الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالفتور في العبادة، فكيف أستعيد نشاطي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذ سنة أو سنتين كنت أستلذ بالطاعة، وأجد حلاوة الإيمان، وأشعر بحب الله ورسوله في قلبي، أما الآن فلا أدري ما الذي جرى، فقدت كل ذلك، علمًا أنني لا أرتكب الكبائر -بفضل الله-، وأحاول إصلاح قلبي ونفسي قدر المستطاع، هل يوجد حل؟

شكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فجر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى لك بمزيد من التوفيق، ونسأله سبحانه وتعالى أن يهدي قلبك ويزيدك هدىً وصلاحاً، وما وصفته -أيتها البنت العزيزة- ليس شيئاً غريباً، فإن قلب هذا الإنسان يتقلب بين شدة الرغبة وفتورها، وبين الإقبال والملل والإدبار، ولم يسمى قلب إلا لتقلبه، كما قال الشاعر وهل سمي الإنسان إلا لنسيه ولا القلب إلا أنه يتقلب.

والرسول -صلى الله عليه وسلم- يصف القلب بأنه كالشعرة المعلقة أو كالريشة المعلقة في مهب الريح، يعني فتقلبه الريح مرة يميناً ومرة يساراً وهكذا، فلا يستغرب أبداً أن يتعرض الإنسان لحالات من النشاط والرغبة والجد في الطاعات، وتعقب هذه الفترة وتليها فترة فيها نوع من الفتور أو الملل أو نحو ذلك، والله تعالى لا يؤاخذنا بهذا، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يخبرنا في الأحاديث عن هذه الحالة، ولكنه -عليه الصلاة والسلام- يحذرنا فقط من الوقوع في المحرمات، أو ترك الواجبات عند هذه الظواهر، أو عندما نتعرض لهذه الحالة.

فيقول -عليه الصلاة والسلام- : "إن لكل عبادة شرة ولكل شرة فترة"، يعني لكل عباد رغبة وإقبال ثم بعد هذه الرغبة فتور، ثم يقول: "فمن كانت فترته إلى سنة فقد اهتدى ومن كانت فترة إلى غير ذلك فقد هلك"، فهذا هو الميزان الذي ينبغي للإنسان المؤمن أن ينتبه له ويحرص على لزومه وعدم مخالفته.

أما كيف يستعيد الإنسان نشاطه في الخير ورغبته في العمل الصالح فهناك أسباب ينبغي لك أن تأخذي بها، أول هذه الأسباب: الرفقة الصالحة، فحاولي أن تتعرفي على النساء الطيبات والفتيات الصالحات، وأن تجالسيهن، فإن الصاحب ساحب كما يقول الحكماء، والمرء على دين خليله، والإنسان بطبيعته مدني يتأثر بمن حوله، ومن الأسباب أيضاً -أيتها البنت الكريمة- أن تنوعي بين الأعمال الصالحة حتى لا تشعري بالملل، فالأعمال الصالحة كثيرة، مرة بذكر الله، ومرة بقراءة القرآن، ومرة بتعلم الخير، ومرة بتعليمه ومجالسة من يحتاج إلى تعليم، ومرة بالصدقة وهكذا.

فإن هذا يطرد عن النفس السأم والملل، وسماع المواعظ التي تذكر بالآخرة وما أعده الله تعالى لأهل الإيمان والصلاح من الخير الكبير والأجر الجزيل من خير ما ينشط هذا الإنسان ويدفعه نحو الاستزادة من العمل الصالح، ولهذا دائماً ما يربط النبي -صلى الله عليه وسلم- بين الإيمان بالآخرة والعمل الصالح، فيقول: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخرة فليكرم ضيفه، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره"، إلى آخر هذا النوع من الأحاديث التي فيها الربط بين الإيمان باليوم الآخر والعمل الصالح.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يأخذ بيدك إلى كل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً