الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل كل الخصومات يجب طلب العفو فيها؟

السؤال

السلام عليكم.

لقد تشاجرت في صغري مع الكثير من الأشخاص، ومنهم ذكور، ولقد مرت سنوات على هذه الخصومات، فهل يجوز لي أن أطلب منهم العفو عن طريقة رسالة فيسبوك دون ذكر الاسم، لأنني أستحي من ذلك؟

أيضا عندما كنت صغيرة -يعني في المدرسة الابتدائية، أو قبل ذلك- تشاجرت مع امرأة في العرس، وأنا لا أتذكر الحادثة أصلا، بل أمي من أخبرتني بها، مع العلم أنه لا توجد أي عداوة بيننا، وأنا لا ألتقي بهذه المرأة، لأنه لا تجمعنا صلة قرابة، فهل هذا النوع من الشجارات الطفولية أيضا يجب طلب العفو من أصحابها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك في موقعنا إسلام ويب، ونرحب بك في أي وقت، ونسأل الله أن يحفظك، وأن يبارك فيك، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به.

أختنا المباركة: إننا نحمد الله إليك هذا الشعور، وهذه المسؤولية تجاه من أخطأت في حقهم وأنت صغيرة، وهذا يدل على تدينك، وعلى خوفك من الله عز وجل، وعلى صلاحية هذه النفس اللوامة التي تلومك على التقصير وأنت صغيرة، وهذا ما ينبغي أن يكون عليه حال المسلم، دائما ما يحاسب نفسه، ويستر ما عليه من أخطاء، ويستغفر الله عز وجل مما وقع فيه من معاص، ويتحصن بالله في كل أحواله، ويحرص على عدم إيذاء الناس ولو بكلمه، لأن هذا من الظلم الذي نهانا الله ونبيه -صلى الله عليه وسلم- عنه، وحثنا على الرجوع إلى الحق ورد المظالم إلى أهله، قال -صلى الله عليه وسلم– : (من كان عنده مظلمة لأخيه فليتحلل منه الآن قبل ألا يكون دينار ولا درهم).

وقد آمن السلف بذلك فصاروا يحرصون على رد ما يرونه مظالم في الدنيا، وإن تنازلوا عن بعض حقوقهم لأجل ذلك، فهذا عثمان بن عفان -رضي الله عنه– في خلافته صعد المنبر وفي يده سوط، وقال للناس: (أيها الناس هذا سوط، من ضربتُ له ظهرًا فليتقدم ليأخذ بحقه، ومن ظلمتُه في عرضه فليتقدم ليأخذ بحقه قبل ألا يكون دينار ولا درهم، ولكنها الحسنات والسيئات).

وأما أنت -أختنا الكريمة- فما حدث معك كان أولا في طفولتك، وثانيا: مع أناس ربما لم تعد الذاكرة تسمح -كما تفضلت- بتذكر حالهم، وعليه فإننا ننصحك بما يلي:
1- من عرفتها ويسهل عليك التواصل معها، وتأمني إن طلبت منها المسامحة، ألا يترتب عليها مشكلة أكبر، فتواصلي معها.
2- بالنسبة للذكور: لا تتواصلي مع أحد منهم مطلقا، فإن هذا لا يجوز شرعا، إلا أن يكونوا من محارمك، ويكفيك الدعاء لهم، أما الذكور من المحارم فتعاملي معهم بنفس المنهج في النقطة السابقة.
3- من لم تتذكريهم فتصدقي عنهم صدقة ولو قليلة، وأكثري من الدعاء لهم أن يصلحهم الله، وأن يرضيهم، وأن يوفقهم، وأن يغفر لهم، وأن يعفو عنهم، وهذا -أختنا- كاف بأمر الله.

ونسأل الله أن يحفظك، وأن يبارك فيك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً