الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أستحيي من تقاضي المال من المرضى.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..

أولا أود أن أشكر القائمين على هذا الموقع الرائع.

من فضلكم أعاني من مشكلة الاستحياء فيما يخص تقاضي المال عندما أزور مريضا في بيته، أنا مقتنع تمام الاقتناع بأنني اخترت هذه المهنة من أجل مساعدة الغير، لذلك أستحيي أن آخذ المال من المريض، هل طبيعي هذا الإحساس وهل سيزول مع مرور الوقت؟

شكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مروان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم لتواصلكم معنا وثقتكم بموقعنا.

ما تشعر به من الحرج من تقاضي المال من المريض عند الذهاب إلى بيته هو نوع من النزاع النفسي بين تقديم المساعدة للمريض وبين المقابل المادي للخدمة؛ وهذا لا يعني أنك مريض نفسيا أو أن لديك خجلا اجتماعيا، وإنما أنت تشعر بحاجة المريض الماسة للمساعدة فتتحرج من طلب المال مقابل الخدمة، خاصة إذا كنت لا تتحرج من هذا الأمر عند العمل داخل العيادة حيث يأتي إليك المريض لا أن تذهب إليه، إن كان ذلك كذلك، فالوضع كما شرحت أعلاه، وإن كنت تتحرج من أخذ المقابل المادي داخل العيادة أيضا بغض النظر عن وضع المريض سواء كان فقيرا أم غنيا فهنا يمكن اعتبار وضعك النفسي يميل نحو الخجل الاجتماعي.

وعموما أخي الكريم، تقديم المساعدة للناس لا تمنع من استيفاء الحق المادي، لأنك لو اقتصرت على تقديم العلاج بدون مقابل فسيأتي يوم تستنفد كل مدخراتك من المال، ولن تستطيع مواصلة تقديم المساعدة للناس.

ومجرد علاجك للمريض هو تقديم مساعدة في حد ذاته، حتى وإن كانت مساعدة مدفوعة الأجر، ويكفي نيتك الطيبة في إعانة الآخرين ورفع الضر عنهم، وقد قال النبي ﷺ :(إنما الأعمال بالنيات).

وعلى قدر نيتك يكون أجرك عند الله تعالى.

وقال تعالى: (وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ).
{البقرة:272}.

وقال الله تعالى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء:114}، قال السعدي في تفسيره: فهذه الأشياء حيثما فعلت، فهي خير، كما دل على ذلك الاستثناء، ولكن كمال الأجر وتمامه بحسب النية والإخلاص؛ ولهذا قال: وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا.
وبهذا يتبين أن فعل الخبر حتى لو لم ترافقه النية فإن صاحبه مأجور، ولكن كمال الأجر وعظمه يعظم مع النية.

نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً