهل الأرض لو اجتمعوا ليضرُّونا لن يستطيعوا أن يَضرُّونا إلَّا بشيءٍ قد قدَّره الله علينا، ولا يجوز للإنسان أن يُسيء الظنَّ بالآخرين، والذي يفعل الشر إنما يعود إليه هذا الشر.

لذلك هذا ليس مسوِّغًا أبدًا في أن تنفر من أهلك لهذه الدرجة، لها أن تتجنّب ما شاءت من أمور تشكُّ فيها، ولكن ليس لها أن تُجبرك بعدم الذهاب وتطالب بقطيعتهم، أو تفتعل المشاكل عندما تذهب إليهم، وأرجو أن يكون في أهلها العقلاء الذين أبلغتهم هذه الشكوى، مَن يستطيع أن يُوجِّهها التوجيه الصحيح.

أكرِّر: ليس لها أن تمنعك من أهلك، كما أن أهلك ليس لهم أن يتدخَّلوا في خصوصياتها، فأعطِ كلّ ذي حقٍّ حقَّه، واعلم أن التقصير هنا مرفوض، والتقصير هناك أيضًا مرفوض، وقد يكون مرفوضًا أكثر إذا كان في الجانب الآخر – والد أو والدة – فقم بما عليك ولا تُبال بمثل هذه الأمور.

إنِ استطعت أن تزور أهلك دون أن يكون ذلك جهرًا أمامها، المهم تُؤدّي الحقائق كاملة، هذا حتى تُخفف هذه الغيرة التي نؤكد أن لها علاجاً، إنْ كانتْ مبنية على تصورات خاطئة فيجب تصحيح هذه المفاهيم، وأرجو أن تتوجّه إلى عالِم شرعي ليُبيِّن لها أن هذا لا يجوز، وأن السحر والسحرة كلُّهم لا يستطيعون أن يفعلوا شيئًا، لأن الله قال: {ولا يُفلح الساحر حيث أتى}، والساحر والجنّ الذي يقف خلفه؛ الله قال: {إن كيد الشيطان كان ضعيفًا}، فكيف بأعوانه من السحرة؟!

عليها أن تُوقن بالله تبارك وتعالى، وأنت ذكرتَ عنها أنها متدينة وتُصلّي، فهذا من صميم الدّين، ومن صميم ما ينبغي أن تُوصلُ إليه الصلاة، ونسأل الله أن يُعينكم على الخير، واستمرْ فيما أنت عليه، ولا تُقصّر في حقِّ أهلك، ولا تُقصِّر في حقِّها، وذكِّرْها بالله، واطلب منها أن تُصحِّح فهمها للعقيدة، فإنه لن يُصيبنا إلَّا ما كتب الله لنا.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والهداية والثبات، ونسأله أن يُؤلِّف القلوب وأن يغفر الزلَّات والذنوب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً