الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما رأيكم في أخذ دواء سيرديب (الفلوكسيتين) لعلاج نوبات الهلع والخوف؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حياكم الله تعالى وبارك فيكم على مجهوداتكم القيمة، نسأل الله تعالى أن يتقبل منكم ويرفع قدركم ويجزيكم عنا خير الجزاء.

سأحاول أن أعطي لمحة عن حالتي، رجاء أن تشيروا علي بدواء يناسبني -إن شاء الله-، بالنسبة لي فأنا أعتقد أني إنسان طبيعي إلا أني سريع الانفعال، وعندي توتر وقلق متواتر باستمرار لاسيما عندما تحيط بي الضغوط، كالعمل، وضغوطات البيت بحكم أني لدي ثلاثة أطفال كلهم صغار ليس بينهم كبير فرق وزوجتي قهرتها مشقة التربية، وأجد نفسي أتتبع كل صغيرة وكبيرة في البيت ولا أستطيع التغافل، وهذا يتعبني ويتعب أهلي وجلب لنا مشاكل كثيرة ونقاشات حادة.

صرت عصبيا بكثرة في السنوات الأخيرة، وأحيانا تنتابني نوبات هلع وقلق عند التفكير في بعض المهام التي علي إنجازها في العمل أو عند إرادة التكلم أمام مجمع من الناس، ويتصاعد الدم إلى رأسي ويشتد وجهي، كما أني لا أكاد أقدر أن أصلي بالناس بحيث تتسارع ضربات القلب ويرتعش جسمي ويضيق نفسي، وأفقد شهيتي مجرد وضع الطعام أمامي رغم أني كنت أحس بالجوع مما تسبب لي في فقدان الوزن.

فكرت مؤخرا في أخذ دواء سيرديب (الفلوكسيتين) بعدما قرأت عنه جيدا، فهل تنصحونني به بارك الله فيكم؟ وأعذروني على الإطالة، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على ثقتك في إسلام ويب وعلى كلماتك الطيبات، وأسأل الله تعالى أن يحفظكم، وأن يبلغنا رمضان جميعًا، ويجعلنا من الصائمين القائمين.

أخي: إن شاء الله حالتك حالة بسيطة جدًّا، فمن الواضح أن ما نسميه بالنواة القلقية لديك مرتفعة قليلاً، والقلق - يا أخي - هو طاقة نفسية إنسانية وجدانية مطلوبة، فالذي لا يقلق لا ينجح، لكن فعلاً إذا زاد عن معدله يُؤدي إلى نوعية الأعراض التي ذكرتها. كما أنه - يا أخي - لديك ملامح بسيطة للشخصية الوسواسية، فكما تفضلت أنت تقلق وتتابع التفاصيل، وهذا حقيقة قد يزيد القلق في بعض الأحيان. ولديك مخاوف أيضًا بسيطة، موضوع تسارع القلب وأنك تتجنب الصلاة بالناس، فهذا دليل على وجود المخاوف.

فإذًا تشخيص حالتك هي (قلق المخاوف الوسواسي)، وهذا القلق المخاوف الوسواسي ذا طابع بسيط، وهذا - يا أخي - ليس مرض، هذه مجرد ظاهرة، أنت الحمد لله من الواضح أنك رجلٌ ناجح، ورجل مثابر، وأنك يقظ الضمير، وأريدك أن تكون إيجابيًا في كل شيء، في فكرك وفي مشاعرك وفي عملك، ضروري أن تأخذ قسطًا كافيًا من الراحة، والنوم الليلي المبكر مفيد جدًّا جدًّا، ممارسة الرياضة، ممارسة التمارين الاسترخائية، هذه أيضًا فيها خير كثير لك إن شاء الله تعالى.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنت بالفعل في حاجة لعلاج دوائي بسيط جدًّا، الـ (فلوكستين) - مع احترامي لرأيك - ليس الدواء المناسب بالنسبة لك، لأن الـ (فلوكسيتين) نفسه يزيد اليقظة في بعض الأحيان لدى بعض الناس.

الدواء الأفضل لك هو علاج (اسيتالوبرام) والذي يُسمَّى تجاريًا (سيبرالكس) وأنت لا تحتاج له بجرعة كبيرة أبدًا، أنت تحتاج لجرعة صغيرة، هناك حبة تحتوي على عشرة مليجرام، وحبة أخرى تحتوي على عشرين مليجرامًا، تحصّل على الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام وابدأ بتناول نصفها - أي خمسة مليجرام - استمر على هذه الجرعة البسيطة لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعل الجرعة عشرة مليجرام يوميًا، يمكنك أن تتناولها نهارًا، الدواء لا يُسبب أي نعاس، واستمر على جرعة العشرة مليجرام لمدة ثلاثة أشهر، لا أعتقد تحتاج له أكثر من ذلك، ثم اجعلها خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الاسيتالوبرام.

الدواء قطعًا - يا أخي - سيفيدك كثيرًا إن شاء الله تعالى بعد أسبوعين إلى ثلاثة من بدايته، سوف تحس أن القلق بدأ يخف، وكذلك المخاوف.

أخي: فكرة الخوف يجب أن تحقّرها، ويجب أن تقتحم هذه الفكرة من خلال التجاهل، وصلِّ بالناس، ولن يحدث لك مكروهًا أبدًا يا أخي. كل ما يأتيك من مشاعر هي مشاعر سالبة، لكنه مبالغ فيها، والسيبرالكس سوف يُساعدك كثيرًا، ودائمًا حاول أن تكون في الصف الأول في الجماعة، لأن هذا فيه نوع من التعريض الإيجابي. لا تتجنب المناسبات الاجتماعية يا أخي، بل احرص على القيام بالواجبات الاجتماعية، لأن في ذلك خيرٌ كثير لك.

أخي: أيضًا أريدك أن تُعبّر عن ذاتك ولا تحتقن من خلال الكتمان، الكتمان يزيد من القلق والتوتر.

أنا أشرتُ إلى تمارين الاسترخاء، وأعتقد أنك في حاجة شديدة لها. يمكن أن يُدربك عليها الأخصائي النفسي، لكن إن لم تستطع التواصل مع أخصائي نفسي فيمكنك أن ترجع إلى استشارة إسلام ويب والتي رقمها (2136015) أشرنا في هذه الاستشارة إلى كيفية تطبيق هذه التمارين. كما أنه توجد برامج جيدة جدًّا على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء، خاصة تمارين الشهيق والزفير البطيء والقوي، وتمارين شد العضلات وقبضها ثم استرخائها، وهذه التمارين مفيدة جدًّا، خاصة إذا استصحبها الإنسان بالتأمُّل والتدبُّر وما نسميه بالاستغراق الذهني، فيها فائدة كبيرة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً