الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحببت صديقتي في الجامعة ولا أريد أن أغضب ربي، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

منذ سنة أو أقل بقليل بدأت أستقيم، فتوقفت عن الشتم، وبدأت أصلي كل صلاة في وقتها وحتى النوافل، لا أصافح النساء، وأغض البصر ما أمكن، يعني عندما أكون في الشارع أحاول بقدر الإمكان أن لا أنظر لأي فتاة، أما في الجامعة وفي القاعة الدراسية فنسبة لكثرة البنات وكثرة الحركة أحاول أن أتجنب أكبر قدر من النظر، أتجنب النميمة والغيبة، وبدأت أحفظ القرآن، وأتممت جزءا -الحمد لله-، وربنا يوفقني فيما تبقى، وعملت مجموعة واتساب أشجع الناس على حفظ القرآن، ولله الحمد الناس بدأت تحفظ.

أنا أتكلم مع صديقتي في الواتساب، هي في نفس المجال، ندرس تخصص معمار، هي أصغر مني بسنتين، وهي فتاة -ما شاء الله- مهذبة، محجبة، لا تصافح الرجال، وعقلها كبير، واعية، تساعدني في المشاريع والشغل.

في الآونة الأخيرة أحببنا بعضنا مع أني أعرف أن هذا خطأ، وأنه يمكن أن يحسب علي سيئات؛ إلا أني في الجانب الآخر أكثر من التسبيح والاستغفار، وأي شيء أقدر أكفر به هذه السيئات، وهي كذلك تعمل نفس الشيء، لا نخلو ببعض، لكن في الجامعة نجلس في القاعة الدراسية، ونكون في عدد كبير من الناس، ونكون في نقاش أو نتكلم عن الدراسة، ومرات نلعب على اللاب توب الخاص بي، مع تجنب اللمس ولو حتى بالخطأ.

سؤالي: قرأت بأن هذا يكون غدرا بالأب أو الأخ، مع أني أحاول قدر الإمكان أن أكون شخصا جيدا وصالحا معها، وإذا رأيت منها خطأ سواء في الدين أو أي شيء أنصحها، وهي كذلك بالمثل.

أرهقني التفكير في هذه المشكلة، وأنا أحب الفتاة وفي نفس الوقت لا أريد أن أغضب ربنا!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن فهم النفس البشرية وألاعيبها يساعدك على ترويضها، ومن سردك للمشكلة يتضح أنك تفهم ألاعيب النفس، وتدرك تماما أن نفسك تلاعبك، أسأل الله أن يعينك على ترويضها وإلجامها.

ونصيحتي لك -أخي الكريم-، إما الفراق أو الزواج، لما ورد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث: (لم ير للمتحابين مثل النكاح)، ومن قولك فقد ظهرت علامات استلطاف وإعجاب بينكما، فإما أن تُكمل وتكلل العلاقة بالخطبة أو الزواج، أو تفارق ولا تعلق قلب البنت بك.

اعلم -أخي الكريم- أن النساء فتنة من ضمن الفتن المعروضة عليك، كما أنت لها فتنة أيضا، وقد قال الله -عز وجل- (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا)، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما تركت بعدي فتنة أشد على الرجال من النساء)، فوجب اتخاذ الحيطة والحذر في التعامل معهن، واعتبارها فتنة معروضة عليك تختبر بها إيمانك، فكن حذرا ولا تسقط في الاختبار.

وتلك صيحة تحذير أخرى أطلقها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: "إن الدنيا حلوةٌ خضرةٌ، وإن اللهَ مستخلفُكم فيها، فينظرُ كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساءَ، فإن أولَ فتنةِ بني إسرائيلَ كانت في النساءِ"، فتذكر أنك الآن في اختبار، إما أن تجتازه بالفراق أو الخطبة، أو ترسب فيه بالوقوع في المعصية وإكمالها.

لا أحد يحب ما تفعله مع أخته، ولا أنت تحبه لأختك، وإن من تجالسها لها أب وأخ لا يرضون ذلك، وتذكر حديث الغلام الذي جاء للنبي فاسئذنه في الزنا وأدبه النبي بعرض الفكرة ذاتها على محارمه كي يرتدع فقال: (أتُحبُّهُ لأُمِّكَ؟ قالَ: لا واللَّهِ، جعَلَني اللَّهُ فِداءَكَ، قالَ: ولا النَّاسُ يُحبُّونَه لأُمَّهاتِهِم. قالَ: أفتحبُّهُ لابنتِكَ؟ قال: لا واللَّهِ يا رسولَ اللَّهِ، جعَلَني اللَّهُ فِداءَكَ، قالَ: ولا النَّاسُ يحبُّونَه لبَناتِهِم. قالَ: أفتُحبُّهُ لأُخْتِكَ؟ قال: لا واللَّهِ، جعَلَني اللَّهُ فِداءَكَ)، فكلما جاءت كي تتحدث معك، ضع في مخيلتك أن هذه أختك أو بنتك، لعل تلك الفكرة تكون صارفة لأي نية سيئة.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً