الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يحبني الله وأنا أذنب وأعود إلى الذنب؟

السؤال

السلام عليكم.

هل يحبني الله بالرغم من أني أذنب؟ وكيف أتحسس محبة الله لي؟ ومن هم أحباب الله؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Aziza حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختي-، ونحن سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يوفقك. وبخصوصِ ما تفضلت بالسُّؤال عنه فأقول:
• بداية -أختي الفاضلة- أحمدُ الله تعالى لك على هذه النفس المؤمنة التي تتألم على وقوعها في الذنب والمعصية، وما أعطاكِ الله هذه النفس إلا رحمة بكِ ومحبة لكِ، وتوجع القلب من الوقوع في المعصية دليل على حياة القلب، فهذا من نعم الله عليكِ وفضله.

• ثم -أختي الفاضلة- ليس هناك أحد معصوم من الخطأ والزلل، وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقاً يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم) رواه مسلم.

• واعلمي أن القضية ليست في الوقوع في المعصية بحد ذاتها، وإنما بنوع المعصية (هل هي كبيرة أم أنها صغيرة)، وبمدى الاستمرار عليها، وبسرعة العودة والتوبة والاستغفار منها.

• فإذا كان العبد سريع التوبة إلى الله والاستغفار له، متى وقعت منه معصية أو خطيئة، فليبشر بقول الله تعالى: (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون).

• الله مع العبد متى كان العبد صادقاً مع ربه، ومتى تاب إلى ربه وأناب، بل يبدل الله سيئاته حسنات متى كان صادقاً في توبته " إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَٰلِحًا فَأُوْلَٰٓئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمْ حَسَنَٰتٍۢ ۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا".

• الشيطان حريص على غَوَاية الإنسان، وقد قال الله عنه: (قَالَ فَبِمَاۤ أَغۡوَيۡتَنِي لَأَقۡعُدَنَّ لَهُمۡ صِرَ ٰطَكَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ، ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّنۢ بَيۡنِ أَيۡدِيهِمۡ وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ وَعَنۡ أَيۡمَـٰنِهِمۡ وَعَن شَمَاۤىِٕلِهِمۡۖ وَلَا تَجِدُ أَكۡثَرَهُمۡ شَـٰكِرِينَ)، فالشيطان يتخذ كل الوسائل لإضلال الناس وغوايتهم؛ وعليه فأنت الآن في معركة حقيقية مع الشيطان فهل تستسلمين له أم تقفين صامدة قوية أمامه، إن أكبر ما يحرص عليه الشيطان هو أن يوقع العبد في اليأس من رحمة الله؛ لأنه بعد ذلك يكون أسيراً للشيطان يعبث به كما يشاء.

• أخبر الله عز وجل عن سَعَة رحمته ومغفرته لعباده مهما وقع منهم من الذنوب أو المعاصي فقال: (ورحمتي وسعت كل شيء)، وقال: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)، وقال: (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، فهذا عظيم فضل الله ورحمته بعباده. جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فَقَالَ: وَاذُنُوبَاهُ وَاذُنُوبَاهُ، فَقَالَ هَذَا الْقَوْلَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-:( قُلِ اللَّهُمَّ مَغْفِرَتِكَ أَوْسَعُ مِنْ ذُنُوبِي وَرَحْمَتَكَ أَرْجَى عِنْدِي مِنْ عَمَلِي) فَقَالَهَا ثُمَّ قَالَ: (عُدْ) فَعَادَ ثُمَّ، قَالَ: (عُدْ) فَعَادَ، فَقَالَ: ((قُمْ فَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَك(.. كل هذا يفتح للعبد باب الرجاء والمحبة لله والإقبال إليه.

• ومن محبة الله عز وجل لك أن مد في عمرك وأطال فيه، ولم يقبضك على معصية؛ وما هذا إلا من رحمة الله بكِ ولطفه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً