الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الوحدة القاسية، فبماذا تشيرون عليّ؟

السؤال

السلام عليكم

عمري 21 سنة، أدرس بكلية الطب البشري، أعاني من الوحدة الشديدة، فلا يوجد لدي أصدقاء، وهناك تفكك أسري بسبب الخلافات بين الأب والأم، ولكننا نحاول التغلب عليها، ونتيجة لذلك التفكك صار لدي نوع من الجفاف العاطفي، لا يوجد من أتحدث معه، أحاول طوال الوقت أن أتقرب إلى الله بالصلاة، وقيام الليل، والدعاء، ولكن الوحدة ما زالت قاسية، هل تعرف معنى أن تعيش داخل عقلك طوال الوقت؟ فقد عشت معظم حياتي داخل رأسي أكثر من الخارج.

في آخر إجازة لي كانت لدي أحلام كثيرة بأن أخرج وأسافر وأزور أماكن، ولكن للحظة تذكرت مع من سأخرج؟ وما هي أوقات المتعة إن لم نقتسمها مع أحد؟ وعدت وحيداً مرةً أخرى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم لتواصلكم معنا وثقتكم بموقعنا.

جميل أن تشارك متعتك مع شخص آخر.

لكن هذا لا يعني -بالضرورة- أن المتعة لا تحصل إلا بالمشاركة، وقد أعجبنا تعبيرك (عشت معظم حياتي داخل رأسي)، فالعبرة ليست في توفر الموارد الخارجية بقدر ما هي في الأفكار والقناعات، والتي تصل أحيانا إلى الشعور بالرضى والطمأنينة القلبية التامة رغم قساوة الظروف المحيطة، وهنا يحضرنا صورتان:

إحداها: لصحابي جليل هو: بلال بن رباح رضي الله عنه.

والثانية: لعالم جليل هو: شيخ الإسلام ابن تيمية، وكل منهما عبر عن وضع (الأفكار داخل رأسه) بطريقته الخاصة، فقد كان يعذب في رمضاء مكة، فسئل: كيف صبرت يا بلال؟ قال: "مزجت حلاوة الإيمان بمرارة العذاب، فطغت حلاوة الإيمان على مرارة العذاب؛ فصبرت".

وهنا موازنة هامة جًدا لكسر حدة الألم الذي لا يتحمله كثير من الناس إلا من رزق إيمانًا راسخًا.

وأما ابن تيمية -رضي الله عنه- فقد سجن عدة مرات فقال: "ما يصنع أعدائي بي، أنا جنتي في قلبي، وبستاني في صدري، أين رحت فهي معي لا تفارقني، أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة".

فالقضية برمتها هي تلك الصورة الذهنية التي تضعها في رأيك عن نفسك المرتبطة بغايتك وهدفك في هذه الحياة، وهو موضوع كبير لكنه مهم، ومهم جدًا أن يسعى المرء في تصحيح نيته وتحديد أهدافه في الآخرة، والتقرب إلى الله تعالى، فهذا من أعظم الأسباب المعينة له على سلوك الطريق القويم، والشعور بالسعادة في الدنيا قبل أن يشعر بها في الآخرة.

ومع ذلك -أخي الكريم- فيمكنك:
- البحث مجددًا عن صديق.
- قراءة بعض سير الصحابة وعظماء الإسلام، وننصحك بكتاب (قصص من حياة الصحابة) لرأفت الباشا.
- التقرب إلى الله تعالى بالليل أمر مفيد ومهم وأنت تقوم به، ولكن من الأفضل كذلك المحافظة على صلاة الجماعة.
- يمكنك البحث عن هواياتك المختلفة، وتحديد جدول لممارستها، مثل المشي، أو دخول صالة جيم إن كانت متاحة، أو الرسم، أو لعبة مفيدة.

نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً