الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحببت فتاة واكتشفت أنها ملحدة، فهل أتزوجها؟

السؤال

السلام عليكم.

سؤالي طويل، ولكن أرجو منكم سعة الصدر.

أنا طالب مغترب في أوروبا للدراسة، وقد تعرفت على فتاة منذ قدومي إلى أوروبا وأحببتها وأحبتني، وهي من إحدى دول المغرب العربي، ومسلمة، ولكن الدين عندهم ضعيف، وهي متأثرة جدا بالطابع الأوروبي.

تعلقت بها ولم أعرف أنها ملحدة، فلقد كانت بعيدة كل البعد عن الإسلام الذي تربت عليه، ولكني لم أكن أعرف بإلحادها إلى أن تناقشنا في أمور الدين واعترفت بذلك، بل إنها صارت تكره الإسلام والمسلمين بسبب ما سببه بعض المسلمين من أذى لها.

حاولت تغييرها، تناقشنا مرارا دون جدوى، فهي تعرف الإجابات الدينية عن كل تساؤلاتها، ولكنها ترفضهم وتطعن في القرآن والسنة.

بعد جدال وعلاقة دامت سنتين، وبعدما رأت من لين المعاملة مني تحت مظلة الدين، بدأ قلبها يلين (كما تقول هي)، وبدأت تتقبل فكرة الدين وحقيقة وجود الله، ولكن ليس إلى الحد الذي يشعرني بالطمأنينة أنها تبدلت وتغيرت، وطلبت منها الالتزام بالصلاة وأصررت على ذلك، رغم أنها قالت إنها ستصلي فقط من أجلي، ولكنها لم تستطع الالتزام.

أخبرتها أنه من المستحيل أن نتزوج وهي على هذه الحالة، وهي تقول لو تزوجنا ستكون الأمور هداية، والشرع أفضل ونحن معا، ولكني من الداخل لست مطمئنا إلى ذلك، إضافة لحرمة الزواج منها دينيا وهي على هذه الحالة، وتقول لو تركتها فإنها ستعود إلى الإلحاد، وأنا أحس بالذنب، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Yosuf حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الأخ الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يهدي ابنتنا إلى أحسن الأخلاق والأعمال، وأن يردّها إلى رضا الرحيم الرحمن، إنه على كل شيءٍ قدير.

لا شك أن رحلة الزواج رحلة طويلة، والإنسان لا ينبغي أن يُجازف فيها، وأرجو أن تكون واضحًا معها في طرح هذه القضية، فالإنسان ينبغي أن يختار صاحبة الدّين، وتلك وصيّةُ رسولنا الأمين - عليه صلاة الله وسلامه - وأرجو أيضًا أن تُوضع هذه العلاقة في إطارها الشرعي، وتنظر إلى أبعادها ومآلاتها، فالمرأة ستُنجب أطفالاً، وهؤلاء أيضًا سوف يتأثرون، فإمَّا أن تكون على دينٍ وخيرٍ ووضوحٍ وسُنّة، وإلَّا فخيرٌ لك أن تختار غيرها، ونتمنَّى أيضًا أن تتوقف العلاقة حتى تُوضع في إطارها الشرعي، فإن التمادي في هذا السبيل سيجرك إلى مخالفات، وسيزيدك من التعلق الذي يُتعبك ويُتعب الطرف الثاني، وفي النهاية لا تستطيع أن تلتقي معها في سقف واحد، إذا كانت تُفكّر بالطريقة المذكورة.

فاترك لها الخيار، واطلب منها أن تُناقش نفسها، وأن تبحث، واذهب بها إلى مركز إسلامي وإلى دعاة مختصين، حتى تستمع إلى كلامهم، وإذا وجدتَّ داعية فهذا أوفق لكونها امرأة، حتى تُقنعها، فإن ثبتت على دينها واختارت الله ورسوله فنصيحتُنا لك عند ذلك أن تُكمل المشوار، وتجتهد في تعليمها.

فالبدايات الصحيحة مهمة جدًّا، وبعد ذلك صدقها في إقبالها على الله تبارك وتعالى ورغبتها في التديُّن، هذا هو الأساس الذي ينبغي أن نبني عليه، وبالطبع سيكون هناك نقص، لكن النقص ستُعان عليه إذا كانت هي صادقة في رجوعها وفي إيمانها بالله تبارك وتعالى، وأعتقد أن الأفكار الإلحادية وغيرها من السهل جدًّا مناقشتها ووضع النقاط فيها على الحروف، إذا وجدتَّ داعيا مختصا أو داعية من النساء، مختصة في مثل هذه الأمور، وأظنُّك ستجد ذلك بالذهاب إلى المراكز الإسلامية، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يهديها، وأن يجعلك سببًا في هدايتها.

وموضوع الزواج: نحن لا نُؤيد فكرة المجازفة دون أن تتجلّى لك الأمور، فالدّين هو أهم ما ينبغي أن يُعنى به مَن يريد أن يتزوج، ونؤكد أن النساء غيرها كثير، والإنسان سيجد غيرها، لكن إذا نجحت في أن تهتدي وتعود إلى الله تبارك وتعالى وتعود إلى أصولها التي تكلمت عنها، أصول الإيمان، يعني: أهلها، الذين هم أهل الإسلام والإيمان، فعند ذلك سيكون هناك خير كثير في الارتباط بها، إذا أصبت وجه الله ونجحت أو تمكنت من أن تجعلها تستقيم على هذا الشرع، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

وطبعًا الإنسان في مثل هذه الأحوال يستشير أيضًا إخوانه الذين سبقوه إلى تلك البلاد، ويستخير الله تبارك وتعالى، ولن يندم مَن يستشير أو يستخير، وإذا كان عندها أسئلة واستفسارات وهي تعرف العربية فيمكن التواصل مع الموقع، حتى نُجيب أيضًا على إشكالاتها، ونتناقش معها حول هذه القناعات، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يهديها، وأن يهدينا جميعًا، وأن يجعلنا سببًا لمن اهتدى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات