الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بظلم وحزن من الأمر الذي فعلته، فهل أنا ظالمة؟

السؤال

السلام عليكم.

لي أخ يدرس في السنة الثانية متوسط (13عاما)، وهو ضعيف الشخصية نوعا ما، ولا يعرف كيف يدافع عن نفسه إذا ظلم، فمنذ أن توفي والدي وتركه صغيرا وهو يحس بالنقص، كما أنه سريع التأثر، مجرد توبيخ من أساتذته يجعله يبكي مما شجع زملاءه في القسم على التنمر عليه، حتى قام أحد زملائه وهو معيد 4 مرات (17 عاما) كان يقول له كلاما فاحشا جدا أستحي حتى من تذكره، وكان يلمسه من مؤخرته، ويكشف له عن ذكره.

وعندما أخبرنا أخي بكل شيء وقد كان خائفا لم أتمالك، وذهبت أنا وأمي معه إلى المدرسة، كانت أمي تنوي توبيخ الشاب فقط، والتحدث مع الإدارة، ولكنني حالما رأيته صفعته صفعة قوية أمام باب المدرسة، وأمام أنظار التلاميذ.

وكان هادئا وقال لأمي: أنه لن يتعرض لأخي مرة أخرى، ولكني منذ رجعت البارحة إلى المنزل وأنا أحس بشيء يجثم على قلبي، وأنني ظلمته بفضحه أمام الناس وأمام زملائه بهذه الطريقة، رغم أن بعض زملائه يعلمون بفعله، وسكتوا عنه وكأنهم يعتبرونه مزاحا، لم أستطع النوم من شدة الحزن والخوف، وفي القيام دعوت الله باكية أن يهديه ويغفر لي إن ظلمته.

وما زلت حتى الآن أبكي في حيرة من أمري ضائعة خائفة حزينة لا أدري ما أصنع هل ظلمته؟ وماذا علي أن أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم لتواصلكم معنا وثقتكم بموقعنا

سرنا ما حصل منك من ندم وخوف من ظلم هذا الولد الذي اعتدى على أخيك، وهذا شأن المؤمنة دوما، تراقب الله عز وجل في سلوكها وفعلها مع نفسها ومع الآخرين، مصداقا للآية الكريمة ﴿فَمَن یَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٍ خَیۡرا یَرَهُۥ. وَمَن یَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّة شَرّا یَرَهُۥ﴾ [الزلزلة ٧-٨]

ما حصل منك مع هذا الولد المعتدي والمتحرش، له جانب سلبي وجانب إيجابي، الجانب الإيجابي هو أنك قمت بردعه وتأديبه، وقد اعترف بأنه لن يتعرض لأخيك مرة أخرى، أما الجانب السلبي، فهو أنك قمت بأخذ حق أخيك بيدك دون اللجوء إلى القنوات القانونية المشروعة مثل تقديم شكوى به إلى إدارة المدرسة والتي من المفترض أن تتخذ في حقه الإجراء الجزائي المناسب، كما أنك قمت بصفعه أمام زملائه، والضرب وطريقته كلاهما ليس من اختصاصك، وإنما من اختصاص الجهات المعنية بمتابعة مثل هذه المشاكل السلوكية بين الطلاب.

عموما قد أدى هذا التصرف عمله، ووصلت الرسالة القاسية إلى ذهن هذا الطالب المعتدي، وللخروج من أي حرج شرعي في مسألة ظلم الولد، يمكنك زيارة المدرسة مرة أخرى واستدعاء الطالب والجلوس معه على انفراد أو حتى مع ناظر المدرسة، وفتح حوار معه حول سلوكه مع أخيك، ومع بقية الطلاب، وتقديم نصيحة رقيقة له، تختمين هذه النصيحة بالاعتذار منه عن تلك الصفعة وذلك التصرف الذي حملك عليه شدة الغضب.

بقي أن نشير إلى نقطة هامة تتعلق بأخيك الذي يتعرض للتنمر، يمكنك تحفيزه وتشجيعه، وتقوية ثقته بنفسه، وعدم توبيخه، لأن التوبيخ يضعف الثقة بالنفس، وإن قدرتم على الاشتراك في برنامج للثقة بالنفس، أو زيارة أخصائي نفسي يقدم هذا النوع من الإرشاد المتعلق بتقوية الثقة بالنفس فسيكون هذا أمرا جيدا في حق أخيك.

نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً